أيام قليلة تفصلنا عن الموعد المحتمل لتسليم
اللجنة الاستشارية المشكلة من قبل
البعثة الأممية تقريرها النهائي بخصوص المهمة
المكلفة بها، ذلك أن المطلوب من اللجنة تقديم مقترحات لمعالجة الخلافت التي حالت
دون تمرير قوانين الانتخابات التي قام مجلس النواب منفردا باعتمادها، خلافا
للاتفاق السياسي الذي يقضي باتفاق المجلسين (النواب والأعلى للدولة) عليها.
القليل جدا رشح من مداولات اللجنة، وبحسب
مصادر مقربة من بعض الأعضاء فإن اللجنة قد شارفت على الانتهاء من مهمتها، وأنها
أنجزت جُل ما أنيط بها من مهام، دون أن ينفي وجود خلافات، وهذا متوقع، حول بعض
النقاط الجدلية والتي باتت شديدة الحساسية مثل مصير المترشحين للانتخابات من حملة
الجنسيات الأجنبية والعسكريين.
لقد ساعد اختيار أعضاء اللجنة من غير
السياسيين الحاضرين في المشهد السياسي بقوة على وقوع تفاهمات حول أغلب النقاط التي
ناقشتها اللجنة وبثت فيها، مع التأكيد على مشاركة من لهم مواقف قوية منحازة لأحد
طرفي الصراع القائم ضمن عضوية اللجنةـ وهذا ربما ما جعل الخلاف قائم حول بعض
النقاط ضمن مهام اللجنة، فالنقاش لم يكن دوما علمي وفني، وكان للخيارات السياسية
أثرها، وإن لم يكن ظاهرا بقوة، واقتصر على مسائل محدودة.
التحدي الأكبر أمام مخرجات اللجنة لاستشارية هو التخندق محليا وإقليميا ودوليا حول خيارات قد لا تتقاطع إيجابيا مع مخرجاتها، ذلك أن الحراك الإقليمي والدولي الذي وصَّفته تصريحات بعض الشخصيات المؤثرة دوليا لم تعبئ كثيرا بعمل اللجنة وتتجه إلى مسار يصفه البعض بالواقعي يبدا من نقطة مختلفة عن نقطة بداية اللجنة وهي التغيير الحكومي.
مقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى حين
استقرار الأوضاع بعد إجراء انتخابات نيابية وتشكيل حكومة موحدة لم يقبل، وطرحه
عائد إلى الإشكالية التي أوجدها الربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإلغاء
الثانية في حال تعثر الأولى، وذلك في قوانين الانتخابات التي اعتمدها مجلس النواب،
غير أنه وبحسب بعض المصادر المطلعة تم الاتفاق على المزامنة بينهما.
يبدو أن مسألة ترشح مزدوجي الجنسية
والعسكريين لم تلغ، لكن تم الاتفاق على تقديم ما يثبت الاستقالة بمدة كافية، دون
العودة على هذه الاستقالة أيا كانت نتيجة الانتخابات. أيضا يبدو أن ملف الدستور قد
استبعد من المداولات، وبالتالي فإن الاستفتاء على مسودته، أو الاتفاق على بديل لها
خرج مبكرا من دائرة النقاش.
وبغض النظر عن مخرجات اللجنة، ومع التنبيه
إلى انتظار البعثة والمجتمع الدولي لها للاستنارة بها في تحديد طبيعة المسار
الانتقالي الجديد، إلا أنه لن تكون هذه المخرجات ملزمة للأطراف السياسية، فضعف
اللجنة ومخرجاتها جاء من مضمون قرار تشكيلها، الذي جعل من عملها بمثابة مقترحات
قابلة للحذف منها والإضافة عليها، وهذا بحد ذاته يمكن أن يعيد التفاوض إلى المربع
الأول.
جانب القوة في اللجنة ومخرجاتها هو كونها
منتج ليبي بامتياز، وفي حال قررت البعثة الأخذ بها جملة لن تكون في وضع حرج من حيث
أنها جهة أجنبية تفرض أجندة خارجية على الليبيين، وهذا الجانب من قوة اللجنة
وتقريرها النهائي سيكون فعالا إذا اجتهدت اللبعثة ومن خلفها الاطراف الدولية على
تمريره، واستخدمته كحجة في الإصرار على تمريرها.
التحدي الأكبر أمام مخرجات اللجنة لاستشارية
هو التخندق محليا وإقليميا ودوليا حول خيارات قد لا تتقاطع إيجابيا مع مخرجاتها،
ذلك أن الحراك الإقليمي والدولي الذي وصَّفته تصريحات بعض الشخصيات المؤثرة دوليا
لم تعبئ كثيرا بعمل اللجنة وتتجه إلى مسار يصفه البعض بالواقعي يبدا من نقطة
مختلفة عن نقطة بداية اللجنة وهي التغيير الحكومي.
هناك أيضا التشظي الذي وقعت فيه الأزمة
الليبية على مسارات عدة، ومن ذلك ملف الساعة المتعلق بالوضع الاقتصادي والمالي
للدولة، والخلاف الحاد حول الإيرادات والنفقات العامة، وسلطة وصلاحية اطراف النزاع
بالخصوص، وهذا قد يستغرق وقتا، ويفرض واقعا قد يشكل أحد أبرز العوائق أمام المضي
في توافقات سياسية شاملة وفعالة.