سياسة عربية

بوليتيكو: العرب في ديربورن يشعرون بالرضا عن هزيمة هاريس

موقف إدارة بايدن من العدوان على غزة أسهم بخسارة هاريس للانتخابات- جيتي
سلط تقرير لمجلة "بوليتيكو" الضوء على آراء العرب في أمريكا بعد خسارة المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأمريكية.

وقالت معدة التقرير ليز كرامبتون إن العرب الأمريكيين في مدينة ديربورن، ميشيغان، يشعرون بالرضا من خسارة مرشحة الحزب الديمقراطي ونائبة الرئيس كامالا هاريس في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، فقد تحول سكان ديربورن عن دعمهم للديمقراطيين، وصوتوا لدونالد ترامب المرشح الجمهوري، وكان تصويتا احتجاجيا ضد هاريس وجو بايدن.

وحذر زعماء العرب الأمريكيين في ديربورن هاريس ولعدة أشهر بأنها يجب أن تبعد نفسها عن سياسة بايدن الداعمة لإسرائيل وحربها ضد غزة، وإلا فإنها ستواجه ردة فعل من مجتمع مؤثر في ولاية متأرجحة مهمة.

وقد تم تجاهل هذه المناشدات من النائبة وحملتها، وارتكبت هاريس بدلا من ذلك الخطأ الفادح، وأهانت العرب الأمريكيين الغاضبين، والذين يشعرون بحزن من تزايد حصيلة القتلى في غزة، ورفضت استضافة فلسطيني أمريكي للحديث من على المنصة الرئيسية في مؤتمر الحزب الديمقراطي في آب/ أغسطس، الذي عقد في ميشيغان. وتصرفت بطريقة فجة مع المتظاهرين المؤيدين لفلسطين، الذين انتقدوا وقوفها مع سياسة بايدن من الحرب. كما وأرسلت مندوبين مؤيدين لإسرائيل إلى ميشيغان.

 ويشعر الكثير من العرب الأمريكيين الآن بأنهم أنقذوا، كما قال مايكل ساريني، رئيس مجلس مدينة ديربورن "يشعرون بأنه تم افتداؤهم" و "أرادوا إرسال رسالة وقد فعلوا"، مضيفا "هذا الموقف من الحرب التي لا تنتهي وقتل الأبرياء من النساء والأطفال يجب أن ينتهي"، وفقا للتقرير.

وفي الأيام التي تلت خسارة هاريس، شعر الديمقراطيون باليأس من النتائج، بحسب المجلة، إلا أن سكان ديربورن لم يندهشوا من انتصار دونالد ترامب الحاسم، حسب مقابلات مع 12 شخصية بارزة في هذه المدينة المكتظة بالمسلمين خارج مدينة ديترويت مباشرة. وإضافة إلى شعورهم بأنهم كانوا على حق، لم يقتصر تصويتهم الاحتجاجي على العرب الأمريكيين فقط، الذين يشكلون جزءا ضئيلا من سكان الولايات المتحدة.


وأوضح التقرير، أن الغضب امتد تجاه إدارة بايدن بشأن غزة إلى الحرم الجامعي في جميع أنحاء البلاد وبين التقدميين من جميع الأعمار، مما أدى إلى أكبر احتجاج مناهض للحرب لم ير منذ جيل.

وقال عامر زهر، وهو ناشط فلسطيني- أمريكي "في الوقت الذي تعاملنا فيه مع ذلك الحزن، فقد أصبحنا أكثر نضجا من الناحية السياسية".

وبحسب النتائج غير الرسمية، فقد حصل ترامب على نسبة 42 بالمئة من أصوات الناخبين، أما هاريس فقد حصلت على نسبة 36 بالمئة ، أي بتراجع نسبة 33 بالمئة عندما كان بايدن مرشحا في 2020، أما مرشحة حزب الخضر جيل ستين فقد حصلت على نسبة 18 بالمئة.

ولو تحركت نحو الأحياء العربية الأمريكية لرصدت تدهورا دراميا في الدعم لنائبة الرئيس. فقد حقق ترامب تقدما كبيرا في الجزأين الشرقي والجنوبي من ديربورن. وفي هاتين المنطقتين تتركز الجالية العربية. ففي واحدة من تلك المناطق حصلت هاريس على نسبة 13بالمئة مقابل 51 بالمئة لترامب.

وقال عدد من قادة العرب الأمريكيين في ديربورن إن النزعة المحافظة لترامب وشعاره "أمريكا أولا" الانعزالي جعلت العرب أكثر راحة لدعمه، وبخاصة بعد تخليهم عن الحزب الجمهوري في أعقاب هجمات 9/11.

وبالنسبة لعدد كبير من العرب الأمريكيين الذين يشعرون بأنهم مستهدفون دائما من نظام العدالة وإنفاذ القانون، فقد تعاطفوا مع مشاكل ترامب مع القانون، وفقا للمجلة.

وأكد القادة العرب في ديربورن أن التصويت لترامب لا يعني تحولا نحو الحزب الجمهوري، ذلك أن هذا التجمع السكاني ظل، ومن الناحية التاريخية قاعدة ديمقراطية، بل كان تصويتا ضد بايدن وهاريس. فقد فاز المشرعون الديمقراطيون في الكونغرس مثل رشيدة طليب، وكذا المشرعون الديمقراطيون في مجلس الولاية.

وبحسب أسامة السبلاني، محرر صحيفة "أراب أمريكان نيوز" "لا، صوتوا لترامب لأنهم كانوا يريدون معاقبة الديمقراطيين وهاريس". وشعر العرب الأمريكيون بالتفاؤل عندما حلت هاريس محل بايدن في بطاقة الحزب الديمقراطي، وبخاصة أنها قدمت تصريحات مرنة من الحرب والشرق الأوسط، وأنها قد تكون الرئيس الذي يقف أمام إسرائيل.

وفي ذلك الوقت، كانت الحرب في غزة مستمرة لمدة 9 أشهر، ورفض بايدن الدعوات بفرض حظر على الأسلحة إلى إسرائيل، وبخاصة بعد المناشدات التي دعت لوقف إطلاق النار بعد تجاوز عدد الضحايا الـ 40,000.

وتابع التقرير، بأنه عندما حرم الفلسطينيون الأمريكيون من فرصة التحدث في مؤتمر الحزب الديمقراطي الوطني بعد بضعة أسابيع، شعر سكان ديربورن بالاستياء.

وزاد عندما وبخت هاريس في أغسطس/آب محتجا مؤيدا للفلسطينيين، قائلة له: "أنا أتحدث الآن"، وهو الحادث الذي يشير إليه العرب الأمريكيون الآن باعتباره لحظة صعبة لم تكن هاريس قادرة على التغلب عليها.


ومع تزايد عدد القتلى في الشرق الأوسط وانتشار صور الجثث على وسائل التواصل الاجتماعي، شعر المجتمع العربي بمزيد من التهميش من قبل إدارة بايدن. وبدأوا يشعرون، على حد قولهم، بالخيانة من هاريس نفسها.

وزاد الغضب بعد غزو إسرائيل لبنان، وقال عابد حمود، مؤسس لجنة العمل السياسي للعرب الأمريكيين إن المعارضة لهاريس "بدأت تتزايد ببطء ولكن بثبات". فهناك في ديربورن أعداد كبيرة من السكان جاءوا من جنوب لبنان، حيث شاهدوا عائلاتهم تقتل بالكامل. وقال سام بيضون، مفوض مقاطعة وين: "أصحوا في الصباح وأستمع للأخبار لمشاهدة أي قرية تمت تسويتها بالتراب ومن قتل"، و "هذا هو الروتين اليومي في ميشيغان".

وفي الأسابيع الأخيرة من حملتها الانتخابية، أرسلت هاريس وكلاء عنها إلى ميشيغان أساءوا للمجتمع العربي الأمريكي.

ومنهم الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي قال في تجمع حاشد في أواخر تشرين الأول/أكتوبر إن الإسرائيليين كانوا في الأرض المقدسة "أولا".

كما تذمر السكان من ظهور النائب النيويوركي ريتشي توريس، وهو مؤيد قوي لإسرائيل. وإضافة إلى الإهانة، روجت الحملة لدعم نائب الرئيس السابق ديك تشيني، العقل المدبر وراء غزو العراق. وكانت ابنته ليز تشيني، التي كانت الشخصية الثالثة سابقا لنواب الحزب الجمهوري في مجلس النواب وناقدة قوية لترامب، جزءا من رسالة هاريس الختامية.

وعند هذه المرحلة بدا كلام هاريس بأنها تريد وقف الحرب في غزة وإعادة الأسرى جوفاء ولا قيمة لها بين العرب الأمريكيين، فقد خسرتهم.

وانتبهت حملة ترامب لمواقف العرب الأمريكيين الرافضة لهاريس، في الأسابيع الأخيرة للحملات الانتخابية. وشعر الجمهوريون أن لديهم فرصة. وقد تلقى السكان فيضا من الرسائل المعادية لهاريس، كما يقول علي جواد، مؤسس نادي التراث اللبناني و"لعبت دورا". وزار ترامب نفسه ديربورن.

ووقف في مطعم محاطا بحشد من العرب الأمريكيين وأعلن "سنحصل على السلام في الشرق الأوسط، ولكن ليس مع المهرجين الذين يديرون الولايات المتحدة الآن" كما قال. ولم تزر هاريس ديربورن شخصيا، بل وأرسلت مندوبين عنها في الحملة.

 ويرى زهر أن الديمقراطيين هم المسؤولون عما حدث "لقد فعل الديمقراطيون هذا" كما قال. و "خلقوا وضعا سمح لدونالد ترامب بالتجول في مدينتنا ويرفع قدميه ويقبل الأطفال ولم تدخل هاريس مجتمعنا، لقد كانت خائفة".


 وقد وحد الألم العرب لكنهم كانوا "منقسمين حول كيفية التعبير عن ذلك سياسيا وانتشرت المجموعات وأصبحت الحوارات بينهم متوترة، ولم ترفض لجنة العمل السياسي الرئيسية التي تمثل المصالح العربية الأمريكية تقديم تأييد رئاسي فحسب، بل حثت السكان على عدم التصويت لهاريس أو ترامب. وقرر بعض السكان عدم التصويت في السباق الرئاسي مطلقا".

وحدث انقسام بين رؤساء البلديات وفق التقرير، حيث ظهر رئيس بلدية ديربورن عبد الله حمود كحليف قوي لحركة غير ملتزم، وهي التحالف الذي ظهر في ميشيغان وحشد المناهضين للحرب في الحرم الجامعي.

وقد كشفت نتائج الانتخابات أن بعض المقاطعات الجامعية الليبرالية الكبرى بدا أنها لم تحقق أداء جيدا لصالح الحزب الديمقراطي بفارق نقطة واحدة على الأقل.

ورفض حمود لقاء ترامب عندما كان في ديربورن، بسبب خلافه مع قرار الرئيس السابق حظر المسلمين وتسليح المملكة العربية السعودية، لكنه رفض أيضا تأييد هاريس. وقام رؤساء البلديات في مدينتين متجاورتين بهما عدد كبير من السكان العرب، ديربورن هايتس وهامترماك، بالترويج لترامب في جميع أنحاء ميشيغان.

حتى أن عمدة ديربورن هايتس بيل بازي ظهر في التجمع الانتخابي الأخير لترامب الذي عقد في جراند رابيدز، في الساعات التي سبقت يوم الانتخابات، لكن سجل ترامب - مثل حظر المسلمين ووعوده بترحيل ملايين المهاجرين كان كافيا لإقناع البعض لتجاوز أخطاء هاريس والتصويت لها، كما فعل الناشط السياسي إسماعيل أحمد "ضغطت على أنفي وصوت لها"، ولكن "ترامب كان قادرا على قول شيء ليجعلهم يعتقدون أنه ربما يقف معهم"، كما قال أحمد، أو أنه" يستطيع إصلاح الاقتصاد بطريقة لا يمكن لأحد فعلها، وقد نجح".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع