اتفق أعضاء
مجلس الأمن أول من أمس الخميس
على تمديد ولاية
البعثة الأممية للدعم في
ليبيا حتى 31 يناير 2025م، وبهذا تستمر
المكلفة برئاسة البعثة، ستيفاني خوري، بصلاحية رئاسة البعثة إلى حين تعيين مبعوث
خاص، والذي غالبا يكون بترشيح من السكرتير العام للأمم المتحدة ويعتمد من قبل مجلس
الأمن. ويعني ذلك أن البعثة يمكن ان تعمل بحرية خلال الأشهر الثلاث القادمة، إلا
إنها يمكن أن تواجه تعثرا بعد ذلك في حال عدم الاتفاق على المبعوث الجديد، وهو
احتمال وارد.
بيان أو قرار المجلس كرر موقف المجلس من
النزاع القائم في ليبيا بالدعوة إلى دعم العملية السياسية للوصول إلى اتفاق لأجراء
الانتخابات في البلاد، ودعم جهود المصالحة، وضرورة احترام الاتفاق السياسي المؤطر
للحوار بين أطراف النزاع الليبي، وضرورة توفير التمويل لتعافي الاقتصاد وتنفيذ
مشاريع الإعمار، كما جدد المجلس موقفه الرافض للوجود الأجنبي في البلاد، ولوح بفرض
عقوبات على من يهددون السلم يعرقلون الانتخابات.
والملاحظ أن القرار لم يتضمن ملف انتهاكات
حقوق الإنسان في ليبيا وقرارات محكمة الجنايات الدولية بالخصوص، برغم جهود إدراج
الملف في جلسة المجلس الخميس الماضي. وبرغم اتفاق المجلس على الملفات السياسية
والاقتصادية والأمنية في البلاد، إلا إنه افترق في موضوع الانتهاكات وسبيل
مجابهتها، ذلك أن خمس أعضاء من أصل خمسة عشر عضوا في المجلس يتحفظون على قرارات
محكمة الجنايات، وتطور الموقف من المحكمة بعد إصدارها مذكرة قبض بحق الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين، حيث تصف موسكو المحكمة بأنها أحدى أدوات السياسية للقوى الغربية
لتمرير سياساتها.
الاستفتاء الذي يلوح به الرئاسي ومن خلفه حكومة الوحدة شكل ضغطا على مجلس النواب، والذي هدد بالاتجاه إلى خيارات تنحو منحى جهوي بدعوى وقف تغول الغرب الليبي على باقي الأقاليم، غير أن ترحيب رئاسة النواب بالقرار استندت على تأكيد الاخير على القوانين الصادرة بالخصوص، وهي مسألة حاسمة بالنسبة لرئاسة النواب.
محليا، أبدى أطراف النزاع ترحيبا بقرار
المجلس، برغم أنه لا يتوافق في بعض مضامينه مع توجهاتهم، والترحيب بالعموم سياسي،
وإلا فإن القرار صادم مواقف أطراف النزاع بوضوح، إلا إنهما اتجاها لتجييره لصالح
مواقفهما الأخيرة من الملفات الخلافية. فالقرار يماهي مجلس النواب في الاعتداد
بقوانين الانتخابات التي أصدرها المجلس ويرفضها الطرف المنازع في الغرب الليبي،
بالمقابل أكد القرار على الاتفاق السياسي، وتحديدا اتفاق تونس - جنيف، في مخالفة
لموقف رئاسة مجلس النواب منه.
رئيس المجلس الرئاسي كان سباقا للإشادة
بقرار مجلس الأمن واعتبره بمثابة خارطة طريق للمرحلة القادمة، وربط محمد المنفي
بين دعم مجلس الامن قوانين الانتخابات بتوجه الرئاسي لإجراء استفتاء عام وتشكيل
لجنة للترتيب له كخيار صحيح لإنجاز الانتخابات.
الاستفتاء الذي يلوح به الرئاسي ومن خلفه
حكومة الوحدة شكل ضغطا على مجلس النواب، والذي هدد بالاتجاه إلى خيارات تنحو منحى
جهوي بدعوى وقف تغول الغرب الليبي على باقي الأقاليم، غير أن ترحيب رئاسة النواب
بالقرار استندت على تأكيد الاخير على القوانين الصادرة بالخصوص، وهي مسألة حاسمة
بالنسبة لرئاسة النواب.
بقيت قضية في غاية الأهمية والحساسية وهي
التغيير الحكومي، وطرح داخل أروقة مجلس الأمن اقتراح الاجتماع بالحكومتين،
حكومةالوحدة الوطنية في الغرب والحكومة الليبية في الشرق، للاستماع إلى وجهة
نظرهما ومحاولة إيجاد مخرج لنزاعهما، وقد يفهم من هذا التوجه تجاهل خيار تشكيل
حكومة جديدة بعيدا عن الحكومتين القائمتين، وهو الخيار الذي تسعى إليه مكونات
سياسية ونشطاء مبرزون في الغرب والشرق.
أخيرا يفهم من نقطة تسهيل عملية الإنفاق على
الاقتصاد والإعمار أن مجلس الأمن يدعم تحويل تركيز الحكومات إلى الاقتصاد والتشييد
بدل الاقتتال، واكتفى المجلس بأن يكون تخصيص الأموال بشفافية، مع ملاحظة أن القرار
لم يتطرق إلى دعوى توزيع الموارد المالية بعدالة بين الأطراف المتنازعة والتي
تبنتها أطراف دولية مؤثرة في الشأن الليبي، وقد يكون هذا راجع إلى تقدير المجلس
للاتفاق حول إدارة المصرف المركزي واعتباره مؤشرا إيجابيا وكافيا في هذه المرحلة.