قال خبراء إسرائيليون، إنه على الرغم من عمق
وكثافة الهجمات الأمريكية، على الحوثيين في اليمن، إلا أننا لا نسمع عن إحباط
الحوثيين، لأن الضربات لم تغيير تقييمهم الاستراتيجي، لإطلاق الصواريخ على
الاحتلال، وخاصة
القصف الأخير على مطار بن غوريون.
وفي الوقت الذي يقتنع فيه الاسرائيليون
أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمكتب البيضاوي، أحدثت تحولا في السياسة
الخارجية في مجالات متنوعة، بما فيها قضية الحوثيين في اليمن، حيث شهدت الأشهر
الأخيرة زيادة في وتيرة وشدة الهجمات ضدهم، لكن هناك العديد من الحقائق الرئيسية
التي تسلط الضوء على مدى تعقيد الوضع على الأرض، وتمثل آخرها في ضربة المطار.
مجلة غلوبس العبرية أكدت أنه "رغم الضربات
الأمريكية للحوثيين، لكن حرية الملاحة في البحر الأحمر لم تستعد بعد؛ ومنذ
استئناف الحرب على غزة أواسط آذار/مارس أطلقوا 27 صاروخا باليستيا، تم اعتراضها
جميعا، باستثناء صاروخ واحد أصاب هدفه؛ فيما لم تشارك إسرائيل في الضربات منذ
عودة ترامب، وتركت للولايات المتحدة حرية التعامل مع المشكلة التي لم تحقق
النتيجة المرجوة حتى الآن".
ونقلت في تقرير ترجمته "عربي21" عن
ياكي ديان، القنصل السابق في لوس أنجلوس، أن "إدارة ترامب تبذل جهودا أكبر
بكثير مما بذلته إدارة بايدن ضد الحوثيين، من حيث عدد الضربات، وكثافتها، وعمقِها،
حيث يهدد الإيرانيين باستمرار نقل الأسلحة، ولكن رغم التهديد الأمريكي، فلم تتخذ أي
خطوة مهمة حتى الآن، لذلك، يطرح السؤال: ما الذي يمكن فعله بعد ذلك، لأن
الأمريكيين لا يرغبون بوجود قوات برية لهم على الأرض، ويبدو أن الإمارات
والسعودية والحكومة اليمنية لا يرغبون جميعا بمثل هذه العملية العسكرية".
أما الجنرال إيتان دانغوت، السكرتير العسكري
لثلاثة وزراء حرب، والباحث بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS)، فأكد أن
"الأمريكيين لم يضللوا إسرائيل بشأن اليمن، لكن الفرق يكمن في تولي زمام
المبادرة، وحتى مع وجود تحفظات على أساليب العمل، فإن التقييم الحالي صحيح
استراتيجيا، فهو يسمح لإسرائيل بالتركيز على حدودها، فيما تتطلب النظرة الأمريكية
انضمام أعضاء التحالف العرب، مما يمنحها قوة كبيرة، ويمنح الاحتلال تفوقا على
الدول العربية المتورطة في صراع مع الحوثيين وإيران، خاصة الإمارات
والسعودية".
وأضاف أن "الولايات المتحدة تنشئ بعدا من
شدة الهجمات يبدو في البداية أعلى، لكننا لا نسمع عن إحباط الحوثيين، لأن النشاط
الأمريكي لا يغير تقييمهم الاستراتيجي بشأن عمليات الإطلاق على دولة الاحتلال،
مما ينعكس في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، كما أن المفاوضات بين إيران
والولايات المتحدة دفعت طهران لتشجيع الحوثيين على إظهار قدراتهم ضد إسرائيل،
وهذه رسالة مزدوجة: للأمريكيين، فيما يتعلق بسياستهم تجاه الحوثيين، ولإسرائيل
بأن هجماته ضد إيران لا تضمن له نتائج رادعة".
وأشار إلى أن "الهجوم الذي استهداف مطار
بن غوريون وضع نفسه على جدول الأعمال، وقد يقدم الاحتلال ردا على ذلك باستراتيجية
كبيرة للبنية التحتية، وإلحاق الضرر بشخصيات حوثية بارزة، لأن الوضع في اليمن بحد
ذاته يعني أن حل مشكلة الحوثيين، إن وجد، يجب أن يأتي من الخارج، ومع ذلك، كلما
طال أمد هذا الحل، ستتفاقم الخسائر الاقتصادية لدول المنطقة، حيث لا يقتصر الأمر
على إسرائيل، التي ألغت شركات الطيران رحلاتها إليها نتيجة لسقوط
مطار بن غوريون،
بل يشمل مصر أيضا".
وأكد أن "هجمات الحوثيين تسببت في تجنب 75
بالمئة من السفن التي تحمل العلم الأمريكي المرور عبر البحر الأحمر، والإبحار عبر
رأس الرجاء الصالح، حيث يعكس الوضع في البحر الأحمر التأثير الأفقي على صناعة
الشحن، لأن معظم الشركات الكبرى تتجنب المرور قرب الحوثيين، حتى أثناء وقف إطلاق
النار مع حماس، وتفضل تمديد سلاسل التوريد الخاصة بها".
وشدد على أنه "بصورة منطقية، فإن أي سفينة
تتجنب دخول البحر الأحمر من البوابة الجنوبية، باب المندب، لا تمر عبر البوابة
الشمالية وهي قناة السويس، ويخسر مالكها المال، وهي مصر، التي تخسر 800 مليون
دولار كل شهر، وبلغت إجمالي خسائرها في عام 2024 حوالي سبعة مليارات دولار، مما
يستدعي التوصل لتهدئة إقليمية من شأنها أن تؤثر إيجابا على حركة الملاحة في البحر
الأحمر".