صحافة دولية

موقع روسي: هل تندلع مواجهة مباشرة بين "إسرائيل" وتركيا في سوريا؟

رسم أرفقه الموقع الروسي بتقريره حول إمكانية اندلاع مواجهة بين تركيا و"إسرائيل" في سوريا
نشر موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرا سلّط فيه الضوء على إمكانية نشوب مواجهة مباشرة بين تركيا و"إسرائيل" في أعقاب التطورات على الساحة السورية، واحتمال تورط الولايات المتحدة في هذا الصراع.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن لجنة يقودها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب ناغل، أصدرت مؤخرا وثيقة ترسم ملامح الخطط الاستراتيجية للسنوات العشر القادمة، وقد تناولت احتمالات اندلاع مواجهة مع تركيا في إطار الصراع على النفوذ الإقليمي بعد انهيار نظام الأسد في سوريا.

وثيقة ناغل السرية
قدمت اللجنة التي تشكلت في آب/ أغسطس 2024 برئاسة يعقوب ناغل المقرب من نتنياهو، بمشاركة مسؤولين من الحكومة ووزارة المالية والدفاع وعدد من الهيئات الأخرى، تقريرها في السادس من كانون الثاني/ يناير الجاري، إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.


وعقب صدور تقرير لجنة ناغل، عقد وزير الحرب الإسرائيلي اجتماعا خاصا لمناقشة قضايا الأمن المتعلقة بتركيا، وفق ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست". وقد حضر الاجتماع وزير الخارجية جدعون ساعر، ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، بالإضافة إلى ممثلين رفيعي المستوى من وزارة الدفاع.

وكشفت "جيروزاليم بوست" أن الوثيقة السرية المكونة من 20 صفحة، حذرت من أن مساعي تركيا لاستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية يهدد بتدهور العلاقات مع "إسرائيل"، مع احتمال نشوب صراع مباشر بين الطرفين. كما تذكر الوثيقة أن تحالف الفصائل السورية مع أنقرة يمثل تهديدًا أمنيًا جديدًا لـ"إسرائيل" قد يكون "أكثر خطورة من التهديد الإيراني".

وترجح مصادر صحيفة "جيروزاليم بوست" أن يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا قريبًا حول تركيا، يتم خلاله النظر في تأثير أنقرة في المنطقة والتحديات التي قد تطرأ على "إسرائيل" ومصالحها.

ونقل الموقع عن نتنياهو قوله بعد الاطلاع على الوثيقة، دون أن يذكر تركيا بشكل صريح: "نشهد تغييرات جذرية في الشرق الأوسط. لقد كانت إيران منذ فترة طويلة أكبر تهديد لنا، لكن دخلت قوى جديدة إلى الساحة وعلينا الاستعداد للتحديات غير المتوقعة والتهديدات الجديدة. يقدم لنا هذا التقرير خريطة طريق لتأمين مستقبل إسرائيل".

وذكر الموقع أن الوثيقة توصي بضرورة رفع ميزانية الدفاع، وتحديد مدة الخدمة العسكرية للرجال بـ36 شهراً كحد أدنى، وتحديث المجمع الصناعي العسكري، فضلاً عن شراء كميات كبيرة من الأسلحة والتقنيات العسكرية الحديثة وأنظمة الدفاع المتطورة.

كما تُوصي الوثيقة بتغيير العقيدة العسكرية الإسرائيلية من "ردع الأعداء" إلى "شن هجمات وقائية ضدهم"، وتعزيز الدفاعات الجوية والصاروخية، وشراء طائرات حربية جديدة، وتعزيز الحاجز الأمني في نهر الأردن.

هل تتورط الولايات المتحدة في الصراع؟
أوضح المركز الروسي أن "إسرائيل" عززت وجودها العسكري في الجولان بعد سقوط نظام الأسد، واحتلت أراضي جديدة في محافظتي القنيطرة ودمشق.

ورغم أن تقلص النفوذ الإيراني في سوريا يُعد إنجازًا عسكريًا وسياسيًا كبيرًا لـ"إسرائيل"، إلا أن مؤلفي "تقرير ناغل" يرون أن هذه الانتصارات مجرد إنجازات تكتيكية، وأن المستفيد الأكبر مما  يحدث في سوريا على المستوى الاستراتيجي هو تركيا.

واعتبر المركز الروسي أنه رغم القوة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، فإن نقص القوى والموارد اللازمة لخوض صراع مباشر مع تركيا، وكذلك استحالة الحفاظ على مناطق كبيرة في الأراضي السورية، سيدفع الإسرائيليين إلى إشراك واشنطن في تحركاتهم الإقليمية لاحتواء النفوذ التركي.

وبالتالي من المتوقع قيام واشنطن بخطوة تمهيدية نيابة عن "إسرائيل"، من خلال التصعيد العسكري في شمال سوريا، رغم وعود ترامب المعلنة بسحب القوات الأمريكية من منطقة الفرات، ما قد يؤدي إلى تورط الولايات المتحدة في حرب طويلة أخرى من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى تتعلق أساسا بمشروع "إسرائيل الكبرى"، وفقا للمركز.

ويرى المركز أنه رغم التزام ترامب الواضح بالأجندة "الصهيو مسيحية" والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمؤسسة الحاكمة في "إسرائيل"، إلا أن آراء كبار مستشاريه قد تتباين بشأن اتباع خطط نتنياهو.

تلك الخطط قد تؤدي إلى مواجهة مفتوحة، ليس مع إيران فحسب، بل أيضًا مع تركيا حليفة الولايات المتحدة في الناتو، والتي استطاعت إثبات نفسها في مجال صنع الطائرات دون طيار وعدد من التقنيات العسكرية الأخرى.

الورقة الكردية
وكان الرئيس التركي قد اتهم في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، خلال افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان، حكومة نتنياهو بأنها ترغب في التوسع على حساب بلاده قائلاً: "الإدارة الإسرائيلية، التي تستند في تصرفاتها إلى وهم الأرض الموعودة، سوف تستهدف وطننا بعد فلسطين ولبنان، بعقلية دينية متعصبة.. تحلم حكومة نتنياهو بضم الأناضول، وقد كشفت عن هذا الهدف أكثر من مرة. نحن نتابع عن كثب الهجمات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان، كما نلاحظ رغبتها في إنشاء كيان تابع لها في شمال العراق وسوريا، باستخدام المنظمات الانفصالية كأداة في سياستها الخارجية".


وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد أعرب عن دعمه لحزب العمال الكردستاني قائلاً: "الأكراد هم شعب عظيم. وهو أحد الشعوب التي لا تتمتع بالاستقلال السياسي. إنهم حلفاؤنا الطبيعيون. ينبغي أن نمد يد العون للأكراد ونقوي علاقاتنا معهم، هذا له بعد سياسي وأمني".

وأضاف: "ينبغي أن تتحد الأقليات في المنطقة. الأكراد هم ضحايا القمع الإيراني والتركي. يتعين على إسرائيل التواصل معهم وتعزيز العلاقات. نحن أقلية في المنطقة، لذلك من الطبيعي أن تكون الأقليات الأخرى حليفتنا".

وختم المركز بأن مآلات التنافس على توسيع النفوذ بين "إسرائيل" والولايات المتحدة من جهة، وتركيا من جهة أخرى، سوف تشكل مستقبل سوريا والمنطقة ككل.