أثار
المصري،
أحمد المنصور، الذي شارك في المعارك التي أسقطت نظام
الأسد في
سوريا، الجدل في بلده مصر، بعد أن نشر صورة له وخلفه علم مصر قبل ثورة 1952 وإنهاء الملكية، معلنا تشكيل "حركة ثوار 25 يناير"، بهدف إسقاط رئيس النظام المصري عبدالفتاح
السيسي.
وبحسب تقرير لموقع
ميدل إيست آي البريطاني، فقد كان أحمد المنصور شخصًا مغمورًا نسبيًا حتى أسابيع قليلة مضت، لكنه استطاع أن يكوّن أتباعًا في بلده مصر بعد أن أطاح الثوار السوريون بنظام الأسد.
وقال التقرير الذي عمل عليه الإعلامي المصري، أسامة جاويش، إن المنصور هو مواطن مصري بدأ القتال مع الثوار السوريين ضد
بشار الأسد في عام 2013، ومنذ استيلاء الثوار على دمشق، وهو ينشر مقاطع فيديو يدعو فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى التنحي بعد 12 عامًا في السلطة.
وباستخدام هاشتاغ “جاك الدور يا ديكتاتور”، وهي عبارة مستوحاة من الهتاف السوري الذي أطلقه السوريون عام 2011 “جاك الدور يا دكتور”، ينشر المنصور محتوى شبه يومي يتحسر فيه على الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في البلد الواقع في شمال أفريقيا.
وقال منصور في مقطع فيديو نُشر مؤخرًا على منصة “إكس": “إن حالة الرعب التي يعيشها السيسي تتطلب مبادرتنا لإشعال الثورة من جديد”.
في الأشهر الأخيرة، يواجه السيسي، قائد الجيش السابق الذي وصل إلى السلطة في عام 2013 بعد انقلابه على أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيًا محمد مرسي، غضبًا شعبيًا متزايدًا بسبب المذبحة التي تتكشف في غزة المجاورة فضلًا عن اقتصاد البلاد المتردي.
وتعاني مصر، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 109 ملايين نسمة، من تضخم قياسي ونقص في العملات الأجنبية منذ استيلاء السيسي على السلطة، حيث تضاعفت الديون الخارجية أربع مرات لتصل إلى 164 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وفي خضم هذه الاضطرابات؛ حاول السيسي بشكل متكرر تبرئة نفسه من أي مسؤولية عن المشاكل التي تعاني منها البلاد، كما سعى إلى النأي بنفسه عن أي مقارنات مع الأسد.
وقال في خطابات متعددة إن يديه لم تتلطخا بدماء المصريين ولم ينهب ثروات البلاد.
وقال السيسي في خطاب ألقاه مؤخرًا: “إذا كان رئيسكم غير صالح، أو إذا كانت يداه ملطختين بدماء المصريين، أو إذا كان قد نهب أموال الشعب، فيجب أن تخافوا على بلدكم. الحمد لله، لم تحدث أي من هذه الأمور”.
إلا أن مستخدمين آخرين على مواقع التواصل الاجتماعي استخدموا هاشتاغ منصور قائلين إن السيسي أشرف على جرائم محتملة ضد الإنسانية في الأشهر التي تلت الانقلاب؛ حيث قُتل آلاف المتظاهرين المؤيدين لمرسي بالرصاص أو اعتقلوا في أسوأ حقبة من وحشية الشرطة في تاريخ البلاد الحديث.
وشن السيسي أيضا حملة قمع واسعة النطاق؛ حيث اعتقل ما يقدر بنحو 65 ألفا من المعارضين السياسيين، بما في ذلك السياسيون والمتظاهرون والصحفيون ونشطاء المجتمع المدني.
هل السيسي "خائف"؟
وفي أعقاب الإطاحة بالأسد، التي نددت بها الحكومة المصرية في البداية، أفادت تقارير أن القاهرة بدأت بإعداد قوائم بأسماء المصريين الذين قرروا الذهاب للقتال في سوريا بعد بدء الثورة.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية السعودية، نقلًا عن مصادر مصرية، أن بعض الأفراد المدرجة أسماؤهم في القوائم قيل إنهم تورطوا في أنشطة إرهابية في مصر قبل أن يغادروا إلى سوريا.
وسخر المنصور، الذي انفصل منذ ذلك الحين عن “هيئة تحرير الشام” – التي استولت على دمشق – من تصرفات الحكومة المصرية، مدعيًا أن السيسي “خائف”.
وقال المنصور متحديًا في مقطع فيديو يوم الاثنين الماضي: “السيسي يعد قائمة بأسماء المصريين الذين يقاتلون في سوريا، لدي ما أقوله له: أنت غبي، أنت خائف”.
بعد نشر الفيديو، أفاد موقع “عربي48” أن السلطات المصرية اعتقلت العديد من أفراد عائلة منصور المقربين بمن فيهم والده وعمه.
وبعد أيام، أعلن المنصور في مقطع فيديو آخر على منصة “إكس” أربعة مطالب رئيسية: استقالة الرئيس السيسي، وإبعاد الجيش المصري عن السياسة، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين، والعودة إلى مبادئ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
ومنذ أن أطلق المنصور حملته على وسائل التواصل الاجتماعي، أفادت التقارير أن المسؤولين المصريين كانوا قلقين للغاية لدرجة أن وزير الداخلية عقد مؤخرًا اجتماعًا مع كبار المسؤولين الأمنيين ورفع حالة التأهب الأمني في البلاد إلى أعلى مستوياتها.
وفي خضم هذه الاضطرابات المتزايدة، هاجم أحمد موسى، أحد أبرز مؤيدي السيسي، المنصور على حسابه على منصة “إكس”، متوعدًا إياه بمصير هشام عشماوي، ضابط الجيش السابق الذي أُعدم بتهمة الخيانة والإرهاب.
وفي الوقت نفسه، انتقد نشأت الديهي، وهو مؤيد آخر للسيسي، المنصور في برنامجه التلفزيوني، واصفًا إياه بالإرهابي الخائن الذي هرب من مصر في عام 2012 ودعا إلى ثورة مسلحة مثل الثورة السورية.
وقال مصدر مقرب من المنصور لموقع “ميدل إيست آي” إنه على الرغم من محاولات الحكومة المصرية تشويه سمعة المقاتل الأجنبي السابق باعتباره إرهابيًا، إلا أن قرار المنصور بالتوجه فعليًا إلى الخنادق حدث بعد انقلاب السيسي وما تلاه من حملة قمع وحشية.
وأوضح أن المنصور، الذي ولد في محافظة الإسكندرية، تلقى تعليمه الجامعي بعد أن درس في الأزهر والتحق بالأكاديمية البحرية، حيث تخصص في اللوجستيات.
وقال المصدر إن المنصور واصل الدراسة في معهد إعداد الدعاة وإلقاء المحاضرات الإسلامية في التلفزيون المصري.
وأشار إلى أن شخصية المنصور شهدت تغيرات في أعقاب تعذيب الشرطة لخالد سعيد وقتله عام 2010، وأكد المصدر أن المنصور لم تكن له علاقة بجماعة الإخوان المسلمين أو أي حزب سياسي بعد الإطاحة بحسني مبارك، وأن مذبحة رابعة العدوية كانت نقطة تحول محورية بالنسبة له.
وقال المصدر: “لقد شارك المنصور في اعتصام رابعة وشهد العديد من المذابح التي ارتكبها النظام العسكري”.
وأضاف المصدر أنه غادر مصر إلى سوريا بعد شهرين للانضمام إلى القتال ضد حكومة الأسد.
وأدى القلق المحيط بالتطورات في سوريا إلى زيادة الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات المصرية تجاه السوريين، ومعظمهم من اللاجئين، المقيمين في مصر.
فعندما خرج أفراد من الجالية السورية في القاهرة إلى الشوارع للاحتفال بسقوط الأسد، تم اعتقالهم بحجة التظاهر بدون تصريح.
وفي الوقت نفسه، أفادت التقارير أن السلطات المصرية قد أبلغت شركات السفر والطيران العاملة في البلاد بعدم السماح للمواطنين السوريين بدخول مصر من أي مكان في العالم، باستثناء أولئك الذين يحملون تصاريح إقامة مؤقتة.