سياسة دولية

جماعة إسرائيلية متطرفة تحرض ضد داعمي فلسطين وتدعو ترامب لترحيلهم

في الوقفة الصامتة صرخ مؤيدو "إسرائيل" على المشاركين قائلين: "أرونا وجوهكم حتى نرحلكم"- منصة "إكس"
يعمل فرع منظمة بيتار الإسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية على إعداد قوائم بأسماء الناشطين المؤيدين لفلسطين من أجل تجهيزهم للترحيل عن البلاد وذلك في ظل ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يدعم سياسات الترحيل.

وجاء في تقرير لموقع "ذي انترسيبت" أنه "في 29 كانون الثاني/ يناير الماضي تجمع منظمون فلسطينيون في مدينة نيويورك في وقفة صامتة إحياء لذكرى الطفلة الفلسطينية هند رجب، 6 أعوام والتي  قتلت العام الماضي مع عائلتها برصاص الجيش الإسرائيلي".

وأضاف التقرير أنه "في حديقة زوكوتي بمنهاتن السفلى أضاء المشاركون الشموع إلى جانب صور ورسوم عن رجب، وفي نفس اليوم وقع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا بعنوان: إجراءات إضافية لمحاربة معاداة النازية، ويقتضي ترحيل المقيمين الغرباء الذين ينتهكون القوانين".

ويلزم هذا الأمر التنفيذي وزارة العدل بـ"حماية القانون والنظام وقمع تخريب المؤيدين لحماس والترهيب والتحقيق ومعاقبة العنصرية ضد اليهود في الكليات والجامعات اليسارية والمعادية لأمريكا".

 وجاء الأمر أيضا في أعقاب أمر تنفيذي آخر وقعه ترامب في اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض، ويطالب بالتحقيق وملاحقة حملة التأشيرات والناس الذين يريدون دخول أمريكا بناء على مواقفهم الثقافية والسياسية. 

وقد تجرأ فرع بيتار الأمريكي، وهي منظمة صهيونية لها فروع أخرى أنشأها الكاتب والمستوطن الاستعماري زئيف جاكوبنتسي عام 1923، بدعم أمر ترامب التنفيذي، وهي التي نشطت  على منصات التواصل الاجتماعي قبل المناسبة ووصفت المظاهرة الصامتة بأنها "تجمع جهادي". 

وطلبت بيتار من أتباعها إظهار أنفسهم أمام الوقفة ومساعدة جهود الترحيل الحكومية، ووعدت بتسجيل أسماء كل المشاركين وتقديمها إلى إدارة ترامب كجزء من أوامره الأخيرة. 

وفي الوقفة الصامتة صرخ مؤيدو "إسرائيل" على المشاركين قائلين: "أرونا وجهوكم حتى نرحلكم" و"نحن مع مراقبة الهجرة والجمارك" وصرخوا باسمها المختصر "أي سي إي، أي سي إي"، وذلك حسب فيديو صور للوقفة الصامتة. 

وقال أحد المشاركين مناشدا ضابطا في شرطة نيويورك "نحن من أجل طفلة عمرها 6 أعوام"، قبل أن تغمر مناشدته صرخات "إبادة مزيفة" و"درع بشري".

 وبعد نهاية الوقفة أعلنت بيتار أنها تعرفت على هوية مشارك من خلال تكنولوجيا التعرف على الوجه وأبلغت وزارة الأمن الداخلي عنه. 

ويخشى خبراء حرية التعبير والمدافعون عن التضامن مع المسلمين وفلسطين أن ينتشر هذا النوع من المضايقات والتمييز من جانب جماعة بيتار وغيرها من الجماعات اليمينية المتطرفة بفضل أوامر ترامب الأخيرة. 

وأكد التقرير أنه "في ظل الدعوات المتزايدة إلى ترحيل الأعداء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، يخشون من ظهور مناخ جديد يتم فيه إسكات الخطاب السياسي، ويواجه من لديهم الجرأة الكافية للتحدي، عقابا شديدا".

 وقال جونا روبين، من منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، وهي منظمة يهودية أمريكية تقدمية تدافع عن حقوق الإنسان الفلسطيني: إن هذا الخلط بين الخطاب المنتقد لـ"إسرائيل" ومعاداة السامية أو دعم حماس لن يفعل الكثير لحماية اليهود في الولايات المتحدة من الكراهية. 

وأضاف روبين: "هذه السياسات لا علاقة لها بسلامة اليهود، إن فكرة أن هذه السياسات تتعلق بسلامة اليهود وليس الرقابة الواسعة النطاق ومحاولة إسكات أي معارضة، سواء كانت تتعلق بفلسطين، أو حقوق الإنسان، أو حركات أخرى من أجل العدالة الاجتماعية، لا تصمد حتى أمام أدنى قدر من التدقيق".

وأشار التقرير إلى أن الفرضية وراء الأمر التنفيذي الأخير الذي وقعه ترامب، متجذرة في "مشروع إستر"، وهي أطروحة كتبها مؤلفو مشروع 2025. وقد وصفت الوثيقة بأنها "مخطط لمكافحة معاداة السامية" وعرضت استراتيجيات لاستهداف منتقدي إسرائيل وإسكاتهم، بما في ذلك الترحيل. 

وقد عكس الأمر التنفيذي الذي أصدرته إدارة ترمب لغة مشروع إستر وكشفت عن جوهر الأمر: "إلغاء تأشيرات الطلاب لجميع المتعاطفين مع حماس في الحرم الجامعي"، وتعهدت بترحيل "جميع الأجانب المقيمين الذين انضموا إلى الاحتجاجات المؤيدة للجهاديين".

 وتحظى هذه الأفكار برواج في أوساط الخطاب اليميني المحافظ. وكان التعهد بترحيل أنصار فلسطين متجذرا في مشروع قرار قدمه الحزب الجمهوري في أيار/ مايو 2024 ودعا إلى نفس الإجراءات.

 وتعتبر الأوساط الأكاديمية، محورا رئيسيا لمشروع إستر والأوامر التنفيذية لترامب، وفي حين أن الأمر الأخير يوجه جميع الوكالات داخل السلطة التنفيذية للمشاركة في الحملة، فإنه يشجع المراقبة في مناطق محددة، مثل الجامعات وحتى المدارس الابتدائية والثانوية، حيث يطلب من الإداريين مراقبة الطلاب الأجانب والإبلاغ عنهم لاحتمال ترحيلهم. 

والاثنين، أطلق مكتب الحقوق المدنية التابع لوزارة التعليم تحقيقات في مؤسسات تعليمية: جامعة كولومبيا وجامعة كاليفورنيا، بيركلي وجامعة نورث ويسترن وجامعة مينيسوتا وتوين سيتيز وجامعة بورتلاند الحكومية بتهمة معاداة السامية، وهو أول استخدام للأمر التنفيذي. 

وعلق روبرت مكاو، من مجلس العلاقات الأمريكية – الإسلامية (كير) والذي يرأس دائرة الشؤون الحكومية: "يجب أن يكون الأمريكيون وطلاب الجامعات الذين يزورون الولايات المتحدة قادرين على الاحتجاج على انتهاكات الحكومة الإسرائيلية لحقوق الإنسان بنفس الطريقة التي فعلتها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وأمنستي إنترناشونال وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المؤسسات المرموقة على مدى السنوات العديدة الماضية، دون خوف من الانتقام". كما ندد بورقة الحقائق الخاصة بالأمر التنفيذي التي تروج لمصطلحات معادية للمسلمين مثل "مؤيد للجهاد". 

ودفعت جهود ترامب حملة شعبية للبحث واستهداف من أجل الترحيل. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، شاركت مجموعات مثل "أمهات ضد معاداة السامية في الجامعات" و"تحالف شيكاغو اليهودي" روابط إلى خط الإبلاغ عن الهجرة والجمارك، ودعت الناس إلى التبليغ عن "الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الأجانب الذين يدعمون حماس" و"الطلاب الذين يحملون تأشيرات ويشتبه في انخراطهم في أنشطة مؤيدة للإرهاب"، على التوالي. 

وأوضح التقرير: "ربما حظيت محاولة بيتار لبناء قائمة بالاهتمام الكبير، فحتى قبل تولي ترامب منصبه، أعلنت أنها كانت تقوم بتجميع قائمة بمنتقدي إسرائيل لإدارته بهدف ترحيلهم، ومنذ ذلك الحين قالت إنها شاركت قائمة "أسماء مئات من مؤيدي الإرهاب". 

وفي الأيام التي تلت تنصيب ترامب، كانت المنظمة في نيويورك تكثف دعواتها للترحيل وقالت إنها تخطط للقاء "المسؤولين المنتخبين" في واشنطن العاصمة يوم الثلاثاء لتقديم أسماء "الجهاديين الإرهابيين في أمريكا".

 ولم تجب منظمة بيتار على أسئلة حول ممارساتها أو سياساتها، بل ردت فقط على سؤال حول جنسية مراسل الموقع ووضعيته وفيما إذا كان قد ولد في الولايات المتحدة. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، انتقدت منظمة بيتار هذا الأسبوع تحقيقا منفصلا أجراه موقع "ذي انترسيبت" حول مجموعة "أمهات ضد معاداة السامية". ووصفت مراسليها بأنهم "جهاديون متنكرون في هيئة صحافيين". 

كما أجرت منظمة بيتار مقارنة مع الصحافيين في غزة، الذين استهدف جيش الاحتلال العديد منهم وقتلهم على مدار العام الماضي. 

وقال روس جليك، المدير التنفيذي السابق لبيتار، والذي ترك المجموعة منذ ذلك الحين في تصريحات لموقع "صالون" إن بيتار تستهدف الأفراد الذين "يحرضون على الكراهية ضد إسرائيل". وقال إنها تركز على المؤسسات التعليمية وبخاصة أولئك الذين يعملون في التدريس.

 وتم القبض على جليك في عام 2018 في قضية إباحية انتقامية في نيويورك، وفقا لصحيفة "نيويورك بوست" واعترف بالذنب في التحرش من الدرجة الثانية. ونشرت بيتار على وسائل التواصل الاجتماعي أنها لم تعد توظف جليك.

 وعلى الرغم من أن المجموعة لها تاريخ طويل في الخارج، إلا أنها لم تحصل على وضع المنظمة غير الربحية المعفاة من الضرائب في الولايات المتحدة إلا في تموز/ يوليو 2024. وهي تقوم بجمع التبرعات من خلال "غوفاندمي" وحققت 30,000 دولار.

 وهي تعمل بنشاط على التجنيد حيث تضاعف عددهم من 50,000 إلى أكثر. ولم تكن وقفة رجب في نيويورك هي المرة الأولى التي تعطل فيها جماعة بيتار مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين. 

وخلال احتجاج طلابي في تشرين الأول/ أكتوبر من أجل فلسطين في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، هددت جماعة بيتار "بتنظيم مجموعات من اليهود" "لإزالة هؤلاء البلطجية الآن" إذا لم تقم الشرطة باعتقالهم. 

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر هدد أعضاء الجماعة بتسليم الطلاب المحتجين أجهزة بيجر في جامعة بيتسبرغ، في إشارة إلى هجوم في لبنان في أيلول/ سبتمبر فجرت فيه "إسرائيل" آلاف أجهزة بيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية التي يستخدمها أعضاء حزب الله، مما أسفر عن استشهاد 42 شخصا بينهم 12 مدنيا وإصابة أكثر من 4,000 آخرين. 

وأدى التهديد الخفي إلى حظر الجماعة من منصات فيسبوك وإنستغرام، لكنه نال إشادة من السناتور جون فيترمان الذي قال "أنا أحب ذلك" عندما أطلع على "النكتة". 

وعرضت بيتار مكافأت لمن يسلم بيجر لمحرر مجلة "جويش كرانتس" بيتر بينارت/ والناشطة الفلسطينية الأمريكية ناردين الكسواني التي تترأس "ويذن أور لايف تايم".

وقبل وقفة رجب التي ساهمت الكسواني بتنظيمها، عرضت بيتار مكافأة لمن يسلمها بيجر في يوم الوقفة. 

في اليوم التالي، ضاعف فرع بيتار جهوده وذكرت الكسواني في تغريدة، وجاء فيها: "لقد أرهبت أمريكا ونيويورك لفترة طويلة جدا. لقد سئمنا ولن نتوقف. أنت تكرهين أمريكا وتكرهين اليهود ونحن هنا ولن نصمت. 1,800 دولار لأي شخص يسلم هذه الجهادية بيجر".

 وقالت الكسواني إنها كانت هدفا لمجموعات صهيونية يمينية متطرفة في الماضي، والتي قادت حملات التشهير والتنمر الإلكتروني في محاولة لطردها من وظائفها وطردها أثناء دراستها في كلية الحقوق بجامعة مدينة نيويورك. وفي حين لاقت دعما من زملائها في الجامعة وفي نهاية المطاف من إدارة مدرستها، قالت إن المجموعات عبر الإنترنت كانت قادرة على تعزيز مكانتها وجمع التبرعات من خلال مهاجمتها وغيرها من الناشطين الفلسطينيين البارزين. وقالت الكسواني "يبدو أن ما تفعله بيتار الآن يشبه إلى حد ما قواعد اللعبة".

 وأضافت أن مجموعات مثل بيتار استخدمت منذ فترة طويلة مثل هذه التهديدات لتخويف المتظاهرين من المشاركة في الفعاليات. وقالت: "أحاول دائما إعادة توجيه تلك الشهرة والاهتمام الذي يحاولون جلبها إلي من خلال إعادته إلى فلسطين". وبيتار ليست المنظمة الوحيدة، فهناك شيريون كوليكتف التي تقوم بعمليات تنمر وتشهير مماثلة ووضع مكافآت ما بين 250- 1,500 دولار لمن يكشف عن هوية أي طالب وأستاذ أو سياسي يتظاهر دعما لفلسطين.

 ونشرت شيريون فيديو وصفت فيه الكسواني بأنها "إرهابية محلية". وقامت شيريون التي يمولها رجل أعمال في فلوريدا ببناء قاعدة بيانات لمشاركة نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة طوال حرب إسرائيل على غزة.