أثار إعلان 69 حزبًا سياسيا في
ليبيا انضمامهم إلى مطالب المحتجين والمتظاهرين ضد حكومة "الدبيبة" الكثير من الأسئلة عن تداعيات الخطوة وقدرة هذه الأحزاب على الحشد والإطاحة بالحكومة.
وأعلنت الأحزاب في بيان مشترك تضامنهم مع المتظاهرين الذين خرجوا مؤخرا ضد
حكومة الدبيبة وتبني مطالبهم "المشروعة"، مشددين على ضرورة حماية المحتجين وضمان سلامتهم، وعدم التعرض لهم بأي شكل من الأشكال".
"جمعة الحسم وإسقاط الدبيبة والمنفي"
ودعا تجمع الأحزاب الليبية إلى
مظاهرات حاشدة يوم الجمعة القادمة في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس تحت شعار "جمعة الحسم" لإسقاط حكومة الدبيبة والمطالبة أيضا برحيل المجلس الرئاسي ورئيسه "المنفي".
كما دعت الأحزاب إلى رحيل كل الأجسام السياسية التي لم تعد تمثل إرادة الليبيين، مطالبة البعثة الأممية لدى ليبيا بالاضطلاع بدورها في دعم تطلعات الليبيين في التغيير الشامل، لا في دعم الوضع القائم أو دعم أطراف لم تعد تملك أي شرعية شعبية"، وفق بيان.
في المقابل، تداولت أنباء عن قيام موالون لرئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة بحشد آلاف المتظاهرين للمطالبة ببقاء الحكومة وشرعية عملياتها ضد الميليشيات المسلحة، وأن الحشد سيكون من مدينة مصراتة "مسقط رأس الدبيبة" وستكون تحت تأمين قوات الداخلية وقوات اللواء 444 قتال.
فما قدرة الأحزاب السياسية في ليبيا على الحشد لإسقاط الدبيبة؟ وهل يتصادم المؤيدون والمعارضون وتقع حرب أهلية؟
"ظاهرة جديدة تدعم الديمقراطية"
من جهته، قال عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي ومجلس الدولة، أحمد لنقي إن "ميدان الشهداء في العاصمة طرابلس أشبه الآن بحديقة "هايد بارك" في لندن ساحة مفتوحة أمام الجميع لإبداء الرأي بالشأن العام دون خوف، وهذه ظاهرة جديدة لتدعيم الديمقراطية الوطنية في ليبيا، ونأمل أن تنتقل هذه الظاهرة الرائعة إلى المدن الكبرى في ليبيا".
وأشار في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إلى أنه "بخصوص قدرة الأحزاب السياسية في ليبيا على تحريك الشارع ضد الحكومة، ننتظر إلى يوم الجمعة القادم لنرى النتائج، أما عن حدوث تصادم بين المعارضين للحكومة والمؤيدين لها فلا أعتقد أنه سيحصل مثل هذا التصادم، على الرغم من أنه قد يكون هناك مندسون لتشويه المشهد الديمقراطي الذي بدأ يتشكل في ليبيا"، وفق تقديراته وتصريحه.
"فشل حزبي واضح"
في حين رأى عضو اللجنة السياسية بالأعلى للدولة الليبي، أحمد همومة أن "ثقافة التظاهر معدومة عند الليبيين والدليل على ذلك أنه عندما تخرج مظاهرة لأي سبب لا بد وأن يصاحبها تكسير وعبث وإتلاف للممتلكات العامة والخاصة، مما يعطي مؤشرا أن الذين يخرجون للتظاهر ليسوا هم أصحاب الحقوق والمطالب المشروعة مثل الحرية والعدالة والديمقراطية".
وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أن "مشاركة الأحزاب السياسية في التظاهر لن تزيد من زخم الاحتجاجات أو تنقصها، كون الأحزاب في ليبيا لم تبن بشكل صحيح وعلى أسس وقواعد تمكنها من احتضان الممارسين الحقيقيين للسياسة رغم أن الشارع الليبي مسيس وما ينقصه هو الثقافة الحزبية التي فشلت كل الأحزاب في ليبيا أن ترسخها في العقلية الليبية"، حسب تعبيره.
وأضاف: "ما نراه من كم هائل من الأحزاب في ليبيا دليل على أن هذه الأحزاب لا أثر ولا تأثير لها على عموم الشعب حتى أكبر حزبين (تحالف القوى الوطنية والعدالة والبناء) شاهدناهما مع بداية الثورة في انتخابات المؤتمر الوطني العام لكن الآن تفككوا ولم ولن يكون لهم تأثير في قادم الأيام، وبالتالي الأحزاب تعتبر خارج دائرة التأثير على المواطن".
وختم تصريحه بالقول: "وبخصوص مظاهرات مؤيدة للحكومة لا أعتقد ذلك لأن الناس لا تريد الصدام في طرابلس وسئمت العنف ومظاهر التسلح والفوضى وتبحث عن الاستقرار والعيش الآمن"، بحسب رأيه.
"دور الحكومة والأحزاب والمحتجين"
نائب رئيس حزب التغيير الليبي (مستقل)، أحمد بن رجب قال من جانبه إن "بعض الأحزاب أعلنت انضمامها للمظاهرات ضد حكومة الدبيبة، لكنها ليست من دعت إليها ومشاركتها ستكون محدودة بسبب أنها ليست من تقوم بتحشيد الشارع في ظل ضعف المشهد الحزبي الليبي عموما".
وأشار إلى أن "موقفهم الحزبي يدعم مطالب الشعب الليبي في كل المدن بضرورة تشكيل حكومة جديدة موحدة تهيئ إلى انتخابات تشريعية ورئاسية واستكمال المسار الدستوري، لكن في الوقت نفسه يرفض بشدة كل أشكال العنف أو تعريض حياة المواطنين والممتلكات للخطر من أي طرف وأن التظاهر السلمي حق مشروع وعلى المؤسسات الأمنية ضمان سلامة المتظاهرين"، وفق قوله.
وتابع في تصريح خاص لـ"عربي21": "أما خروج مظاهرات مؤيدة للحكومة فهو احتمال وارد ومن حق كل مواطن التعبير عن رأيه، لكن بشكل سلمي دون صدام وهذا يتطلب جهودا مشتركة من الحكومة عبر تأمين الحماية ومن المعارضين عبر الالتزام بالسلمية"، كما صرح.