صحافة دولية

الغارديان: رغم كل التكنولوجيا الإسرائيلية قضى السنوار في اشتباك مباشر

فشلت الملاحقة المزودة بالتكنولوجيا في العثور عليه- الأناضول
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا، أعدّه جوليان بورغر، قال فيه؛ إن: "إسرائيل تخلّصت من أحد أهم أهدافها، ولكن موت يحيى السنوار كان بالصدفة ودون تخطيط دقيق". 

وأضاف التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنه "بعد عام من الحرب، واجه الجنود الإسرائيليون زعيم حماس دون أن يعرفوا هويته. وفي النهاية، وبعد عام طويل وملاحقة شاركت فيها عدة وكالات، واستخدام أحدث التكنولوجيا وقوى نخبة إسرائيلية وبمساعدة أمريكية، قتل السنوار في معركة مع جنود نظاميين واجهوه، ولم يعرفوا من كانوا يقاتلون". 

وتابع: "بحسب التقارير الإسرائيلية، فلم تحدث عملية اغتيال، ولم تكن هناك عملية قائمة على معلومات أمنية دقيقة عن وجود زعيم حماس المراوغ في المنطقة. ولم يعرف الجنود أن السنوار قتل إلا بعد إلقائهم نظرة فاحصة على وجهه، وعثروا على وثائق هوية معه، واكتشفوا أنه السنوار المطلوب الأول لإسرائيل".

وبحسب التقرير نفسه، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي سحق معظم غزة، وهو يبحث عنه وقتل أكثر من 42,000 فلسطيني، وهجّر مليوني نسمة من بيوتهم وخلق كارثة إنسانية. ولم ير السنوار في العلن، إلا بعد أيام من العملية التي نفذتها حماس ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. 

وأضاف: "قابل السنوار الأسرى، وتحدث إليهم بلغة عبرية طليقة، تعلّمها وهو في السجن الذي قضى فيه أكثر من عقدين، وأكد لهم بأنهم آمنون، وسيتم تبادلهم بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية"، مبرزا أن "مشاهدة أخرى وردت في صور فيديو التقطتها كاميرا أمنية في داخل نفق في  10 تشرين الأول/ أكتوبر".

وقال بورغر؛ إن "عملية ملاحقة السنوار استخدمت مزيجا من التكنولوجيا المتقدمة والقوة الغاشمة، حيث استخدم من لاحقوه كل شيء ولم يبالوا في الدمار وقتل أعداد كبيرة من المدنيين. وكانت الفرق التي تلاحقه هي قوات أمنية متخصصة بالمهام الخاصة في الجيش الإسرائيلي، ومن وحدات المهندسين وخبراء الرقابة، وتحت مظلة "وكالة الاستخبارات الإسرائيلية" أو الشاباك/ شين بيت". 

وأوضح: "كانت هذه المجموعة تبحث وعلى المستوى المؤسساتي والشخصي عن فرصة للتعويض عن الإخفاقات الأمنية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ورغم دوافعهم هذه، إلا أنهم واجهوا عاما من الإحباط".
 
وفي السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مدير الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية "أمان"، مايكل ميليشتين: "لو أخبرتني عندما بدأت الحرب أنه سيظل على قيد الحياة، بعد عام، سأجد هذا مثيرا للدهشة"، مضيفا: "لكن تذكر أن السنوار قد خطط لهذا الهجوم من عقد من الزمان، وفوجئ الجيش الإسرائيلي بحجم الأنفاق تحت غزة وطولها والتقنية العالية لها". 

وأردف التقرير: "اعتقد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون، أن السنوار سيكون محاطا بالأسرى، كدروع بشرية، مع أن البعض قلل من إمكانية حدوث هذا؛ لأنه سوف يبطئه ومرافقيه. ورغم المخاطر على حياتهم، لم يتورع الجيش الإسرائيلي عن استخدام قنابل زنة الواحدة منها  2,000 رطل في البحث عنه، وفي النهاية كان السنوار برفقة رجلين". 

إلى ذلك، علٍّق بورغر بالقول: "الملاحقون لزعيم حماس لم تنقصهم الخبرات، فالقتل المستهدف هو التكتيك الذي استخدمته إسرائيل منذ إنشائها. ومنذ الحرب العالمية الثانية، اغتالت إسرائيل أشخاصا أكثر من أي دولة في الغرب".

كذلك، أشار الكاتب إلى أن القسم الخاص في فيلق الهندسة بجيش الاحتلال الإسرائيلي واسمه "ياهالوم"، لديه خبرة في حرب الأنفاق وأكثر من أي جيش في الغرب، كما ويستطيع الحصول على أحدث الأجهزة الاستخباراتية من الولايات المتحدة، بما فيها الرادارات الخارقة للأرض. وتعد وحدة الإشارات الاستخبارات السرية 8200 رائدة في الحروب الإلكترونية، وقادرة على اختراق والتنصت على اتصالات حماس، وهو ما تفعله منذ عقود. 

واسترسل: "فقد جهاز الشين بيت العديد من "عملائه" في غزة بعد انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005، لكنه عمل جاهدا على إعادة بناء شبكة عملاء، بعد الغزو البري في تشرين الأول/ أكتوبر، حيث قام بتجنيد عدد منهم في أثناء موجات النزوح داخل غزة".

وأكّد: "على الرغم من هذه القدرات الهائلة، إلا أن إسرائيل اقتربت للقبض على السنوار مرة واحدة في نهاية كانون الثاني/ يناير بمسقط رأسه خان يونس. وزعمت أنه غادر المكان على عجل وخلّف وراءه وثائق ومليون شاقل، مع أن حماس قالت؛ إن السنوار ترك المكان قبل عدة أيام من وصول القوات الإسرائيلية إلى الملجأ"، مبرزا أن "الملاحقين للسنوار كانوا يفترضون أنه لم يعد يستخدم الأجهزة الإلكترونية، ويعرف القدرات التكنولوجية لدى عدوه، فهو لم يتعلم العبرية فقط، بل وعادات وثقافة العدو". 

وأضاف التقرير أنه "في الحقيقة يفهم الغرائز الأساسية والمشاعر العميقة للمجتمع الإسرائيلي"، مضيفا: "أنا متأكد من أي خطوة كان يعملها تقوم على فهمه لإسرائيل".

وتابع: "واصل السنوار، طوال العام الذي قضاه مختبئا، التواصل مع العالم الخارجي، وإن كان ذلك بصعوبة واضحة. وكثيرا ما توقفت المفاوضات الطويلة غير المثمرة بشأن وقف إطلاق النار في القاهرة والدوحة، بينما كانت الرسائل ترسل من وإلى القائد المختبئ، كما افترض أعداؤه في نفق. وكانت النظرية السائدة، هي أن السنوار يستخدم سعاة للبقاء في القيادة المكونة من حلقة صغيرة ومتقلصة من المساعدين الذين يثق بهم، بدءا من شقيقه محمد، وهو قائد عسكري كبير في غزة". 

"راهن الفريق الذي يلاحق السنوار على أن تقوده حاجته للتحكم بالمفاوضات حول الأسرى إلى استخدام سعاة بالطريقة نفسها التي استخدم فيها أسامة بن لادن، زعيم القاعدة سعاة وهو في عرينه بأبوت أباد"، كما أبرز التقرير ذاته.

وأضاف: "يُعتقد أن شخصا قاد الإسرائيليين إلى محمد الضيف، ومرافقه، رافع عيسى، عندما خرجا إلى خيمة في المواصي، حيث شنّت إسرائيل غارة جوية قتلت فيها عشرات الفلسطينيين. إلا أن حماس تؤكد أن الضيف لم يمت ولا يزال يواصل عمله، وهو لم يظهر منذ الهجمات العام الماضي.".

ويشير الكاتب إلى أن "قادة في الأمن الإسرائيلي اعتقدوا أنهم خسروا فرصة عام 2003 لقتل كامل القيادة في حماس التي كانت مجتمعة. وبعد نقاش داخل الجيش بضرورة استخدام صاروخ دقيق بدلا من هدم كامل المبنى، قامت طائرة بضرب الاجتماع، ولكنها ضربت الغرفة الخطأ، ونجت قيادة حماس". 

واستدرك: "في الغارة لقتل الضيف، لم يهتم الجيش بالمدنيين. ففي عملية الاستهداف، استخدمت إسرائيل قنابل زنة الواحدة منها 2,000 رطل، وهي القنابل نفسها التي توقفت إدارة بايدن عن تزويدها لإسرائيل في أيار/ مايو". 

ويقول الكاتب؛ إن "الكثير من النظريات التي نشرت منذ العام الماضي عن محاولة التفاوض على خروج السنوار إلى المنفى، وأنه يقيم في نفق على الجانب المصري من الحدود مع غزة، وكلها نظريات قلّلت من إيمان السنوار وحماسه الأيديولوجي الذي صعد في صفوف حماس، من خلال ملاحقته للعملاء ومحاولته اختطاف الجنود الإسرائيليين". 

ووفق التقرير ذاته: "فشلت الملاحقة المزودة بالتكنولوجيا في العثور عليه، فيما فضلت إسرائيل تدمير كل غزة حتى يقتل في النهاية. والسؤال إن كان رحيله سيوقف الحرب".

وأردف: "يرى مدير الموساد السابق، رام بن باراك، أن رحيل السنوار يعني ظهور شخص آخر محله، وهذه حرب أيديولوجية وليست عن السنوار". ويقول ميليشتين: بعد 50 عاما من الاغتيالات، أدركنا أن هذا هو جزء رئيسي من اللعبة".

وأضاف: "في بعض الأحيان، يكون من الضروري اغتيال زعيم بارز. ولكن عندما تبدأ في الاعتقاد بأن ذلك سيغير قواعد اللعبة، وأن منظمة أيديولوجية سوف تنهار لأنك قتلت أحد قادتها، فهذا خطأ فادح؛ لا تستطيع العيش في فتنازيا، فالحرب لن تنتهي".