أعلن جيش
الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء،
البدء في توزيع
المساعدات جنوب قطاع
غزة وفق الآلية الجديدة وبتنفيذ من الشركة
الأمريكية الأمنية، فيما أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن الاحتلال فشل فشلا
ذريعا في مشروع توزيع المساعدات بمناطق العزل "العنصرية".
وبحسب شهادات حية حصلت عليها "
عربي21" من مواطنين
كانوا متواجدين في منطقة "المواصي"، فقد بدأت أعداد قليلة من
الفلسطينيين ظهر الثلاثاء، بالتوجه إلى مركز توزيع المساعدات الكائن قرب
"دوار العلم" غرب مدينة رفح جنوب القطاع، وعادوا بصناديق كرتونية تحتوي
على مواد غذائية.
ومع بث قنوات عبرية وإعلام الاحتلال لفيديوهات
ومقاطع صور تظهر عملية توزيع المساعدات، بدأت الأعداد تتزايد وتتجه إلى مركز توزيع
المساعدات، في ظل المجاعة التي يعاني منها الفلسطينيون، بسبب الحصار الإسرائيلي
المتزامن مع حرب الإبادة الوحشية.
وذكرت القناة الـ12 العبرية أن "الطرود التي تم
توزيعها تشكل مواد غذائية، مكونة من دقيق وسكر وزيت وأرز ومعكرونة ومعجون وطماطم
ومعلبات".
وقال شهود عيان لـ"
عربي21" إنّ "مسار
الوصول إلى مركز المساعدات يقع ضمن المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال غرب
مدينة رفح"، مشيرين إلى أن "المركز محاط بسياج وبوابة أمنية عليها بصمة
عين".
ولفت الشهود إلى أنه نتيجة لتدافع الفلسطينيين
والحشد الكبير، باتت الشركة الأمريكية تفقد السيطرة على توزيع المساعدات، ما أدى إلى هروب المسلحين التابعة للشركة، وأطلقت
طائرات الاحتلال نيرانها لتفريق الفلسطينيين، مؤكدين في الوقت ذاته أنهم رصدوا
عدد من الحالات التي تم اعتقالها من قبل جيش الاحتلال.
المساعدات في إطار عمل أمني
ولم تؤكد المصادر الرسمية الاعتقالات، إلا أن وزارة
الداخلية بغزة حذرت في بيان وصل "
عربي21" نسخة منه، أن "الاحتلال
يستخدم المساعدات في إطار عمل أمني واستخباري، تحت غطاء مؤسسة غزة الممولة
إسرائيليا".
وأضافت الوزارة أن "وصول المساعدات الإنسانية
لكل مواطن في منطقة سكنه، هو حق كفلته كل القوانين الدولية"، منوهة إلى أن
"المحاولة الالتفافية من الاحتلال لإدخال المساعدات بآلية جديدة ستبوء بالفشل،
كما فشلت محاولاتهم السابقة".
ودعت الفلسطينيين إلى التحلي بالمسؤولية في هذه
الظروف الصعبة، وعدم التعرض لشاحنات المساعدات أثناء دخولها.
إصابات وشهداء
من جهته، أفاد أحد طواقم الدفاع المدني بمدينة رفح لـ"
عربي21"، بأن حصيلة الإصابات في مواصي رفح خلال استلام المساعدات من نقطة التوزيع، بلغت 47 إصابة، وتم نقلهم إلى مستشفى الصليب الأحمر، عبر إسعافات وحدة الإسعاف والطوارئ بمستشفى أبو يوسف النجار.
ولفت المصدر ذاته إلى أن هناك أنباء تتحدث عن وجود شهيدين على الأقل، عند "دوار العلم" غرب مدينة رفح، ولم يتم انتشالهم حتى اللحظة.
وفي سياق متصل، أفاد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق
الإنسان رامي عبده في تغريدة عبر منصة "إكس"، بأن "المساعدات التي جرى
توزيعها اليوم في رفح جنوبي قطاع غزة، سرقتها الشركة الإسرائيلية الأمريكية والجيش
الإسرائيلي من مؤسسة رحمة العالمية".
وأضاف عبده أن "الشركة الإسرائيلية الأمريكية خدعت
مؤسسة رحمة، واستولت على عدد من شاحناتها ثم وزعتها".
من جانبه، أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان
وصل "
عربي21" نسخة منه، أنّ "مشروع الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع
المساعدات في ما يُسمّى "المناطق العازلة" قد فشل فشلاً ذريعاً وفقاً
للتقارير الميدانية ووفقاً لما أعلن عنه الإعلام العبري كذلك، بعدما اندفع آلاف
الجائعين، الذين حاصرهم الاحتلال وقَطَع عنهم الغذاء والدواء منذ حوالي 90 يوماً،
نحو تلك المناطق في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء
على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل، وتدخل قوات الاحتلال بإطلاق النار وإصابة عدد
من المواطنين، ما يعكس بوضوح الانهيار الكامل للمسار الإنساني الذي تزعمه سلطات
الاحتلال".
وتابع المكتب قائلا: "ما حدث اليوم هو دليل
قاطع على فشل الاحتلال في إدارة الوضع الإنساني الذي خلقه عمداً، من خلال سياسة
التجويع والحصار والقصف، وهو ما يُشكّل استمراراً لجريمة إبادة جماعية مكتملة
الأركان بموجب القانون الدولي، لا سيّما المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة
الإبادة الجماعية لعام 1948".
وذكر أن "إقامة "غيتوهات عازلة"
لتوزيع مساعدات محدودة وسط خطر الموت والرصاص والجوع، لا تعكس نية حقيقية
للمعالجة، بل تُجسّد هندسة سياسية ممنهجة لإدامة التجويع وتفكيك المجتمع
الفلسطيني، وفرض مسارات إنسانية مُسيّسة تخدم مشروع الاحتلال الأمني والعسكري".
وحمّل الاحتلال كامل المسؤولية القانونية والإنسانية
عن حالة الانهيار الغذائي في غزة، معربا عن إدانته لاستخدام المساعدات كسلاح حرب
وأداة للابتزاز السياسي، وإصرار الاحتلال على منع دخول الإغاثة عبر المعابر
الرسمية والمنظمات الأممية والدولية.
وطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن بـ"التحرك
الفوري والفعّال لإيقاف الجريمة، وفتح المعابر بشكل عاجل ودون قيود، وتمكين
المنظمات الإنسانية من أداء مهامها، بعيداً عن تدخل الاحتلال وأجنداته".
كما طالب بإيفاد لجان تحقيق دولية مستقلة لـ"توثيق
جريمة التجويع، وتقديم قادة الاحتلال إلى المحاكمة على جرائم الحرب والجرائم ضد
الإنسانية"، مناشدا الدول العربية والإسلامية والدول الحرّة في العالم للتدخل
الفوري، وتفعيل مسارات إنسانية مستقلة وآمنة، تكسر الحصار، وتمنع الاحتلال من
مواصلة استخدام الغذاء كسلاح قذر في حرب الإبادة.
وأعرب المكتب الإعلامي الحكومي عن رفضه القاطع لأي
مشروع يعتمد "مناطق عازلة" أو "ممرات إنسانية" تحت إشراف
الاحتلال، الذي هو نفسه يجوّع المواطنين ويقتلهم، مضيفا أننا "نعتبرها نسخة
حديثة من الغيتوهات العنصرية التي تعمّق العزل والإبادة بدلاً من إنقاذ الضحايا".
وختم قائلا: "ما يجري في غزة جريمة كبرى أمام
مرأى العالم، والسكوت عنها هو تواطؤ مفضوح. وسنواصل دق ناقوس الخطر باسم شعبنا
الفلسطيني العظيم، ونُحمّل الاحتلال، والدول الداعمة له، وعلى رأسها الولايات
المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، المسؤولية الكاملة عن
استمرار المجاعة والمذبحة الجماعية بحق المدنيين في قطاع غزة".