عقب قطيعة دامت لسنوات طِوال، أُعيد تسليط الضوء من جديد على احتمالية عودة العلاقات الدبلوماسية بين
إيران والمغرب، وذلك منذ ترحيب وزارة الخارجية الإيرانية، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بتحسين علاقاتها مع دول إسلامية، ومن بينها
المغرب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في ردّه على سؤال حول أنباء متداولة بخصوص لقاء مندوب أمني إيراني مع مسؤولين مغاربة، بغية استئناف العلاقات بين البلدين، إن: "إيران رحّبت دائما بتطوير العلاقات مع الدول الجارة والإسلامية"، مؤكدا: "تاريخ علاقاتنا مع المغرب واضح".
وأضاف: "من الواضح أننا نسير على نفس السياسة التي اتبعناها منذ فترة طويلة وسوف نستمر في الحكومة الرابعة عشرة في تحسين العلاقات مع الدول على أساس مبادئ الكرامة والحكمة والمنفعة، مع مراعاة المصالح الوطنية لبلادنا ومع مراعاة المصالح في المنطقة والعالم الإسلامي".
وخلال فترة المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات في البرتغال، الشهر الماضي، رجّت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، في المغرب، بصورة جمعت وزيري خارجية إيران، عباس عراقجي، والمغرب، ناصر بوريطة، وهما يجلسان بجانب بعضهما البعض، بمعيّة جُملة استفسارات عن إمكانية عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين.
مد وجزر
منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي عمل على تقوية العلاقة الدبلوماسية مع طهران قبل الثورة الإسلامية سنة 1979، كانت العلاقات المغربية الإيرانية، تعيش على إيقاع حالة من المد والجزر.
وقرر المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، سنة 1981 بعد إعلان إيران دعمها لجبهة البوليساريو التي تتنازع مع المغرب على إقليم الصحراء، فيما منحت الرباط، مقابل ذلك حق اللجوء السياسي لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي.
وبعد عشر سنوات، عادت المياه إلى مجاريها بين الرباط وطهران، عبر افتتاح السفارة الإيرانية بالرباط، بشكل رسمي، وذلك بعد تراجع طهران عن الاعتراف بـ"الجمهورية الصحراوية" التي تود البوليساريو إنشاءها.
إثر ذلك، استمرت العلاقات بين البلدين لمدة 18 سنة، وإثر دعم إيران لجبهة البوليساريو، قرر المغرب مرّة أخرى، قطع العلاقات خلال سنة 2009، ليُعيدها سنة 2015، ويقطعها سنة 2018، لنفس الأسباب.
كان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، قد أعلن عن قرار الرباط إغلاق السفارة الإيرانية وطرد سفيرها من المملكة، متّهما حزب الله اللبناني بالتورط في تهريب الأسلحة لجبهة البوليساريو، بالقول: "لدينا أدلة على دعم إيران للبوليساريو".
كذلك، لم ينحصر التوتر بين المغرب وإيران على مستوى السياسات الداخلية للبلدين، بل امتد إلى المستوى الديني، حيث اتهمت الرباط إيران، سنة 2009، عبر بلاغ صادر عن وزارة الخارجية المغربية بـ"تشجيع نشر التشيع في البلاد"، مما يستهدف وحدة المذهب السني المالكي "الذي ينتمي له جل المغاربة".
من جهته، أصدر مجلس العلماء المغربي، فتوى في عهد الحسن الثاني لتكفير آية الله الخميني، وذلك بعد توليه مسؤولية المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران.
أي إمكانية لعودة العلاقات؟
في قراءته، قال أستاذ باحث في العلاقات الدولية، حسن بلوان، إن "الخلاف الإيراني المغربي معقّد وأكثر حساسية ويقع تحت ضغط ثلاثة ملفات ثقيلة، وهي قضية الصحراء والوحدة الترابية المغربية، وكف إيران عن سياسة التدخل المهدد للاستقرار في الشؤون الداخلية لحلفاء المغرب في الخليج، ثم العلاقات الممتازة بين إيران والجزائر على حساب المغرب".
وتابع بلوان، في حديثه لـ"عربي21"، أن "الدبلوماسية المغربية الجديدة تتعاطى مع مثل هذه الملفات بواقعية أكثر ومن غير المستبعد إعادة العلاقات المغربية الإيرانية".
وأوضح المتحدث نفسه، أن شروط الرباط ستكون هي: "حياد الموقف الإيراني من قضية الصحراء المغربية، وكف أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المشرق والمغرب".
وأضاف: "ضغط إيران على حزب الله لفك الارتباط بينه وبين ميلشيات البوليساريو الانفصالية، وأيضا الحفاظ على التوازن الإيراني في العلاقات مع المغرب من جهة ومع الجزائر من جهة أخرى".
وختم بلوان حديثه لـ"عربي21" بالقول إنّ: "إعادة العلاقات بين إيران والمغرب هي مسألة وقت فقط، بالنظر إلى التغيرات الجيواستراتيجية التي تعرفها المنطقة والتحديات التي يواجهها البلدان، أضف إلى ذلك التقارب الإيراني السعودي، الذي سينعكس بلا شك بشكل إيجابي على العلاقات بين البلدين".