ما تفتأ المحافل الدبلوماسية في دولة
الاحتلال تصدر تحذيراتها من التحول التدريجي إلى نظام فصل عنصري محاصر ومعزول عن باقي دول العالم، لا سيما مع صعود هذه الحكومة اليمينية الفاشية التي أزالت القناع عن نوايا الاحتلال، وبداية التململ العالمي لنبذه من المجتمع الدولي.
توفا هرتسل سفيرة الاحتلال السابقة في جنوب أفريقيا، والمسؤولة بوزارة الخارجية، ذكرت أنها "أمضت جزءا من سنوات عمرها في جنوب أفريقيا أثناء نظام الفصل العنصري، حين اعتمد على التمييز الرسمي، وتفضيل البيض على بقية المواطنين السود، وقد عدت لتلك الدولة بعد سنوات قليلة من قيام العالم بتفكيك النظام العنصري في 1994، ويؤلمني القول إنه منذ تشكيل الحكومة الحالية في 2023، كثفت إسرائيل الإجراءات التي تجعل منها، على أقل تقدير، دولة على شفا الفصل العنصري".
وأضافت في مقال نشره موقع "
والا"، وترجمته "عربي21"، أنه "من الأهمية بمكان القول إننا نشك في أن لدينا القدرة على تحمّل الثمن الذي سندفعه بسبب اتهامنا بتطبيق نظام الفصل العنصري، حيث نسيطر على الأراضي
الفلسطينية المحتلة ضمن حالة "استيلاء عسكري"، مع أنه قبل تشكيل الحكومة قبل عامين تقريبا، لم نستبعد رسميا إمكانية التوصل لتسوية إقليمية في الأراضي المحتلة، وفقا لروح قرار مجلس الأمن 242 الذي صدر بعد حرب 1967، وتبناه الاحتلال".
وأشارت إلى أن "ما تقوم به قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية يتعارض مع القانون الدولي الذي يحظر على قوة الاحتلال نقل السكان من أراضيهم الخاضعة لسيطرتها إلى الأراضي الواقعة تحت مسؤوليتها والعكس، باستثناء الأغراض الأمنية، لكن قوات الاحتلال اتخذت جملة إجراءات ميدانية على الأرض مثل توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، زاعمة أن ذلك يتم بسبب اعتبارات أمنية".
وأوضحت أنه "مع مرور السنين، وتعميق الاستيطان، أصبحت الحجّة أمام العالم أقل إقناعا، لكن الاحتلال أصرّ عليها، وجاء تعيين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وزيرا إضافيا في وزارة الحرب لإزالة القناع عن نواياه، من خلال منحه جملة من الصلاحيات التي تشكل إعلانا بأن سلوك الاحتلال في الأراضي الفلسطينية يخضع لاعتبارات استيطانية، وليست أمنية، ومن خلال قيامه بذلك، ينتهك عمدا القانون الدولي فيما يتعلق بالتزاماته تجاه الأراضي الخاضعة لسيطرته، وتجاه الفلسطينيين".
واستدركت بالقول إن "سموتريتش وحكومته لم يكتفوا بذلك، بل إنه أعلن أن عام 2025 سيكون عاما لفرض سيطرة الاحتلال على الضفة الغربية، تمهيدا لخطة الضمّ، مع العلم أن ذلك لا ينبغي أن يكون مفاجئاً، لأن الخطوط الأساسية للحكومة الحالية تستبعد التوصل مع الفلسطينيين لتسوية إقليمية، ما يعني أن "الحق التاريخي" في إسرائيل بات "حصريا"، ويمتد من "النهر إلى البحر"، كل شيء لنا، لنا فقط، وحدة واحدة، وكأن الخط الأخضر بات من التاريخ".
ليس هذا فقط، تواصل الكاتبة، فقد جاء "إعلان وزير الحرب الجديد يسرائيل كاتس، قبل أيام قليلة، بإلغاء أحكام الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود العنيفين ممن يمارسون الإرهاب، وكأننا أمام تكرار لما كان يحدث في جنوب أفريقيا العنصرية في ذلك الوقت حين كان سلوك السلطات تجاه المشتبه بتنفيذهم أعمالا عدائية ينطلق من انتمائهم الجماعي العنصري، أي أنها ابتدعت إجراءات قضائية مختلفة بالنسبة للبيض، وقانونا آخر للسود".
ولفتت إلى أن "الإسرائيليين مدعوون للاهتمام بمدى تأثير العقوبات المفروضة على جنوب أفريقيا بسبب التمييز المؤسسي عليهم، وأن يسألوا أنفسهم عما يعتقدون أنه سيحدث لإسرائيل نتيجة للسياسة التي ستترك ملايين الفلسطينيين دون حقوق، وأن يقرروا ما إذا كان الثمن الذي سيدفعونه يستحق ذلك، مما يعني أن الإسرائيليين ليسوا معفيين من مناقشة تصرفات حكومتهم، بل من واجبهم فهم العواقب التي ستترتب عليهم، لأن الأمر يتعلق بتحويل إسرائيل إلى دولة واحدة ذات شعبين يتمتعان بحقوق مختلفة، وهي دولة سيخرجها سلوكها من الإجماع الدولي، وهناك سبب للخوف من أن الأوان قد فات بالفعل عن أي استدراك".