أصبحت ثروة
عائلة
الأسد محط اهتمام عالمي، بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، خصوصا
في ظل العقوبات المفروضة على
سوريا، وما صاحبه من تدهور اقتصادي في البلاد.
وبحسب تقديرات بعض
الدراسات فقد وصلت قيمة ثروة آل الأسد إلى 12- 16 مليار دولار، وهي ثروة جمعها
بشار الأسد وعائلته على مدار أكثر من خمسة عقود من حكم سوريا، عبر سيطرتهم على
قطاعات اقتصادية متعددة كالبنوك والاتصالات والمقاولات، لكن في السنوات الأخيرة،
تزايدت الأسئلة حول إمكانية استرجاع هذه الثروة من قبل الشعب السوري، خاصة بعد
تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وتعتبر بعض
المعلومات حول كيفية تهريب الأموال إلى خارج سوريا غامضة للغاية، خاصة في ظل ما
أثير عن أن بعض هذه الأموال اختبأت في ملاذات ضريبية خارجية، كما في
روسيا ودبي.
رغم ذلك، فإن الجهود الدولية تتواصل للكشف عن ثروات الأسد وعائلته، وتحقيقات عدة تدور
في محاولة للوصول إلى تفاصيل أكثر عن أماكن هذه الأموال.
ثروة الأسد
المخبأة في روسيا وملاذات ضريبية
وفي تحقيقات
عديدة نشرت حول الثروات المخبأة للأسرة الحاكمة في سوريا، فإنه تم الكشف عن جزء من ثروة
بشار الأسد التي جرى تهريبها إلى روسيا، وهي خطوة لم تكن غير متوقعة بالنظر إلى
العلاقة الوثيقة التي تربط الأسد بروسيا.
وتشير التقارير إلى
أن الأسد وأفراد عائلته قاموا بنقل حوالي 250 مليون دولار إلى حسابات بنكية في
روسيا خلال عامي 2018 و2019. بالإضافة إلى ذلك، هناك تقارير تفيد بأن الأموال تم
تهريبها عبر طنين من الأوراق النقدية من فئة 100 و500 دولار، وهو ما يوضح حجم
التدابير التي اتخذها الأسد لحماية أمواله بعيدًا عن الأنظار.
لكن روسيا ليست
المكان الوحيد الذي خبأ فيه آل الأسد أموالهم، بل إنهم قاموا بنقل جزء من ثرواتهم
إلى عدة ملاذات ضريبية أخرى في أوروبا وآسيا، ما يجعل عملية تتبع الأموال مستحيلة
تقريبًا دون التنسيق الدولي بين الحكومات المعنية. هذه الحقيقة تزيد من تعقيد
عملية استرداد الثروات المسروقة، إذ إن هذه الأموال مختبئة في مناطق يصعب الوصول
إليها.
كيف ازدهرت ثروة
الأسد رغم العقوبات؟
على الرغم من
العقوبات الدولية المفروضة على نظام بشار الأسد، إلا أن هذه العقوبات كانت بمثابة
وسيلة لتحفيز الثراء على المقربين من الأسد. فقد تمكنت الدوائر المقربة من عائلة
الأسد، خاصة من خلال تجارة المخدرات مثل "الكبتاغون"، من تحقيق مكاسب
ضخمة. هذه التجارة أدت إلى تدفق مليارات الدولارات على النظام، في وقت كان فيه
الاقتصاد السوري يعاني من انهيار شبه كامل نتيجة الحرب.
ولم تقتصر
الثروات على تجارة المخدرات فقط، بل امتدت لتشمل مجالات أخرى مثل قطاعات الاتصالات
والمقاولات. فبحسب بعض التقارير، كان آل الأسد يسيطرون بشكل شبه كامل على هذه
القطاعات، ما أكسبهم ثروات ضخمة على حساب الشعب السوري، الذي ظل يعاني من أزمة
اقتصادية وإنسانية متفاقمة. هذه السيطرة جعلت النظام السوري يشبه "دولة
مخدرات" أكثر من كونه نظامًا سياسيًا، في ظل تزايد الاعتماد على دخل التجارة
غير المشروعة.
صعوبة استرداد
الأموال
تتزايد الصعوبات
أمام أي محاولات لاسترداد أموال آل الأسد، في ظل التحديات القانونية المعقدة التي
تواجهها المنظمات الدولية. فقد بدأت بعض المنظمات غير الحكومية في العمل على
استرجاع الأموال المسروقة من عائلة الأسد، لكن العملية معقدة للغاية، نظرًا لتوزيع
الأموال على العديد من الدول والمناطق التي يصعب التنسيق القانوني معها.
ورغم الصعوبات، فإنها توجد بعض السوابق التي قد تساهم في تحفيز الجهود لاسترداد هذه الأموال. ففي فرنسا،
تم الحكم على رفعت الأسد (شقيق بشار) بإعادة 90 مليون يورو من أمواله غير
المشروعة، وهو ما قد يُعتبر اختبارًا مهمًا في استرجاع الأموال المسروقة من قبل
الأسرة الحاكمة. لكن، كما أشار العديد من الخبراء، فإن عملية استرجاع هذه الأموال قد
تستغرق سنوات طويلة، في وقت يحتاج فيه الشعب السوري إلى هذه الأموال بشكل عاجل
لإعادة بناء بلاده.
ثروات الأسد في
مأمن
تشير العديد من
التقارير إلى أن بشار الأسد قد وضع ثرواته في أماكن يصعب الوصول إليها، مثل
الحسابات البنكية في روسيا، في محاولة لحمايتها من أي محاولات لاسترجاعها. ورغم أن
هذه الأموال غير مشروعة، إلا أن الحماية التي يتلقاها الأسد من الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين قد تجعل من الصعب على المجتمع الدولي، بل وحتى على الشعب السوري،
استعادة هذه الأموال.
هذه الحقيقة
تجعل من الصعب التصور أن هذه الثروات ستعود إلى سوريا في الوقت القريب. ورغم ذلك،
فإن هناك بعض الأمل في أن تبدأ بعض الدول باتخاذ إجراءات قانونية من أجل استرداد
هذه الأموال، وهو ما قد يتطلب مزيدًا من التنسيق بين السلطات الدولية والجهات
القانونية المختصة.