سياسة دولية

وزير إسرائيلي: مهاجمة الحكومة للجيش تضعفه وتقلّل فرص نجاح الحرب على غزة

الوقت عنصر محوري في إدارة الحرب لأن تكاليفها في غضون أسابيع قليلة تختلف- جيتي
في الوقت الذي تتواصل فيه الصراعات الداخلية بدولة الاحتلال، ما يُهدد سير العدوان على غزة، فإن الشكاوى ضد جيش الاحتلال تستمر، ممّا ينذر بعدم تحقيق النتائج المرجوة، في ظل حكومة يمينية تُضعف تحقيق فرص النصر المزعوم.

وقال وزير القضاء الأسبق، دانيال فريدمان، إنّ "وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي هاجم رئيس هيئة الأركان إيال زامير، يفتقر للثقافة السياسية مع شخص كرّس عقودًا من حياته للخدمة في أدوار قتالية في الجيش".

وتابع في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، وترجمته "عربي21": "مهاجمة سموتريتش لزامير تكشف عن انفصاله عن الواقع، وليس لديه السلطة السياسية للقيام باستبداله، كما هدّده بذلك، بل يفتقر لأي منطق في حديثه هذا".

استبدال نتنياهو
أضاف فريدمان بأن: "هجوم سموتريتش على زامير يُغفل عوامل خارجة عن سيطرته تمنع تحقيق "النصر المزعوم" في غزة، فحماس ليس لها أعداء في الساحة الداخلية، حكمها في غزة مطلق، ولديها شبكة طويلة من الأنفاق، وهي مسألة مؤلمة تُثقل كاهل إدارة الحرب، وطوال الحرب الطويلة، لم يسع نتنياهو لتشكيل حكومة تُنافس حماس، وهكذا، ظلّت الحركة الحاكم الوحيد في القطاع".

وأشار إلى أنّ: "الصعوبات في غزة تفاقمت على الاحتلال، بسبب إدارة نتنياهو للحرب، المسؤول الأول عن السابع من أكتوبر، والأقل ملاءمة لإدارة الحرب، ودعونا نتذكر ما حدث في دول أخرى، في إنجلترا على سبيل المثال، حين وقّع رئيس الوزراء نيفيل تشامبرلين، اتفاقية ميونيخ مع ألمانيا، التي عززت هتلر، وسلّمته تشيكوسلوفاكيا".

"كانت خطوة على طريق الحرب العالمية الثانية، وبعد اندلاعها، تم استبداله، في عملية داخل الحزب دون انتخابات عامة، وعُيّن ونستون تشرشل مكانه، وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية" وفقا لفريدمان. 

وأوضح أنه: "لو بقي تشامبرلين في منصبه، فمن المشكوك فيه أن تكون إنجلترا نجت من الحرب، هذا ما كان يجب أن يحدث بدولة الاحتلال، لو ظلّ الليكود عمودًا فقريًا، وعمل بشكل صحيح، وعمل على استبدال زعيمه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تدير الحرب، ولهذا، لم تكن هناك حاجة للانتخابات".

وأردف: "لكن عدم حدوث ذلك يُظهر ضعف النظام السياسي الإسرائيلي، الذي دخل في حربٍ عصيبة مع قائدٍ لا يحظى بثقة الجمهور، لأنه لو أُجريت انتخاباتٌ قرب السابع من أكتوبر، لكان الليكود بقيادة نتنياهو تجاوز العتبة الانتخابية بفارقٍ ضئيل". 

أكتوبر
أكد أنه "كما حدث في إنجلترا في عهد تشامبرلين، فقد شهد الاحتلال استبدال الحكومة بإجراءاتٍ حزبيةٍ داخلية عقب حرب 1973، بحيث انتهت الحرب الصعبة على الجبهة المصرية في غضون ثلاثة أسابيع تقريبًا، على عكس الحرب الحالية التي لا تزال بلا نهاية في الأفق".

ومضى بالقول إنه: "نتيجةً لهذا الفشل الذريع، اضطرت رئيسة الوزراء، غولدا مائير للاستقالة، تحت ضغط شعبي، ومن خلال عملية داخلية للحزب، ودون انتخابات عامة، وأُجريت الانتخابات بعد الحرب، فاستقالت غولدا في أبريل 1974، وانتُخب زعيم جديد مكانها هو إسحاق رابين".

وأكد أنّ: "عجز الليكود، بعد السابع من أكتوبر، عن القيام بخطوة مماثلة، يشير لضعف النظام السياسي الإسرائيلي مقارنةً بوضعه آنذاك، والنتيجة أن نتنياهو يُدير الحرب، وله مصلحة واضحة بإطالتها قدر الإمكان، للحفاظ على حكمه، والنأي بنفسه عن أحداث السابع من أكتوبر".

"بذلك، وجد نفسه في صراع مصالح حاد بين مصلحته الشخصية في إطالة أمد الحرب، ومصلحة الدولة في خوض حرب في أقصر وقت ممكن" أكد فريدمان خلال المقال نفسه.

وأضاف: "نتنياهو كان لديه عدد من الشخصيات في الجيش والمؤسسة الأمنية المسؤولة عن السابع من أكتوبر بجانبه، وكان من الضروري استبدال بعضهم على الأقل في أسرع وقت ممكن، ومن بين أمور أخرى، تعيين رئيس أركان جديد ورئيس جديد لجهاز الأمن العام (الشاباك)".

واسترسل: "لكن حكومة جديدة فقط هي القادرة على القيام بذلك، لأن نتنياهو وحكومته فقدت كل شرعية شعبية، ولم تتمكن من تفسير سبب الحاجة لاستبدال رئيسي الأركان والشاباك، مع بقاء رئيس الوزراء في منصبه". 

لجنة التحقيق
وأكد أنّ: "عذر نتنياهو في التهرب من تحمل المسؤولية، ضرورة انتظار لجنة تحقيق، ومن المشكوك للغاية أنه كان ينوي تشكيلها، والنتيجة أنه لم يتم إجراء التغييرات اللازمة، وشُنّت الحرب بالكامل من قبل المسؤولين عن السابع من أكتوبر، حتى باتت الحكومة اليوم في مواجهة الجيش".

واستدرك: "لا عجب أن نتائج حرب غزة غير مُرضية، ولذلك نشهد موجة من الهجمات من أنصار نتنياهو على الجيش، خاصةً على من ترأسه حتى وقت قريب، رئيس الأركان هرتسي هاليفي، لكن هذا ارتدّ على نتنياهو". 

وذكر أنّه: "إذا فشل رئيس الأركان فعلاً في إدارة الحرب، فلماذا لم يُعيّن رئيس الوزراء بديلاً له، أليس هذا فشلاً ذريعاً آخر له، فيما يشنّ صراعا جديدا ضد رئيس الشاباك، رونين بار، بدعوى فشله في منع السابع من أكتوبر، التي وقعت قبل أكثر من عام ونصف".

وأكد أنه "في الوقت نفسه، يُطلق أنصاره دعايةً مُضادة لسلسلة من أنشطة الشاباك، بما فيها الاعتقالات الإدارية ضد المتطرفين اليهود، ورفض تعيين لجنة تحقيق رسمية، وإنكار شرعيّتها، والآن، فُتحت جبهة جديدة ضد زامير، الذي عيّنته الحكومة مؤخرًا، وبالتالي فإن الحكومة تخوض صراعًا ضد مؤسسات الدولة بزعم أنها فاسدة تمامًا".

واختتم فريدمان المقال بالقول إنّ: "الوقت، عنصر محوري في إدارة الحرب، لأن تكاليفها في غضون أسابيع قليلة تختلف إن استمرت لعام ونصف، لذا، من الواضح أن الصراع الذي تخوضه الحكومة ضد القيادة العسكرية والأمنية يُضعف فرص نجاح الحرب".

واستطرد: "مع أنها مسؤولة عن عوامل إضافية أضرت بالاحتلال، وفاقمت وضعه، بما في ذلك اختيار استراتيجية أدت لإطالة أمد الحرب، ومنع تشكيل حكومة بديلة لحماس، وليس من المستغرب أن تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الجمهور تعتقد أن اعتبارات نتنياهو في إدارة الحرب حزبية أكثر منها جوهرية".