شهدت العاصمة
اليمنية المؤقتة،
عدن، جنوبي البلاد، السبت، تصاعدا في وتيرة الحراك الشعبي المندد بتدهور الأوضاع المعيشية وتردي الخدمات، بعد يوم من خروج حاشد لنساء المدينة الساحلية بنفس المطالب التي رفعها المتظاهرون السبت.
واحتشد الآلاف من المواطنين إلى ساحة العروض في مدينة خور مكسر، شرق عدن، رافعين شعارات تندد بتردي الخدمات من كهرباء ومياه وتدهور الأوضاع وانقطاع رواتب الموظفين العموميين.
يأتي ذلك وسط انتشار أمني كثيف من قبل قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات الذي يدير عدن بالشراكة مع
الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وهتف المتظاهرون بهتافات مناوئة لسلطات المجلس الانتقالي "برع برع" "والشعب يريد إسقاط الفساد"، في منحى جديد وبعد أيام من تعيين رئيس جديد للحكومة اليمنية التي تتخذ من عدن مقرا لها.
ووسط هذه الحشود، بدأت القوات التابعة للانتقالي بتفريق المتظاهرين من ساحة الاحتشاد بالقوة، حيث أظهرت مقاطع مصورة إطلاق نار كثيف من قبل عناصر مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي.
فيما أظهرت مقاطع أخرى اعتقال عدد من المحتجين ونقلهم على المركبات العسكرية التابعة لقوات الانتقالي إلى أماكن مجهولة، وفق ناشطون.
"جريمة وقبح"
وفي السياق، قال الصحفي اليمني أحمد ماهر، إن ما حصل في عدن، من قيام المجلس الانتقالي بالركوب على المظاهرة التي خرجت للتعبير عن رأيها والمناداة بحقوقها "قبح وجريمة".
وأضاف ماهر في تصريح لـ"عربي21" أن خروج أبناء عدن للمطالبة بالخدمات، فيما أراد المجلس الانتقالي تسيس المظاهرة لصالحها من خلال رفع أعلامه فضلا عن صعود مجموعة تابعة له إلى منصة ساحة الاحتشاد بقيادة "أبو همام" وهو قيادي في المجلس الانتقالي، لكن تم رفض ذلك من قبل الشباب المحتجين الذين قاموا برمي قنينات مياه، رفضا لهذا الاستفزاز.
وأشار الصحفي والمعتقل السابق في سجون المجلس الانتقالي بعدن إلى أنه بعد ذلك، بادرت قوات الانتقالي بإطلاق النار لتفريق المحتجين، واعتقال عدد من المتظاهرين.
وأكد على أنه من حق الناس أن تعبر عن آرائها وأن تطالب بحقوقها حتى لو كانت ضد المجلس الانتقالي نفسه، متسائلا في الوقت نفسه: ألم يخرج المجلس الانتقالي ضد الحكومة الشرعية واقتحم قصر المعاشيق الرئاسي (2019) وطرد أعضاء الحكومة منه؟ والآن، لماذا يستنكرون على شباب عدن الخروج للمطالبة بحقوقهم؟
وفي سياق متصل، قال بيان صادر عن اللجنة الأمنية في العاصمة المؤقتة للبلاد، عدن، (أعلى سلطة أمنية يدرها المجلس الانتقالي) إنه في ختام التظاهرة التي شهدتها ساحة العروض عصر اليوم، قامت مجموعة من العناصر المندسة بين صفوف المتظاهرين بمحاولة الاعتداء المباشر على الأطقم الأمنية وأفراد قوات الأمن، إضافة إلى إثارة أعمال الشغب، وإغلاق الطرقات، في تصرفات خارجة عن إطار السلمية، تهدف إلى تعكير صفو الأمن واستغلال الحريات المكفولة لأغراض تتنافى مع القيم المدنية والنظام العام.
وأضافت أن هذه الأعمال المرفوضة تمثل تهديدا مباشرا لأمن المواطنين واستقرار العاصمة، ولا تخدم سوى الأجندات التخريبية التي تسعى لزعزعة السلم الأهلي وجهود ترسيخ الأمن والاستقرار.
وأقرت السلطات الأمنية التي يديرها المجلس الانتقالي بعدن "منع تنظيم أي تظاهرات أو فعاليات جماهيرية في الوقت الراهن، إلى حين التأكد من توافر الظروف التي تضمن سلميتها والتزام منظميها بالضوابط القانونية".
والجمعة، شهدت عدن تظاهرة نسائية، حيث احتشدت المئات من نساء المدينة الساحلية إلى ساحة العروض للتنديد بتدهور الأوضاع المعيشية وللمطالبة بتحسين الخدمات.
ومنذ سنوات تشهد العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، أزمة في توليد الطاقة الكهربائية، إلا أنها تضاعفت مؤخرا، وصلت حد الانقطاع الكلي بسبب نفاذ الوقود.
ووصلت مدة انقطاع التيار الكهربائي في مدينة عدن، مقر الحكومة اليمنية المعترف بها، إلى ما يزيد عن 11 ساعة يوميا، وسط عجز رسمي لمعالجة هذه الأزمة التي أرقت سكان العاصمة المؤقتة.
وأدت أزمة شبكة الكهرباء إلى تزايد الغضب الشعبي والاحتجاجات المنددة بذلك، إذ شهدت مناطق مختلفة من عدن منتصف العام الماضي
احتجاجات وخروج الناس إلى الشوارع تنديدا بتدهور الخدمات العامة ومنها الكهرباء.
وأضرم المحتجون حينئذ، النيران في إطارات السيارات، وأغلقوا عددا من الشوارع، احتجاجا على حالة التردي المتواصل للأوضاع المعيشية والخدمات العامة، في عجز حكومي عن حل هذه المعضلة.
وتنفق الحكومة اليمنية ما يعادل 1.200 مليار دولار سنويا بواقع 100 مليون دولار شهريا من أجل توفير الوقود واستئجار محطات توليد الكهرباء، فيما لا تصل الإيرادات إلى 50 مليون دولار سنويا، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز" الأمريكية.
فيما يشهد الريال اليمني انهياراً غير مسبوق فاقم من الأوضاع المعيشية الصعبة وزاد من تدهور الحالة الإنسانية في البلاد، في وقت يعيش فيه معظم السكان تحت خط الفقر، ضمن أزمة صنفتها الأمم المتحدة كواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.