حقوق وحريات

منظمات حقوقية تدشّن "عريضة إلكترونية" تضامنا مع أهالي "الورّاق" المصرية

تمتد مساحة جزيرة الوراق بين 1500 و1800 فدان- جيتي
أطلقت عدد من المنظمات الحقوقية، عريضة توقيعات إلكترونية، للتعبير عن تضامنها مع عائلات جزيرة الوراق المصرية، وذلك عقب اجتماعهم الذي عُقد بتاريخ 11 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

وأكد الأهالي، تمسّكهم بحقهم في أراضيهم ومنازلهم، مطالبين بإعادة ملكية منازلهم بعد تطوير الجزيرة. كما شددوا أيضا على: "ضرورة استكمال علاج المصابين في الاشتباكات مع قوات الأمن، حيث يعاني البعض منهم من إصابات دائمة".

وفي السياق نفسه، طالب الأهالي بـ"رفع الحصار المفروض على جزيرة الوراق، واستئناف عمل المعديات التي تنقل السكان من وإلى الجزيرة".



أيضا، دعا الموقعين على العريضة، الحكومة المصرية، إلى: "إنهاء الحصار الأمني المفروض على أهالي جزيرة الوراق منذ عام 2017، والذي أدّى إلى سيطرة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على نحو 71 في المئة من أراضي الجزيرة، بالإجبار".

وأوضح الموقعين، أنّه: "منذ السادس عشر من تموز/ يوليو 2017، يعاني سكان جزيرة الوراق من اقتحامات متكررة من  الشرطة، بهدف إخلاء منازلهم بالقوة، ما أدّى إلى مقتل أحد السكان وإصابة العشرات".

"لا يزال العديد من الأهالي محتجزين بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية" تابع الموقّعين على العريضة، مبرزين: "تشكّل ممارسات الحكومة المصرية في تجريف الأراضي الزراعية في الجزيرة تهديدًا لاستدامة البيئة، ممّا يقضي على المصادر الحيوية التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية؛ بالإضافة إلى ذلك، تؤثر هذه السياسات على حقوق الأفراد في الوصول إلى الموارد الطبيعية وضمان الأمن الغذائي".

إلى ذلك، اعتبر الموقّعين أن: "تجريف أراضي جزيرة الوراق يمثّل تهديدًا حقيقيًا للبيئة المستدامة ولحق الأجيال القادمة في العيش بقلب بيئة صحيّة، ما يستدعي منا جميعًا التدخل لحماية هذه الأراضي وضمان حقوق الإنسان. خاصة أن الحكومة تبرر ممارساتها بحجة الحاجة لإخلاء الجزيرة لتنفيذ مشروع (مدينة حورس) الذي يهدف إلى تحويل الجزيرة إلى مركز تجاري عالمي".



وتابع: "ويتضمن المشروع إنشاء أبراج سكنية وتجارية وفنادق. ونتيجة لذلك، شهدت الأراضي الزراعية في الجزيرة تناقصًا كبيرًا. وترى الحكومة أن تحقيق الأرباح من هذا المشروع المالي والتجاري هو أفضل من الحفاظ على الطبيعة الزراعية المستدامة للجزيرة".

وأضاف الموقعين على العريضة أن: "هذه السياسات الحكومية تنتهك الدستور المصري الذي يحظر التهجير القسري، كما أنها تتعارض مع المعاهدات والمواثيق الدولية التي تشدّد على ضرورة التفاوض مع السكان المحليين، قبل بدء أي مشروع تنموي".

وأشاروا في بيانهم، إلى أن "الحصار الأمني المفروض على الجزيرة ينتهك حقوق السكان الأساسية في الحياة والسلامة الشخصية، حيث يعيش سكان الوراق تحت حصار مستمر دفعهم لتنظيم مظاهرات واحتجاجات مستمرة".

واستفسروا: "هل هناك حل؟ يبدو أن استخدام القوة لم يكن مجديًا في حل الأزمة، بينما يأمل سكان الجزيرة في التوصل إلى تسوية تحافظ على حقوقهم وتجنّبهم المزيد من النزاع".

واختتم الموقّعين عريضتهم، بالتأكيد على أن: "جزيرة الوراق ستظل رمزًا للصراع القائم بين التنمية وحقوق المواطنين في مصر"، مشيرين إلى أن "القضية تستمر كموضوع للنقاش حول التوازن بين حق المواطنين في العيش على أراضيهم ورغبة الدولة في تحقيق المشاريع التنموية الكبرى".

عقود من التهميش
جزيرة الوراق تقع في قلب نهر النيل، وتتبع إداريًا إلى محافظة الجيزة، حيث تمتد مساحتها بين 1500 و1800 فدان. وتشكل الجزيرة نقطة التقاء جغرافية بين ثلاث محافظات رئيسية: القاهرة، الجيزة، والقليوبية.

يعتمد سكان الجزيرة، الذين يقدر عددهم بنحو 100 ألف نسمة، على الزراعة والصيد كمصدر رئيسي لدخلهم، ممّا يجعلها ذات أهمية اقتصادية واجتماعية كبيرة بالنسبة لهم.

وبدأت الأزمة في جزيرة الوراق منذ عام 1998، عندما قرّرت الحكومة تصنيفها كمحمية طبيعية. وفي عام 2000، تم اعتبارها "ذات منفعة عامة"، وهو ما أثار جدلاً واسعًا بين الأهالي والحكومة، حيث شعر السكان الذين يمتلكون عقود ملكية تعود إلى عام 1905 بالتهديد تجاه ملكيتهم التاريخية.

ولمحاولة تهدئة الوضع، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 848 لسنة 2001، الذي نص على عدم إخلاء المباني السكنية في جزيرتي ذهب والوراق، مع السماح للمواطنين بتسجيل ممتلكاتهم.

تفاقم النزاع في جزيرة الوراق خلال عام 2017، عندما اتّخذ منحى تصعيديًا خطيرًا. وخلال أحد المؤتمرات، أشار رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى ضرورة إخلاء الجزيرة من سكانها. وفي 16 تموز/ يوليو 2017، شنّت قوات الشرطة هجومًا على الجزيرة لطرد السكان بالقوة.



واجه الأهالي هذا القرار بشدّة، رافضين التخلي عن أراضيهم ومنازلهم، ما تسبّب في مواجهات وصفت بـ"العنيفة" مع قوات الأمن، أسفرت عن مقتل أحد السكان وإصابة آخرين. منذ ذلك الحين، فرضت الحكومة، حصارًا أمنيًا على الجزيرة، واعتقلت مئات الأشخاص في محاولة للضغط على السكان لمغادرة أراضيهم. فيما تبرز هذه الأحداث "صراعًا مستمرًا" بين حقوق السكان المحليين ومشاريع الحكومة التنموية، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع في الجزيرة.