صحافة دولية

خطة "صادمة".. هل يخفي حديث ترامب عن السيطرة على غزة مخططا أكبر؟

تهجير الفلسطينيين من غزة يعد انتهاكا صارخا لاتفاقيات جنيف ويصنف كـ"تطهير عرقي"- الأناضول
سلط موقع "ناتورا إيستريما" الضوء على تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل جميع سكانه، وهو تصريح وُصف بأنه غير مسبوق وصادم وأثار موجة من ردود الفعل العربية والدولية.

وأوضح الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"، أن تنفيذ هذا المخطط يعني تهجير أكثر من مليوني فلسطيني قسرا، وهو ما يعد انتهاكا صارخا لاتفاقيات جنيف ويصنف كـ"تطهير عرقي"، ويتطلب فرض هذا الحل وجودا عسكريا أمريكيا طويل الأمد في غزة، وهو ما يُستبعد أن يوافق عليه الكونغرس.

وقال الموقع إنه سيكون من الخطأ استبعاد تعليقات دونالد ترامب باعتبارها "خارجة عن السياق"، كما هو معتاد منه، لأن هذه ليست المرة الأولى في الأيام الأخيرة التي يقترح فيها إزالة جميع الفلسطينيين من غزة؛ بل هي فكرة تتكرر الآن وتم تزيينها، وهي فكرة مروعة للغاية لدرجة أنها أثارت دهشة الدبلوماسيين والسياسيين في الشرق الأوسط، حيث كانت آخر تصريحاته "سوف نمتلك غزة".

ترامب: "سوف نمتلك غزة"
وتساءل الموقع عن كيفية حدوث ذلك الأمر؟ مبينا أن الترحيل القسري (الذي لن يكون اختياريا بالتأكيد) لمليوني شخص سيكون انتهاكًا واضحًا لاتفاقية جنيف، بل سيكون تطهيرا عرقيًا. بهذا فقد أصبح الأمر مثل دورة لا تنتهي من العنف، قد تكون غزة "جحيما"، كما يقول ترامب، ولكن اسأل أي فلسطيني عنها، سيخبرك بأنها ما زالت موطنه، رغم الجحيم.

وتساءل الموقع أيضا: من الذي سيجبرهم على الرحيل؟ أهي القوات الأمريكية بقوة السلاح؟ هل سيتم دفعهم عبر الحدود نحو مصر؟ على متن سفن مجبرة؟ ثم إلى أين؟ وهل يجب على الحلفاء الغربيين فعلا الامتثال؟ فمعظمهم لا يزال متمسكًا بفكرة حل الدولتين. إن الأمر سيتطلب وجود جنود أمريكيين في غزة لأكثر من عقد من الزمن، فهل سيوافق الكونغرس على ذلك؟ إنه أمر من غير المحتمل حدوثه.

ويتابع الموقع تساؤلاته: وبأي تفويض قد يحدث ذلك؟ فغزة ليست أرضا إسرائيلية ليتم منحها، وليست أرضا أمريكية ليتم احتلالها. ولا يمكن لترامب ببساطة "امتلاكها"، تماما كما لا يمكنه امتلاك غرينلاند، إلا إذا كان يعتزم الاستيلاء عليها بالقوة، فغزة ليست قطعة عقار في نيويورك.

حل ترامب لغزة يكشف جهله بالتاريخ
وأكد الموقع أن ترامب أعلن أنه سيتولى أمر غزة، ويجب نقل الفلسطينيين إلى أماكن أخرى، لكنه يتجاهل أو لا يفهم اللحظات الحاسمة من التاريخ الحي التي يفضل كثيرون نسيانها: النكبة، التي شهدت تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين خلال حرب 1948 وما زالوا يعانون من تبعاتها حتى اليوم، بالإضافة إلى الإخفاقات المهينة لمشاريع بناء الدول في العراق وأفغانستان.

وسواء كانت فكرته واقعية أم لا، فهي فرصة سياسية ذهبية لبنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطا لاستئناف القتال من قبل الأعضاء المتشددين في ائتلافه الحكومي. إنها "طُعم سياسي" للفصائل المتطرفة التي طالما رغبت في إعادة توطين غزة، وهي الآن ستستغل الفرصة لصالحها، فعلى الأقل لبعض الوقت، ستصرف هذه الخطة النظر عن أي نقاش جاد وعملي حول مستقبل غزة، ومن سيحكمها، ومن سيعيد إعمارها بالفعل، وهو موضوع تم تأجيله بشكل يائس، إلا إذا كان كل هذا مجرد تشتيت متعمد.

ووفقا للموقع، فإن اقتراح ترامب لن ينتهك فقط القانون الدولي، بل سينتهك أيضا موقفه المعارض منذ فترة طويلة للحروب الأمريكية في الشرق الأوسط، وسيجعله يدفع ثمن مشاكل الآخرين، فمن الصعب رؤية كيف يتناسب هذا المقترح مع أجندة "أمريكا أولا". وهذا يدفعنا لطرح سؤال هام: هل هناك لعبة أخرى تدور في الخفاء؟

فإذا كان هناك جائزة يسعى وراءها نتنياهو وترامب معا، بل وربما أكثر من أي شيء آخر، فهي اتفاق تطبيع مع السعودية، لكن الرياض ردت بسرعة على تصريحات ترامب، محددة موقفها، ومؤكدة على أن أي اتفاق يجب أن يضمن الوضع القانوني للفلسطينيين، مما يعني أن هذا الاتفاق لن يحدث أيضا.
إذا، هل يتم رسم خطوط تفاوض زائفة؟ هل يتم اختلاق مشاكل مصطنعة فقط لمنح الأطراف فرصة للتراجع لاحقا؟

وختاما، شدد الموقع على أن تصريحات ترامب كانت غير متوقعة، وصادمة، وغير واقعية إلى حد كبير، لدرجة أنها قد تكون جزءا من مخطط أكبر، أما إذا كان يتحدث بجدية، فحينها تواجه الجميع مشاكل حقيقية.