إن أول رد فعل عربي تجاوب مع رفض الأردن
ومصر لمشروع تهجير فلسطينيي غزة إليهما، كان رفض المشروع، والتوافق على عقد قمة
عربية استثنائية في مصر في 4/3/2025.
وبالفعل عقدت القمة، وخرجت بقرارات، أعلن
البيت الأبيض خيبة أمله منها. وقد عبّرت خطابات القادة ورؤساء الوفود، عن مواقف
رافضة لمشروع
ترامب، ومستنكرة عموما، لسياسات الكيان الصهيوني، واعتداءاته على
لبنان وسوريا وفلسطين، وما احتل من أراض.
وبهذا، يكون ترامب قد تلقى صفعة على الوجه، من دول يُفترض بأنها أكثر من صديقة للولايات المتحدة، إن لم تكن على علاقة
استراتيجية معلنة معها.
إن التفسير الوحيد، لما تشكّل من "عزلة" لترامب، بخصوص موقفه الفاضح من تهجير فلسطينيي غزة، فيرجع إلى ارتجاليته، وعدم دقته في تقدير الموقف، واستهتاره بالمقربين منه، مثل استهتاره بمن يعدهم، خصوما أو أعداء.
وإذا توبعت التعليقات الإعلامية العربية
والإسلامية، ناهيك عن الشعبية، فسنجد أن ترامب وحّد، موضوعيا، مواقف كل المعنيين،
ومن دون أن يكون عندهم مسعى للتوحُد ضدّه، أو حتى أخذ موقف موحدّ، يعارضه أو
يناقضه.
إن التفسير الوحيد، لما تشكّل من
"عزلة" لترامب، بخصوص موقفه الفاضح من تهجير فلسطينيي غزة، فيرجع إلى
ارتجاليته، وعدم دقته في تقدير الموقف، واستهتاره بالمقربين منه، مثل استهتاره بمن
يعدهم، خصوما أو أعداء.
ولكن من جهة أخرى، سرعان ما تراجع عن موقفه،
بلا رمشة عين، عندما أعلن في 12/3/2025: "لا يطلب من أحدٌ من سكان غزة بأن
يغادر". علما بأن هذا التراجع، لا يعني بالنسبة إليه، تصريحا بالتراجع أو
إقرارا به. وذلك بمعنى أن الموقفين تعايشا في عقله. ومن ثم لن يجد غضاضة بالعودة
إلى الموقف الأول، أو طرح موقف ثالث، يناطحهما.
هذا هو ترامب في تعاطيه والسياسة، أو هذا هو
أحد الأبعاد في كيفية تعاطيه، والمعارك التي فتحها، أو سوف يفتحها.
والغريب، أن هذا النهج الذي يمكن أن يوصف
بالرغائبي، أو الأهوائي، أو الارتجالي، بمعنى مناقضته لكل من سبقه من رؤساء
أمريكيين أو غربيين، ومخالفته لما عرف عن الرؤساء بالتدقيق والدراسة، في صوْغ
السياسات والمواقف، بالاعتماد على الدولة العميقة، ومراكز البحوث والتخطيط، فضلا عن استشارة أساطين العمل السياسي وأصحاب الخبرة.
فالرجل يعلن، بلا مواربة، أنه حوّل السياسة،
وصوغها وإدارتها، إلى ما يشبه العمل في الصفقات التجارية، خاصة في مجال العقارات
والمضاربات وتشكّل الثروات. ولكنه من جهة أخرى، راح يحشد من حوله الأذكياء
البارزين من نمط إيلون ماسك وأمثاله، ممن جمعوا ثروات بعشرات ومئات الملايين من
الدولارات، بعيدا من رأسماليي كبريات الشركات والكارتلات، ممن مثلوا الرأسمالية
في مراحلها المتوسطة والأخيرة؛ الأمر الذي أدخل، بدوره اضطرابا خطيرا، داخل
الرأسمالية الأمريكية نفسها.
من هنا، فإن ترامب ومن حشد حوله من مساعدين
تنفيذيين، راحوا يقلبون الوضعين الأمريكي والعالمي، رأسا على عقب، وعندهم، ولا شك
سيطرة على مراكز القرار (الكونغرس مثلا) في الولايات المتحدة، مع مؤيدين أقوياء
ونافذين، إلى جانب شعبيته التهريجية؛ مما يسمح له، ولهم، أن يفرضوا انقلابهم
الجذري في أمريكا. داخليا (طبعا، ليس دون معارضة متعاظمة)، وأن يفرضوا علاقات
دولية، لا سابق لها، من حيث تناقضها مع كل مألوف، أو عُرف أو قانون سابق.
إذا توبعت التعليقات الإعلامية العربية والإسلامية، ناهيك عن الشعبية، فسنجد أن ترامب وحّد، موضوعيا، مواقف كل المعنيين، ومن دون أن يكون عندهم مسعى للتوحُد ضدّه، أو حتى أخذ موقف موحدّ، يعارضه أو يناقضه.
وهنا، يجب أن يُلحظ، بأن ما من جبهة صراعية،
فتحها ترامب، داخل أمريكا أو خارجها، إلا وواجهت معارضة مقابلة، بل وإجراءات
مقابلة، كما هو الحال، في محاولة رفع الجمارك، أو محاولات الضم (كندا أو
غرينلاند)، أو حتى تغيير الاسم الجغرافي، مثلا خليج المكسيك الذي قرّر منفردا،
تغييره إلى "خليج أمريكا".
وهذا يعني أن ترامب ينفرد في أخذ القرارات،
ولكنه لا يستطيع تنفيذها، أو ما استطاع تنفيذه، فمن جانب واحد، وقد ووجه بمثله، من
الجانب المقابل، لتنتج فوضى لا سيطرة عليها.
ولهذا، يجب التأكد في مواجهة عالم ترامب، أن
مصيره الفوضى والاضطراب، والأهم فشل ترامب، وأمريكا (بالضرورة).