خلال الفترة الرئاسية
الأولى للرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، قدمت العديد من الوعود على الصعيد الدولي،
وكانت الكثير من تلك الوعود صعبة التحقيق، لاصطدامها بواقع دولي معقد.
ومع مرور الوقت، كان
تحقيق تلك الوعود، مثل إجبار
المكسيك على تمويل بناء جدار حدودي معها لمنع
المهاجرين، والعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وسحب القوات الأمريكية من
ألمانيا، وبناء منتجعات على شواطئ
كوريا الشمالية، يتبخر في هواء السياسة الدولية
وتعقيداتها.
ونستعرض في التقرير
التالي عددا من تلك الوعود التي تبخرت، والتي عاد مع ولايته الثانية لإطلاق وعود
جديدة قد تلاقي مصير سابقاتها.
بناء الجدار الحدودي
مع المكسيك
رفع ترامب شعار بناء الجدار الحدودي مع
المكسيك في حملته الانتخابية، وذهب إلى حد تهديد المكسيك، بإجبارها على دفع تكاليف
بناء الجدار من ميزانيتها الخاصة، لحماية الولايات المتحدة من المهاجرين.
واصطدم ترامب، بالكونغرس، في طلبه للحصول على
تمويل كامل للجدار الحدودي، ولم يحصل على طلبه، بالكامل، وما جرى كان تعزيزا لجدار
قائم، بتكاليف هائلة، وسط إصرار المكسيك على رفض المساهمة في تمويل بناء الجدار.
وبسبب رفض الكونغرس تمويل الجدار، اصطدم
ترامب به ودخلت البلاد في إغلاق حكومي لمدة 35 يوما، وتعطل المشروع حتى انتهاء
ولايته.
سحب القوات الأمريكية من ألمانيا
أثناء الحملة الانتخابية الأولى لترامب، أعلن
عن نيته، تقليص مشاركة الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي "الناتو"،
وخاصة ألمانيا، بسبب ما قال إنه اعتماد مفرط على الحماية العسكرية الأمريكية دون
دفع تكاليف عادلة في ميزانية الدفاع.
وقال ترامب في حينه: "نحن نحمي ألمانيا، وهي دولة غنية جدا، وهم
لا يدفعون، نريد أن نحمي أوروبا، لكن عليهم أن يدفعوا أكثر، وألمانيا لا تفي
بالتزاماتها".
وشرعت أمريكا في سحب
12 ألف جندي من أصل 36 ألفا كانوا يتمركزون في ألمانيا، لكن الخطوة اصطدمت بمعارضة
قادة عسكريين ومسؤولين في البنتاغون، باعتبارها تعرض القوة العسكرية الأمريكية في
أوروبا لخطر كبير، فضلا عن معارضة جمهورية ووصف ما فعله بالخطأ الجسيم وتوجيه ضربة
لأمن أوروبا بالكامل، وإرسال إشارة خاطئة لروسيا، التي تراها أوروبا تهديدا
استراتيجيا.
وفشلت خطة ترامب، ومع خروجه من البيت الأبيض،
وصعود جو بايدن، أوقفت عملية سحب القوات الأمريكية من ألمانيا، وتعززت لاحقا مع
اندلاع الحرب في أوكرانيا.
منتجعات على سواحل كوريا الشمالية
اتجه ترامب خلال فترته الرئاسية الأولى، إلى
التواصل مع الدول المعروفة بعدائها التاريخي للولايات المتحدة، وخاصة كوريا
الشمالية، التي خطا فيها ترامب بصورة غير مسبوقة بتاريخ الرؤساء الأمريكيين،
والتقى بزعيمها كيم جونغ أون.
وعقدت العديد من القمم بين ترامب وجونغ أون،
من أجل بحث نزع السلاح النووي، ومسألة رفع العقوبات عن بيونغ يانغ، وتفكيك المنشآت
النووية.
وذهب ترامب إلى إطلاق وعود بتحويل كوريا
الشمالية إلى وجهة سياحية، في حال فككت مشروعها النووي العسكري، بل قال عقب لقاء
بالزعيم الكوري، "تخيلوا شواطئ
كوريا الشمالية الجميلة، يمكن بناء أجمل الفنادق والمنتجعات هناك بدلا من الصواريخ".
وأضاف ترامب: "رأيت
أنه كان متحمسا للتحدث عن الجانب الاقتصادي، لديه رؤية لمستقبل أفضل لبلاده"،
لكن وعود ترامب بالمنتجعات الفاخرة تبخرت بعد وقت وجيز ولم ترفع العقوبات عن بيونغ
يانغ، وغادر ترامب البيت الأبيض.
انسحاب من الاتفاق
النووي الإيراني للعودة إليه:
اتخذ ترامب قرارا عام
2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة سلفه باراك أوباما، والمجموعة
الدولية مع إيران.
ووعد ترامب بإعادة الاتفاق النووي، وفقا
لمفاوضات جديدة، وفرض شروط أكثر صرامة مثل منع تطوير الصواريخ الباليستية، وفرض
قيود على البرنامج النووي، وكبح نفوذها في المنطقة.
لكن هذه الوعود تبخرت، مع فشل المحادثات،
ورفضت إيران التفاوض تحت العقوبات والضغط، بل ذهب ترامب إلى اغتيال قائد الحرس
الثوري الإيراني قاسم سليماني ما فجر الأزمة مع طهران.