يحق لقائد جيش
الاحتلال آيال
زامير، تعيين متحدث جديد باسم الجيش عند توليه منصبه، لكن الطريقة التي اختارها للامتثال لمطالب المستوى السياسي، جاءت على حساب المسيرة العسكرية للمتحدث المُقال دانييل
هاغاري، والأهم من ذلك أنها ترسل رسالة لكبار الضباط بألا تتورطوا مع السياسيين، لأن قائد الجيش لن يكون هناك من أجلكم.
وقال الكاتب في صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، عيناف شيف، إن "هاغاري ليس مُدانا بإخفاقات السابع من أكتوبر، ولا تقع على عاتقه، لكن من وجهة نظر المستوى السياسي، خاصة رئيس الحكومة ووزير الدفاع خلط في بعض الأحيان بين دوره كمتحدث باسم الجيش، وكونه المتحدث باسم رئيس الأركان، ونظراً للسياق التاريخي للنقاش الطويل والمعقد حول الحرب في تاريخ الدولة، فإنه يستحق قدرا أكبر من التعامل مما تلقاه من رئيس الأركان الجديد".
وأضاف شيف في مقال ترجمته "عربي21" أن ذلك يأتي "رغم مسارعة جميع المعلقين العسكريين للإعلان أن زامير ليس تابعاً للمستوى السياسي، بل فعل بالضبط ما كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع يتوقعانه منه".
إعدام سياسي
وأوضح أن "إقالة زامير المبكرة لهاغاري تعني أن تعيينه ناطقا باسم الحرب كان خطأ أساسيا لا بد من تصحيحه على الفور، بحيث لا يمكن منحه منصة الشجاعة للوقوف أمام الجمهور في الأوقات الصعبة، وإعطائهم أخبارا سيئة عن مقتل الجنود، وهو بكامل هدوئه، فيما شكل إصراره على الحفاظ على كرامة عائلات المخطوفين أحد أسباب ثقة الجمهور به، وهو الذي طالما أكد أن الضغط العسكري لن يجلب الرهائن".
وأشار إلى أن "الطبقة السياسية داست على هاغاري، وزامير يعرف كل هذا، وبدلاً من مكافأته بالحدّ الأدنى الذي يستحقه، قام زامير بإقالة هاغاري، لكنه لا يجب أن يكون متفاجئا إذا وجد نفسه في تلك اللحظة وحيداً، كما هاغاري، محاطاً بالضباط الذين أصيبوا بالرعب بعد فهم التلميح الذي أرسله هو نفسه".
ومن ناحية أخرى، قالت تال شاليف مراسلة الشؤون الحزبية بموقع "
واللا" إنه "كما حدث مع العديد من الحكومات السابقة، أصدرت حكومة نتنياهو وبن غفير حكما مسبقا بإعدام هاغاري، الذي شكّل قرار إقالته من رئيس الأركان الجديد، مصدر سعادة للكثيرين في الحكومة والائتلاف، من الرأس إلى أخمص القدمين".
وأضافت في مقال ترجمته "عربي21" أن "عضو الكنيست تالي غوتليب شنّت حملة "دولة عميقة" ضد هاغاري؛ واتهمه الوزير السابق إيتمار بن غفير بالعمل لصالح صحيفة هآرتس قبل فترة طويلة من الحرب؛ وفي الأشهر الستة عشر التي مرت منذ اندلاع الحرب، أصبح أحد الأهداف المفضلة للهجمات، والإهانات بين كبار المسؤولين الحكوميين اليمينيين".
وذكرت أن "هاغاري بعكس أعضاء الحكومة "الجبناء"، وقف بشجاعة في وجه الجمهور في أصعب اللحظات التي عرفوها، لكن تصريحاته وخلافاته مع المستوى السياسي شكلت مصدرا لتغذية "آلة السم"، ولكن مثل العديد ممن قبله، وقع في فخّ الحكومة الأكثر كذبًا، والأقل نزاهة وأخلاقية في تاريخ الدولة، ولذلك بدأت قضيته ضد الحكومة تغلي لعدة أشهر، ووصلت نقطة عالية بشكل خاص في مكتب رئيس الوزراء في يونيو 2024 بعد أن اعتبر علنًا أن أطروحة "النصر الكامل"، وفكرة تدمير حماس كانت "حبة رمل في نظر الجمهور".
وأوضحت أن "هاغاري طالما كان محميّاً من وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان المستقيل هآرتسي هاليفي، لكن تصريحاته الأخيرة لسوء حظه جاءت تحت وزير دفاع جديد، وفي حقبة تعيين رئيس أركان جديد، وكان ذلك علامة على نهاية هاغاري الوشيكة، لأنه رفض إقرار قانون يهدف لمنح الحصانة لمن يسرّبون المعلومات لرئيس الوزراء، ضمن فضيحة "الوثائق السرية"، بما من شأنه تعريض الجنود للخطر".
وأكدت أن "الائتلاف اليميني سرعان ما انقضّ على هاغاري مذعورًا، ومطالبًا بالاعتذار والطرد، وتعرّض لتوبيخ من رئيس الأركان، واعتذر عن تجاوزه لصلاحياته، ولكن بدا أن مصيره قد حُسم، مما سيجعل من قرار زامير بفصل هاغاري، وعدم ترقيته لمنصب آخر في الجيش، فرصة لمنحه نقاطاً إضافية لبدء ولايته مع شركاء وعائلة نتنياهو، مروراً بمكتب كاتس".
وختمت بالقول إن "قرار زامير بإقالة هاغاري بعد ساعات فقط من دخوله للمنصب، سيجعله في الوقت ذاته شخصًا ينحني ويخضع لأسياده ورؤسائه، في مكتب رئاسة الحكومة، ويستجيب لضغوط السياسيين والمغردين اليمينيين".
التخلي عن الجيش
عوفر شيلح، رئيس برنامج الأمن بمعهد دراسات الأمن القومي، أكد أن "زامير فشل في اختبار هاغاري، لأنه اختار إزاحته في أقل من يومين من تولّيه منصبه، وبدلاً من حماية ضابط بارز أصبح رمزًا للمصداقية في نظر الجمهور بعد السابع من أكتوبر، أرسل زامير رسالة مقلقة لجميع قادة الجيش، مفادها: لن يقف رئيس الأركان بجانبهم، حتى لو تفوقوا في مناصبهم".
وأضاف في مقال نشرته "
القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "زامير يتولى منصبه خلال الفترة الأكثر تسميماً في تاريخ العلاقات بين المستويين السياسي والعسكري، عقب تعرّض سلفه، هآرتسي هاليفي، للهجوم بشكل شبه يومي من قبل آلة السم الخاصة بحاشية رئيس الوزراء، كجزء من الهجوم العام على "الدولة العميقة" الوهمية التي اخترعها خدم نتنياهو لتبرير التدمير المنهجي للدولة، من خلال تحويل مسؤولية الفشل عن أكتافه منذ عقد ونصف قبل كارثة أكتوبر".
وأوضح أنه "تم تعيين زامير من قبل كاتس، الذي يتمثل تفويضه الصريح بإساءة معاملة النخبة العسكرية، ومنذ تعيينه تمكن كاتس ذاته من مهاجمة رئيس الأركان والجنرالات الآخرين، ونشر تلميحات حول الرؤوس التي ستطير، مما زاد من الوضع المرهق الذي يعيشه الجيش، ووصلت الذروة في نتائج استطلاعات للرأي متتالية أجريت في أكتوبر 2024، قال فيها
الإسرائيليون إنهم لا يثقون بأحد سوى المتحدث باسم الجيش، مما جعله يتحوّل رمزا قابلا للاستهداف في بلاط نتنياهو، بحيث باتت التهديدات توجه إليه صراحة، والمطالبة بإقالته كانت واضحة لا لبس فيها".
وختم بالقول إن "إقالة هاغاري بهذه السرعة وضعت مصداقية زامير على المحك، بأنه لا يدين بالولاء للجيش، بل فعل ما أُمر به من المستوى السياسي، ولن يساعده أي تفسير، ولن يصدّقه أحد أن عزله لم يكن شرطًا لتعيينه، ويبعث برسالة للجيش وهيئة الأركان العامة التي يريد تشكيلها، ومفادها أنه ليس مخلصًا للجيش ولكم، ولن يحميكم، لأن لديه سلطة أعلى، فوق واجب الولاء هذا، وحقيقة أنه تصرف بهذه الطريقة، فهذا فشل سيكون من الصعب التعافي منه".