أثارت الصور ولقطات الفيديو المسربة من أحد
السجون
التابعة لقوات
حفتر في شرق
ليبيا والتي تظهر عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي،
مقيدا بالسلاسل حالة، غضب واسعة في ليبيا وسط مطالبة بالتحقيق فيها من قبل النائب
العام.
وظهر الدرسي، المؤيد لحفتر، في حالة يرثى لها حيث
بدا عاريا ومقيدا بالسلاسل ويستنجد بحفتر ونجله صدام بأن يعفو عنه وأنه بريء من
التهم الموجهة له، دون ذكر طبيعة أو مسميات هذه التهم.
طلب العفو
ونشر الصحفي البريطاني الشهير، "إيان
بلهام ترنر" مقاطع فيديو تؤكد صحة الصور المسربة لتعذيب الدرسي في معتقله
ببنغازي، مؤكدا أن الفيديو تم تصويره بتاريخ 22 مايو 2024، أي بعد 6 أيام من
اختطاف النائب واحتجازه داخل سجن سري تابع للواء "طارق بن زياد" التابع
لرئيس أركان القوات البرية، صدام حفتر.
وخلال الفيديوهات المسربة، ظهر الدرسي في هيئة متعبة
جدا يتوسل حفتر ونجله صدام الذي لقبه بـ"سيدي" بالإفراج عنه قائلا: "أرجوك
أن تنظر إلى حالي، أنا دائمًا مع الكرامة ومع الجيش، وأتمنى أن تفرج عني، أفرج
عني، وسأكون صوتك الذي لا يكل ولا يمل، وسأكون سيفك المسلول على أعدائك، نافيا عن
نفسه الخيانة"، وفق التسريب.
من جهتها، نددت حكومة الوحدة الوطنية برئاسية، عبد الحميد
الدبيبة المقاطع المسربة للنائب، داعية إلى تحقيق عاجل دولي ومستقل تحت إشراف بعثة
دولية مستقلة لتقصي الحقائق لضمان سلامة النائب ومحاسبة المتورطين أيا كانت الصفة،
مؤكدة أن استمرار حالات الإخفاء القسري والتعدي على الحصانة
البرلمانية دون مساءلة
يُهدد العملية السياسية ويكرس مناخ الإفلات من العقاب"، وفق بيان.
في المقابل، نفى جهاز الأمن الداخلي في بنغازي صحة
الفيديوهات المسربة للنائب المختطف، مؤكدا أنها مفبركة بواسطة الذكاء الاصطناعي،
ويتهم "الدبيبة ووليد اللافي" بفبركة الفيديوهات"، وفق مزاعمه.
جلسة برلمانية
وتزامن تسريب صور وفيديوهات عضو البرلمان
"الدرسي" مع انعقاد جلسة لمجلس النواب برئاسة، عقيلة صالح والتي ناقش
فيها فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة المقبلة، ورفض المراسيم التي اصدرها المجلس
الرئاسي مؤخرا، وفي حين تم إبلاغه بتسريبات الدرسي تم قطع البث وانتقال الجلسة إلى
مغلقة".
وكان آخر ظهور علني للدرسي يوم 16 مايو 2024، خلال
الاحتفال الذي نظمته قوات حفتر بمناسبة ذكرى ما يسمونه "ثورة الكرامة"
التي أطلقها حفتر عام 2014، وسبق الدرسي اختطاف النائبة "سيهام سيرقيوة"
في عام 2019 بعد انتقادها لحفتر وعملياته العسكرية ضد العاصمة طرابلس".
وحتى الآن لم يعرف مصير الدرسي أو سرقيوة، هل تم
تصفيتهم وغلق الملف أم لازالوا على قيد الحياة في سجون حفتر.
والسؤال: ما تداعيات كارثة نشر صور تعذيب وإذلال عضو
نواب مفترض تمتعه بالحصانة البرلمانية؟ وهل سيحرك النائب العام دعوى ضد حفتر ونجله
صدام؟
تدويل القضية
من جانبه، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا،
إبراهيم صهد أن "الصور المنشورة لعضو مجلس النواب هي حالة صادمة وانتهاك صارخ
للكرامة الإنسانية ولحقوق الإنسان، وهي توضح الحالة المزرية التي بلغتها مسألة
حقوق الإنسان في ليبيا".
وأكد في تصريح لـ"
عربي21" أن "هذه
التصرفات تشكل جرائم مريعة متعددة جريمة اختطاف وجريمة إخفاء قسري وجريمة تعذيب،
وهي ليست الحادثة والجريمة الوحيدة التي تُرتكب، فبكل الألم نحن نتذكر اختطاف
وإخفاء النائبة "سهام سرقيوة" وغموض مصيرها"، حسب كلامه.
وتابع: "لا يكفي التعبير عن إدانة هذه الجريمة
البشعة بل بنبغي اتخاذ كافة الإجراءات التي تناسب مع بشاعة هذه الجريمة، وإذا كانت
المؤسسات القضائية في البلاد غير قادرة على التعامل مع مثل هذه الجرائم البينة
الواضحة البشعة فإن الأمر يتطلب نقل الموضوع إلى محكمة الجنايات الدولية"،
وفق مطالبته.
في حين، رأى المحلل السياسي الليبي، خالد الغول أنه
"من الصعب معرفة الأهداف الحقيقية من نشر الفيديو في هذا التوقيت وبالتزامن
مع جلسة مجلس النواب، لكن يبدو أن هناك تحرك سياسي واستخباراتي لإرباك أو فضح مجلس
النواب لتقاعسه للقيام بدوره الحقيقي المطلوب منه منذ 2014".
وأوضح في تصريحات لـ"
عربي21" أن
"ظهور حادثة الدرسي من جديد سواء كان الفيديو حقيقي أم لا، يتطلب من مجلس
النواب إظهار سلطته على الجيش وأجهزة الأمن التي من المفترض جميعها تحت إمرته، وما
لم يتخذ البرلمان موقفا حقيقيا تجاه ما نُشر فلن تكون له مصداقية ولا شرعية"،
كما قال.
وتابع: "للأسف البرلمان يبرر فقط أن الفيديوهات
مفبركة ولا يعلم أن الشارع لن يصدقه، فإذا كانت الفيديوهات غير حقيقية فأين
النائب؟، فضلا على أن العامل القبلي في المنطقة الشرقية قوي، ويخشى العار والفضيحة
بأن لم ينصروا ابن القبيلة، وستخلد في تاريخهم".
وبخصوص موقف النيابة والقضاء، قال الغول:
"بخصوص النائب العام ربما سيركز أولا عن حقيقة الفيديو المنشور، ثم يصدر
تصريحا يطالب الجهات الضبطية بالتحري إذا ثبت الأمر، لكنه ليس بالسهولة أن يوجه
الاتهام لحفتر شخصيا أو يطلب استدعاءه"، وفق توقعاته.