داخل منزل متواضع بقلب مدينة
غزة، تخلو أرضيته من أي سجّاد أو غطاء، وتُغطّى نوافذه المهشمة بفعل قصف الاحتلال الإسرائيلي بقطع من القماش بدلًا من الستائر، جلست منى حمدان، زوجة الشهيد محمد
الضيف، قائد هيئة أركان كتائب عز الدين
القسام "الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية
حماس" لتتحدث عن حياتها بعد إعلان استشهاده خلال معركة "طوفان الأقصى" وعدوان الاحتلال الإسرائيلي على كامل القطاع.
في أول ظهور علني لها، ظهرت منى حمدان، في مقطع فيديو، مرتدية ثوبًا أسود وغطاء رأس أبيض، وملتحفة بالشماغ الفلسطيني، بينما جلس أبناؤها بجانبها على قطعة أثاث بالية.
تحدثت منى، زوجة الضيف، عن حياة الزهد التي عاشتها مع زوجها، بالقول: "بيتنا كان يتكون من 4 فرشات وحصيرة، قبل الحرب وبعدها. هذا الأمر يصدم الكثيرين لأنهم يتخيلون أن عائلات القياديين تعيش في قصور وتتمتع بحياة الرفاهية".
وأضافت أنها كانت تخفي هويتها طوال الوقت، بسبب حساسية موقع زوجها، لكن بعد استشهاده، أصبح بإمكانها الكشف عن هويتها والحديث عن علاقتها به: "بعد استشهاد زوجي محمد الضيف، رحمه الله، تمكنت لأول مرة من الكشف عن هويتي، والافتخار بأنني زوجة هذا المجاهد القيادي الشهيد، الذي كان المطلوب الأول للاحتلال الإسرائيلي، على مدار 30 عامًا".
كذلك، كشفت أن اسمها الحقيقي لم يكن معروفًا، حيث كانت تستخدم ألقابًا مستعارة لحماية نفسها وأطفالها، بالقول: "حتى كنيتي -أم خالد-، التي كان الشهيد محمد الضيف معروفًا بها، لم أكن أستطيع أن أخبر بها أحدًا. كنت معروفة بأسماء مستعارة مثل "أم فوزي"، "أم فواز"، "أم حسام"، "أم السعيد"، "أم العبد"، وهكذا...".
وتابعت: "حتى أولاده كانوا يخفون هويتهم الحقيقية. لكن الآن أستطيع أن أقول: أنا أم خالد، زوجة القيادي القسامي العظيم محمد الضيف، رجل الظل، وهؤلاء أبناؤه".
منى، التي تعمل مُدرسة، أكّدت أنها وأطفالها لم يعيشوا يومًا في الأنفاق التي حفرتها المقاومة، بل كانوا يعيشون بين المدنيين كغيرهم: "هذه حياتنا، كل شيء بالكاد يكفينا. غرفة متوسطة قسمتها إلى مطبخ وحمام وغرفة معيشة، وهذا كل شيء".
وأشارت في الوقت نفسه، إلى أنّ أسرتها كانت دائمًا محل استهداف من قبل طائرات الاحتلال: "كنا مستعدين للشهادة في أي وقت، لأن الضيف كان مستهدفًا، وكانت إسرائيل تسعى لاغتياله".
يُذكر أن الشهيد محمد دياب المصري، المعروف بـ"محمد الضيف"، المولود في مخيم خانيونس جنوب قطاع غزة، كان يتمتع بمسيرة طويلة محاطة بالغموض داخل حركة حماس، حيث اشتهر بقدرته الفائقة على التخفي والإفلات من مطاردة الاحتلال، الذي وضعه على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود.
وأعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام مساء الخميس، استشهاد القائد العام للكتائب محمد الضيف و6 من أعضاء المجلس العسكري، خلال معركة طوفان الأقصى.
وظهر القائد العام للقسام محمد الضيف، في مشاهد حصرية بثها برنامج "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة مساء يوم الجمعة الماضي، وهو يضع اللمسات الأخيرة على التحضيرات لهجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أعلن جيش الاحتلال اغتيال محمد الضيف في ضربة جوية على غزة وقعت في تموز/ يوليو.