ملفات وتقارير

تعيين مبعوثة أممية جديدة في ليبيا.. ما فرص نجاحها في ظل الانقسام محليا ودوليا؟

رحبت الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي بالقرار- إكس
طرح قرار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بتعيين مبعوثة أممية جديدة في ليبيا ذات خلفية أفريقية، بعض الأسئلة عن مدى قدرتها على إحداث قفزة، وتغيير في المشهد الليبي، في ظل حالة التناحر والانقسام المحلي والدولي.

وعين "غوتيريش" الوزيرة الغانية السابقة، هانا سيروا تيتيه، مبعوثة أممية إلى ليبيا، خلفا للسنغالي عبد الله باتيلي، الذي استقال من المنصب في شهر أبريل 2024، على أن تستمر الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني خوري في منصبها نائبة للمبعوثة الجديدة.

"ترحيب ودعم"
ولاقى القرار ترحيبا ودعما من عدة جهات محلية ودولية، فقد رحبت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا بالخطوة، مؤكدة دعمها لجهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة، والتزامها بحل سياسي مستدام، في حين أكد السفير البريطاني لدى ليبيا، مارتن لونغدن، تطلع بلاده إلى مواصلة شراكاتها الوثيقة مع البعثة الأممية لدعم حل سياسي شامل في ليبيا.

محليا.. رحبت الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي بالقرار، مطالبة للمبعوثة الجديدة أن تنتهج نهجاً جديداً وعمليا في تقديم الدعم اللازم لكافة الأطراف، والتعامل مع الجميع على قدم المساواة، وأن تبتعد عن السياسيات التي اتبعها رؤساء البعثة السابقون.

ولوحظ حالة من الصمت لدى حكومة الوحدة برئاسة "الدبيبة"، وكذلك المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي حول قرار تعيين مبعوثة أممية جديدة في ليبيا.

فما فرص نجاح المبعوثة الجديدة في حل الأزمة الليبية والوصول إلى الانتخابات؟ وما موقفها من مبادرة "خوري" الأخيرة؟

"محاصصة وتدخل خارجي"
من جهته، قال رئيس حزب العمل الليبي، عيسى التويجر، إن "البعثة الأممية في ليبيا تؤكد قاعدة "عندما تفعل نفس الشيء لا تتوقع نتائج مختلفة"، وقد دأب المبعوثون السابقون على اختلاف جنسياتهم على انتهاج القسمة والمحاصصة بين المتصارعين على كرسي الحكم في ليبيا، دون وجود رؤية للحل ومعالجة للقضايا الرئيسية".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنه "عندما حاول "غسان سلامة" أن يأخذ في اعتباره هذه القضايا والآن من بعده خوري، بادر المجتمع الدولي بإجهاض المحاولة، فلازال التدخل الخارجي هو معضلة ليبيا الأكبر، وعندما يتوافق المجتمع الدولي سيأتي الحل بكل سهولة ويسر"، وفق رأيه.

وأضاف: "مشكلة ليبيا هو هذه المحاصصة المقيتة، سواء على المجتمع الدولي في اختيار المبعوث الذي يأتي مثقلا بوعوده للأطراف وحريصا على إرضائهم، أو على المستوى المحلي عند اختيار المسؤولين بعيدا عن الكفاءة والتمثيل الصحيح".

وتابع: "لم يوجد في سيرة المبعوثة الجديدة نجاحات سابقة في حل الصراعات، وستجد في الحالة الليبية صراعا فريدا من نوعه ليس ككل الصراعات، أما بخصوص التزامها بمبادرة خوري أو إلغائها فيعتمد هذا على أجندتها الدولية ونمط قيادتها الذي ننتظر التعرف عليه من خلال بدايتها"، بحسب تقديراته.

"حل دستوري وفقط"
عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد لنقي، رأى أنه "كي تنجح المبعوثة الجديدة في مهمتها، عليها أن تلعب دورًا فعالًا في دعم اعتماد دستور وطني للبلاد، وأن تقوم بدور الوسيط الفعال بين الفرقاء الليبيين لاعتماد دستور الاستقلال لسنة 1951، فلن يتحقق الاستقرار في البلاد إلا باعتماد هذا الدستور".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21"، أن "أغلب قرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة ما يتعلق بتعيين ممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هي خطى دون فائدة تذكر، ولا تقدم جديدا لاستقرار البلاد وقيام الدولة الليبية، فلدينا دستور منذ عام 1951 يجب تفعيله، ليكون أساسًا لهذا الاستقرار"، حسب قوله.

"تحقيق اختراق للمشهد"
في حين رأى المتحدث السابق باسم رئاسي حكومة الوفاق الليبية، محمد السلاك، أن "المبعوثة الأممية الجديدة تواجه تحديًا بالغ التعقيد في ليبيا، حيث لا يكفي امتلاك الخبرة في إدارة الصراعات لتحقيق نتائج ملموسة، بل يتطلب الأمر فهمًا دقيقًا لطبيعة الأزمة الليبية وتشعباتها الداخلية والخارجية".

وأوضح أن "المسألة الأساسية ليست في شخص المبعوث بقدر ما هي في النهج المتبع وأدوات التنفيذ. نجاحها مرهون بقدرتها على تفادي الأخطاء السابقة التي وقع فيها المبعوثون السابقون، وعلى رأسهم باتيلي، الذي لم يتمكن من تحقيق أي اختراق حقيقي في المشهد السياسي الليبي"، بحسب رأيه.

وأكد لـ"عربي21" أنه "فيما يتعلق بمصير مبادرة "خوري"، فمن المبكر الحكم عليها، لكن أي خطوة نحو تجاوزها أو تعديلها ستعتمد على مدى قبول الأطراف الليبية، ومدى قدرة المبعوثة الجديدة على تقديم رؤية سياسية قابلة للتنفيذ، وليبيا لا تحتاج إلى إعادة تدوير للأفكار أو طرح مبادرات شكلية لا تجد طريقها للتنفيذ، بل إلى وساطة أممية فعالة تدرك التوازنات المحلية والدولية".

ورأى أن "المجتمع الدولي يجب أن يدرك أن ليبيا ليست ساحة تجارب دبلوماسية، بل دولة  تحتاج إلى مسار واضح يقود إلى انتخابات حقيقية وحل سياسي مستدام".

وبسؤاله عن أسباب فشل المبعوثين السابقين، قال السلاك: "الأسباب واضحة: غياب استراتيجية واقعية، ضعف القدرة على بناء توافقات فعلية بين الأطراف الليبية، والتأثر الزائد بالاستقطابات الدولية، ما نحتاجه اليوم ليس مجرد وسيط أممي جديد، بل نهجًا مختلفًا قادرًا على كسر الجمود السياسي، ووضع حد لحالة المراوحة التي يعاني منها الملف الليبي منذ سنوات"، وفق كلامه ورأيه.