مع كشف مصادر أمريكية عن وجود خطط لسحب جنود
الولايات المتحدة من
سوريا، برزت قضية قوات سوريا الديمقراطية (
قسد) المتحالفة مع أمريكا، كواحدة من أكبر التساؤلات، في ظل مفاوضات تُعقد بين الحكومة السورية و"قسد"، لحسم مستقبل مناطق سيطرة الأخيرة شمالي شرق سوريا.
وكانت شبكة "إن بي سي" الأمريكية أكدت، نقلا عن مسؤولين، أن وزارة الدفاع الأمريكية تعكف على وضع خطط لسحب جميع القوات الأمريكية من الأراضي السورية.
وتابعت الشبكة بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولين مقربين منه أبدوا في الآونة الأخيرة اهتمامهم بسحب القوات الأمريكية من سوريا، ما دفع مسؤولي البنتاغون إلى البدء في وضع خطط للانسحاب الكامل في غضون 30 أو 60 أو 90 يوماً.
وردت "قسد" على لسان المتحدث باسمها فرهاد شامي، بأن "قواته ليس لها علم بوجود خطة لانسحاب أمريكي من سوريا"، مضيفاً لوكالة "رويتزر" أن "داعش والقوى الخبيثة الأخرى ينتظرون فرصة الانسحاب الأمريكي لإعادة النشاط والوصول إلى حالة 2014".
أما ممثلة مجلس "قسد" ليلى موسى، فقالت "إنهم مع بقاء القوات الأمريكية حتى يستقر الوضع في البلاد"، مضيفة في تصريح إعلامي لها، أنه "في حال مغادرة الأمريكيين، فإن الأكراد سوف يدافعون عن أراضيهم وعن المكتسبات التي حققوها".
تحديات أمام "قسد"
ومن الواضح أن أي حديث عن انسحاب أمريكي من سوريا يثير مخاوف "قسد"، بحيث يضع نزع الحماية الأمريكية عن هذه القوات التي يهيمن أكراد سوريا على قرارها، أمام تحديات كبيرة.
وبعد سقوط نظام الأسد، وتسلم إدارة العمليات العسكرية السلطة، بدأت الأخيرة مفاوضات مع "قسد" بهدف دمجها في الجيش السوري الجديد، مقابل الاعتراف بالحقوق الثقافية الكردية، لكن "قسد" ترفض ذلك مستقوية بالحماية الأمريكية.
بذلك، فإن سحب الغطاء الأمريكي يفتح المجال أمام الحكومة السورية وتركيا التي ترى في "قسد" امتداداً لحزب "العمال" الكردستاني المصنف "إرهابياً"، لتحرك عسكري ضد "قسد"، يبدو أن نتائجه "محسومة".
وفي هذا السياق، يرى السياسي الكردي علي تمي، أن الحديث عن انسحاب أمريكي "وشيك" من سوريا يُفسح المجال أمام الحكومة السورية لبسط سيطرتها على كامل التراب السوري، ما يعني حكماً "إضعاف موقف "قسد" في المفاوضات".
ويضيف تمي لـ"عربي21"، أن كل المعطيات تصب في صالح الحكومة السورية، خاصة في ظل الانفتاح الدولي والإقليمي غير المسبوق على
دمشق.
ويتفق مع تمي، المدير التنفيذي لـ"المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية" بواشنطن، رضوان زيادة، في اعتبار أن "الأنباء عن انسحاب أمريكي يصب في مصلحة حكومة دمشق في المفاوضات الجارية".
ويقول في حديث مع "عربي21": "لن يكون لدى "قسد" السند الذي يحميها، مع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا"، واستدرك بقوله: "لكن علينا أن ننتظر حتى يصدر القرار النهائي من الرئيس دونالد ترامب".
فرنسا تتحرك
وإلى جانب الولايات المتحدة، تعد فرنسا أحد أبرز الداعمين لـ"قسد"، وكان مظلوم عبدي قائد "قسد" قد كشف عن وساطة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بين الحكومة السورية و"قسد"، بهدف إنجاح المفاوضات.
والأربعاء، دعت باريس إلى دمج "قسد" بالمرحلة الانتقالية، وذلك بعد الكشف عن المخطط الأمريكي للانسحاب من سوريا.
وعليه، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة لـ"عربي21"، أن "مطالبة باريس بدمج "قسد"، لم تأت إلا من خلال وقوع فرنسا على معطيات تؤكد الانسحاب الأمريكي من سوريا".
وأضاف أن وضع الخطط من وزارة الدفاع يعد مؤشراً جدياً على جدية توجه إدارة ترامب نحو الانسحاب من سوريا، موضحاً أن "وزارة الدفاع لم تعد الخطط عندما أعلن ترامب في ولايته الأولى عن رغبته بسحب قواته من سوريا".
وبحسب خليفة، فإن كل ما سبق يعني إضعاف "قسد" التي تستند على الدعم الأمريكي، مرجحاً أن "تعود سوريا واحدة موحدة، وتحت السيطرة المطلقة، قريباً".
وتعقد "قسد" آمالاً على نجاح المفاوضات مع دمشق، بحيث شكلت أكثر من لجنة للتفاوض مع الحكومة السورية، حول الأمور العسكرية والنفط وغيرها من الملفات.
وتبدو حكومة دمشق -حتى الآن- أكثر ميلاً للحل التفاوضي، لكن مع ذلك تلوح بخيار القوة ضد "قسد" في حال فشل المفاوضات.