أكد رئيس الحكومة
اللبنانية، الدكتور نواف
سلام، أن لبنان لا يمكن أن يخرج من حالة عدم الاستقرار التي يعيشها منذ سنوات ما
لم يتحقق شرطان أساسيان، أولهما إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الكامل للأراضي
اللبنانية، وثانيهما حصر السلاح بيد الدولة، ممثلة بمؤسساتها الشرعية وفي مقدمتها
الجيش اللبناني، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة.
وجاءت تصريحات سلام خلال مشاركته في جلسة
حوارية ضمن فعاليات اليوم الثاني من النسخة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة 2025،
التي انعقدت تحت عنوان: "ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع
الملموس"، حيث تناول واقع المنطقة المتأزم، وانعكاساته المباشرة على لبنان
سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
وقال رئيس الحكومة اللبنانية إن الوضع
الحالي في المنطقة لا يزال بعيداً عن السلام والاستقرار، مشيراً إلى أن الاتفاقيات
السابقة، بما فيها إعلان وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه قبل عام برعاية
فرنسية وأمريكية، لم يلتزم بها أي طرف حتى الآن، الأمر الذي ساهم في استمرار حالة
التوتر وعدم اليقين في الجنوب اللبناني.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال
متمسكاً بعدد من النقاط في جنوب لبنان، موضحاً أن هذه النقاط لم تعد تحمل أي قيمة
عسكرية أو استراتيجية في ظل التطور الكبير في التكنولوجيا العسكرية ووسائل
المراقبة الحديثة، معتبراً أن استمرار السيطرة عليها يعكس توجهاً سياسياً أكثر منه
ضرورة أمنية.
وشدد سلام على أن الجيش اللبناني هو الجهة
الوحيدة المخوّلة بالاحتكار الكامل للسلاح في البلاد، وفقاً لقرار مجلس الأمن
الدولي رقم 1701، مؤكداً أن جميع قضايا الحرب والسلم يجب أن تبقى حصراً بيد
الحكومة اللبنانية، في إطار احترام الدستور والالتزام بالشرعية الدولية.
وفي الشأن الداخلي، كشف رئيس الحكومة عن خطة
إصلاحية تقوم على ثلاثة محاور رئيسية، تهدف إلى إخراج لبنان من أزمته المركّبة،
وهي: استعادة سيادة الدولة وبسط
سلطتها على كامل أراضيها، وتنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية عميقة لمعالجة الانهيار
الحاصل في القطاعات المصرفية والخدماتية والمعيشية، إضافة إلى إطلاق ورشة إصلاح
إداري وقضائي تشمل تعزيز استقلالية القضاء، وتنظيم التوظيف في القطاع العام،
وتحديث القوانين المصرفية بما يضمن حقوق المودعين ويحمي النظام المالي.
وفي هذا السياق، أعلن سلام أن الحكومة تعمل
على إصدار قانون جديد قبل نهاية الشهر الجاري، يتيح للمودعين الوصول إلى حساباتهم
المصرفية، بالتوازي مع وضع آليات واضحة وعادلة لتقاسم المسؤولية عن الخسائر بين
الدولة والمصارف والمودعين، في محاولة لإعادة الثقة بين المواطن اللبناني
والمؤسسات المالية.
وعن الاستحقاق النيابي المرتقب، أكد رئيس
الحكومة اللبنانية أن التحضيرات للانتخابات البرلمانية المقررة في ربيع هذا العام
قد انطلقت، وأن الحكومة ملتزمة بإجرائها في موعدها المحدد، معتبراً أن البرلمان
المقبل سيكون صاحب الدور الحاسم في تحديد مستقبل المشهد السياسي، بما في ذلك مسألة
ترشحه لعهدة جديدة على رأس الحكومة من عدمها.
واختتم سلام مداخلته بالتأكيد على أن لبنان،
رغم كل
التحديات، لا يزال يمتلك فرصة حقيقية للنهوض، شريطة توفر الإرادة السياسية
الداخلية، والدعم الدولي القائم على احترام سيادة الدولة وخيارات شعبها، بعيداً عن
أي تدخلات أو أجندات خارجية.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يحظى فيه الملف
اللبناني باهتمام إقليمي ودولي متجدد، على هامش منتدى الدوحة 2025، الذي يشهد
مشاركة واسعة من قادة ومسؤولين وخبراء وصنّاع قرار، لمناقشة أبرز الأزمات
والتحديات التي تواجه العالم والمنطقة، وسبل بناء مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً
للشعوب.
اظهار أخبار متعلقة