تساؤلات عديدة يطرحها انتشار مقطع مصور
متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، أظهر عددا من أهالي منطقة "
جميمة"
بمحافظة
مرسى مطروح، شمال غرب
مصر، يشتبكون مع قوات من
الجيش، ويُسمع في المقطع المصور
صوت إطلاق نار، وجسد شاب مصري ملقى على الأرض ومخضب بالدماء.
وتأتي الاشتباكات على خلفية ترحيل سكان
المنطقة من أجل إقامة مشروع
استثماري كبير بعنوان "ساوث ميد إيجيبت" بإشراف
الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعة طلعت مصطفى القابضة، وبشراكة إماراتية.
وبدأ الجيش المصري مطلع 2024 بإخلاء المنطقة
من السكان بناء على قرار من وزارة الدفاع بالإخلاء عقب تخصيص 23 مليون متر مربع من
جميمة لصالح القوات المسلحة، على الرغم من تأكيد سكان المنطقة ملكية الأراضي والمساكن
التي يقيمون فيها منذ زمن طويل.
"شهادات من جميمة"
"عربي21" تواصلت مع عدد من أهالي
قرية "جميمة"، والذين أكدوا أن "الأحداث بدأت عام 2022، عندما فوجئنا
نحن أهالي قرية (جميمة)، التابعة لمحافظة مطروح، مركز ومدينة الضبعة، بأن هناك مجموعة
من المهندسين والفنيين المتخصصين في الرفع المساحي جاءوا لرفع مساحات الأرض التي نقطن
بها".
وأضافوا -مفضلين عدم ذكر أسمائهم: "وعندما سألناهم أنتم تابعون لأية جهة حكومية؟ أخبرونا بأنهم يتبعون لمحافظة مرسى
مطروح (شمال غرب- على الحدود الشرقية لليبيا)، وقالوا إن (هذا رفع مساحي من أجل تخطيط
جديد للمنطقة، بغرض إنشاء طرق، وكهرباء، وخدمات، لصالح القرية)".
وواصلوا سرد وقائع الأزمة موضحين أنه لم
يعترض أحد على عمل اللجنة، "لكن وبعد فترة لا تتعدى الثلاثة أشهر من الرفع المساحي،
تفاجأنا بأن هؤلاء المساحين يتبعون الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وليس للمحافظة،
وأن الأرض تم رفع مساحاتها وتسليمها لمستثمر خليجي، بمشاركة مع الهيئة الهندسية للقوات
المسلحة، ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى".
وقالوا: "هنا بدأنا التحرك؛ واجتمعنا
مع محافظ مرسى مطروح، الذي أخبرنا بأنه سيتم تدشين مشروع سياحي بالمنطقة، وأن الأرض
وبينها مساحة القرية كاملة تمت ولايتها إلى القوات المسلحة، التي أتت بمستثمر خليجي،
مشاركة معها ومع هشام طلعت مصطفى، لتسويق المشروع".
"التقييم الضئيل وبداية الأزمة"
وبينوا أن الأهالي قرروا المطالبة بحقوقهم، وقالوا: "طالبنا بحقوقنا وتعويضنا تعويضا عادلا عن بيوتنا وأراضينا ومزارعنا؛
فتوجهنا إلى مكتب المخابرات الحربية بمدينة مطروح (عاصمة المحافظة)، فأخبرونا بأنه
تمت ولاية الأرض إلى القوات المسلحة، كما أخبرتنا المحافظة".
وأكدوا أنه "بدأت المفاوضات مع الأهالي
على أراضيهم وبيوتهم وكل ممتلكاتهم من مزارع وخلافه، وأنهم عرضوا علينا سعر البيت المسلح
بالخرسانة بقيمة 7 آلاف جنيه للمتر، والبيت المسقوف بالخشب المتر بـ3 آلاف جنيه، والشجر
المثمر مثل التين والزيتون -تشتهر بهما المنطقة- وخلافه بألف جنيه للشجرة المثمرة".
ولفتوا إلى أن المفاوضين "قالوا إن
الأرض غير المسجلة، أو ما تُعرف بـ(وضع اليد)، ستكون بدون مقابل، وأن قيمة التعويض
عن الأرض المسجلة ستأتي لجنة متخصصة للقرية تثمنها".
وأوضحوا أنه من هنا بدأت تظهر نقاط الخلاف
وتتصاعد الأزمة، مشيرين إلى "رفض الأهالي التفاوض، وحدث كر وفر ومشادات بين الأهالي
والأمن في شهر رمضان الماضي (نيسان/ أبريل 2024)، كما أنه جرى اعتقال عدد من أبناء القرية
عندما تم اعتراض القوات التي جاءت لعمل الحصر للبيوت والأراضي والأشجار، بالقوة".
وقالوا إنه "بعد 3 أو 4 أشهر فقد تم الإفراج
عن المعتقلين، لكن الأهالي ظلوا رافضين لهذه الطريقة المهينة، والكل يرفض رفضا قاطعا
التفاوض والجلوس معهم نهائيا"، ملمحين إلى اعتراضهم على أسعار التقييم وعلى عدم
التعويض عن الأراضي وضع اليد.
"صدمة إطلاق النار"
وأضافوا: "حتى وصلنا إلى الأحداث الأخيرة
صباح الاثنين، حينما جاءت قوة من القوات المسلحة (عدة مدرعات)، لرفع الأرض بالقوة،
كالعادة، دون تفاهم أو إعلان مسبق للأهالي أو فتح باب التفاوض، فتصدى لهم الشباب تصديا
سلميا بدون أي شغب أو عنف".
وقالوا: "صُدمنا وتفاجأنا بإطلاق النار
على الأهالي المتجمعين من قبل جنود قوة الجيش، حيث أصيب الشاب عبدالقادر صافي أبولبكم
وشهرته (قدوره صافي أبولبكم)، برصاصة في كتفه".
وأكدوا أن "الأهالي قاموا بنقله إلى
مستشفى بمدينة الإسكندرية، وتم إجراء عملية جراحية له استغرقت 6 ساعات متواصلة، وهو
الآن يرقد في المستشفى، تحت تأثير البنج".
ومضوا يوضحون أن "هذه قصة أرض جميمة
المغتصبة من قبل القوات المسلحة، لأجل إنشاء مشروع سياحي"، مبينين أن "هذه
الأرض مساحتها كبيرة وتبلع نحو 5540 فدانا، وبها لا يقل عن 700 بيت و5 آلاف نسمة بينهم
نساء وأطفال، يقطنون في هذه الأرض منذ مئات السنين وورثوها عن الجد العاشر، لهم".
وانتشر عبر الإنترنت مقطع فيديو مصور سابق
لأهالي جميمة، وهم يؤكدون لقائد من الجيش حقهم التاريخي في تلك الأرض، منذ عشرات السنين.
ونشر الأهالي مقطعا يؤكد انسحاب معدات شركات
طلعت مصطفى، وسيارات الجيش من المنطقة عقب الحادث.