علوم وتكنولوجيا

ردا على تنامي نفوذ شركات التجسس في إدارة ترامب.. عمالقة التكنولوجيا يتعهدون بهذه الخطوة

تحذيرات من تنامي عمل شركات التجسس الإسرائيلية في الولايات المتحدة- جيتي
تحذيرات من تنامي عمل شركات التجسس الإسرائيلية في الولايات المتحدة- جيتي
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعدته ستيفاني كيرشغاسنر وجوزيف جيديون تناول تعهدات شركات التكنولوجيا بالدفاع عن المستخدمين ضد شركات برامج التجسس خصوصا "الإسرائيلية" منها وسعيها لتوطيد العلاقة بإدارة ترامب.

وقالت الصحيفة إن شركتا أبل  وأواتساب تعهدتا بمواصلة تحذير المستخدمين في حال استهداف هواتفهم من قبل الحكومات باستخدام برامج اختراق، بما في ذلك في الولايات المتحدة، في الوقت الذي تسعى فيه شركتان لتصنيع برامج التجسس إلى التقرب من إدارة ترامب.

وأصدرت الشركتان العملاقتان في مجال التكنولوجيا بيانين ردا على استفسارات من صحيفة الغارديان، حيث تسعى شركتا تصنيع الأسلحة السيبرانية هاتان - وكلاهما تأسستا في إسرائيل وتملكهما الآن مستثمرون أمريكيون - بقوة للوصول إلى السوق الأمريكية.

وقد أبرمت شركة Paragon Solutions، التي تصنع برنامج تجسس يُسمى Graphite، صفقة مع إدارة ترامب في أيلول/ سبتمبر لمنح عملاء الهجرة الأمريكية إمكانية الوصول إلى واحدة من أكثر أدوات القرصنة تطورا في العالم، بعد أن رفعت وزارة الأمن الداخلي تجميدا على عقد بقيمة 2 مليون دولار مع إدارة الهجرة والجمارك (ICE).

اظهار أخبار متعلقة



وأعلنت شركة أخرى، وهي مجموعة NSO، التي اتهمتها إدارة بايدن في عام 2021 بالانخراط في أعمال "تتعارض مع مصالح الأمن القومي أو السياسة الخارجية للولايات المتحدة"، في نهاية هذا الأسبوع أن ديفيد فريدمان، السفير الأمريكي لدى إسرائيل خلال فترة ولاية دونالد ترامب الأولى، وافق على أن يصبح الرئيس التنفيذي للشركة القابضة التي تمتلك NSO.

وقد استحوذ مستثمرون جدد على الشركة مؤخرا، بمن فيهم المنتج السينمائي الأمريكي روبرت سيموندز.

وتصنع كل من Paragon وNSO Group  برامج تجسس يمكنها اختراق أي هاتف دون علم المستخدم. ويمكن للبرنامج فعليا السيطرة على الهاتف، مما يسمح لمستخدم برنامج التجسس بقراءة رسائل الفرد المستهدف، والاستماع إلى المكالمات، وتتبع موقعه، وتحويل أي هاتف محمول إلى جهاز تنصت أو كاميرا عن بعد.

وقد دافعت الشركتان عن برامجهما، قائلتين إن منتجاتهما مخصصة لمكافحة الجرائم الخطيرة، وحتى إحباط الهجمات الإرهابية المحتملة، ولكن برامج التجسس الخاصة بكلتا الشركتين قد تم إساءة استخدامها أيضا من قبل عملاء حكوميين لاختراق أفراد يريدون مراقبتهم سرا، من الصحفيين إلى رجال الأعمال إلى نشطاء حقوق الإنسان.

وأضافت الصحيفة، أنه لسنوات، اتخذت شركتا التكنولوجيا - أبل وأواتساب - موقفا صارما ضد انتشار برامج التجسس في جميع أنحاء العالم، وقامتا بتنبيه الأفراد من خلال الإشعارات عند اكتشاف هجمات قرصنة محتملة، بما في ذلك في حالات في إيطاليا وإسبانيا والهند وعشرات الدول الأخرى.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أيدت محكمة أمريكية موقف واتساب، وبعد ست سنوات من التقاضي، منعت شركة NSO من استهداف مستخدمي واتساب مرة أخرى.

وبينت أن كلا من أبل وشركة ميتا المالكة لواتساب تربطهما علاقة وثيقة بإدارة ترامب، مما أثار مخاوف بشأن ما إذا كانتا ستواصلان تنبيه الأفراد في حال وقوع مثل هذه الهجمات الإلكترونية ضد المستخدمين في الولايات المتحدة.

وفي بيان لها، قالت أبل: "تهدف إشعارات التهديد إلى إبلاغ ومساعدة المستخدمين الذين ربما تم استهدافهم بشكل فردي من قبل برامج التجسس، ولا يُعد الموقع الجغرافي عاملا في تحديد من تُرسل إليهم هذه الإشعارات".

وقال متحدث باسم واتساب: "تتمثل أولوية واتساب في حماية مستخدمينا من خلال إحباط جهود القرصنة التي تقوم بها برامج التجسس، وبناء طبقات جديدة من الحماية، وتنبيه الأشخاص الذين تعرضت أجهزتهم للتهديد، بغض النظر عن مكان وجودهم في العالم".

وقد شهد كريستوفر راي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، بأن المكتب اختبر برنامج بيغاسوس التابع لشركة NSO لاحتمالية استخدامه، لكنه قرر في النهاية عدم إدراج برنامج التجسس التجاري في ترسانته.

ويقول الخبراء إن العديد من التساؤلات القانونية تحيط بمسألة ما إذا كان من الممكن استخدام برامج التجسس بشكل قانوني محليا في الولايات المتحدة نظرا للقوانين التي تحظر المراقبة المستهدفة للأمريكيين.

وقال مساعد لرون وايدن، السيناتور الديمقراطي وعضو اللجنة المختارة للاستخبارات، إن مسؤولي الهجرة الحاليين قدموا إحاطة أولية لمكتبه أشاروا فيها إلى أن "سياساتهم لا تزال قيد الصياغة"، لكنهم لم يردوا على رسائل البريد الإلكتروني للمتابعة منذ بدء الإغلاق الحكومي في تشرين الأول/ أكتوبر.

وعندما سُئل فريدمان عما إذا كان سيسعى لرفع العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على شركة NSO في عام 2021، قال عبر الهاتف من إسرائيل: "آمل أن يتحقق ذلك، لكننا لم نتقدم بهذا الطلب بعد"، وأضاف أنه لم يناقش الأمر بعد مع ترامب. وأضاف السفير السابق أنه "من السابق لأوانه معرفة" متى ستسعى NSO لرفع تلك العقوبات.

كما حذر جون سكوت رايلتون، الباحث البارز في مختبر سيتيزن لاب بجامعة تورنتو، وهو أحد أبرز الخبراء في العالم في تتبع وتعطيل استخدام أدوات التجسس ضد أعضاء المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، قائلا: "لا أحد محمي" عندما يتعلق الأمر ببرامج التجسس التجارية.

وقال: "إن الشركات الأمريكية ليست مستعدة لبدء الكشف عن هذا النوع من التهديدات والدفاع عنها في الداخل. ولا أحد آخر مستعد لذلك، بالمناسبة. لا المستشفيات، ولا المحامون والقضاة، ولا السياسيون، وبالتأكيد ليس المواطنون العاديون. آخر ما تحتاجه أمريكا الآن هو وباء صامت لبرامج التجسس".

وأبرمت شركة باراغون اتفاقية مع وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) لأول مرة في عام 2024، في عهد إدارة بايدن.

وقال العديد من الأشخاص الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم إن العقد الصغير نسبيا لم يلفت انتباه البيت الأبيض حتى نشرت مجلة وايرد تقريرا عنه.

كما تم تعليق العقد لتحديد ما إذا كان يفي بمتطلبات أمر تنفيذي طموح وقعه البيت الأبيض في أيار/ مايو 2023 والذي يحظر الاستخدام العملياتي لبرامج التجسس التي تشكل "مخاطر على الأمن القومي أو التي أساءت جهات أجنبية استخدامها لتمكين انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم".

وفي ذلك الوقت، لم تكن باراغون مرتبطة بأي فضائح تجسس، على عكس مجموعة  NSO، التي استخدمت حكومات برنامج التجسس بيغاسوس الخاص بها لاستهداف المجتمع المدني في عشرات الحالات.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا تغير في كانون الثاني/ يناير 2025، عندما قالت واتساب إنها اكتشفت أن 90 شخصا، بمن فيهم صحفيون وأعضاء في المجتمع المدني، قد تم استهدافهم بواسطة برنامج غرافيت التابع لشركة باراغون.

وأنهت باراغون لاحقا علاقتها مع الحكومة الإيطالية، مشيرة إلى أن إيطاليا انتهكت شروط الخدمة التي تحظر استخدام برامج التجسس ضد أعضاء المجتمع المدني.

ومنذ ذلك الحين، وصفت تقارير إعلامية كيف استُهدف العديد من الصحفيين الإيطاليين، وما لا يقل عن اثنين من المديرين التنفيذيين الإيطاليين، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لأحد أكبر البنوك الإيطالية، ونشطاء حقوق الإنسان الإيطاليين، وخبير استراتيجي سياسي إيطالي، ببرنامج التجسس الإلكتروني في عام 2024.

وقد أقرت حكومة رئيسة الوزراء الحالية، جورجيا ميلوني، باستخدام البرنامج ضد بعض النشطاء من قبل وكالة إيطالية ذات سلطة قانونية، لكنها لم تعلن مسؤوليتها عن استهداف شخصيات بارزة أخرى.

وقال ماتيو رينزي، رئيس الوزراء الإيطالي السابق، في مقابلة: "هذه هي فضيحة ووترغيت الإيطالية".

وأضاف: "هذه أداة لا يمكن استخدامها إلا من قبل الحكومة. إذا استمرت الحكومة الإيطالية في نفي استخدامها لهذه الأداة ضد [العديد من المديرين التنفيذيين الإيطاليين] والصحفيين، فالسؤال هو: من فعل ذلك؟" وقال: "لستُ من أصدقاء الصحفيين المقربين، لكن حرية الصحافة أولوية في الديمقراطية الليبرالية. بالنسبة لي، من غير المقبول استخدام هذه الأداة ضد الصحفيين".

وقالت "الغارديان" إن احتمال وقوع برنامج غرافيت الآن في أيدي مسؤولي الهجرة الأمريكيين يثير قلق بعض الشخصيات البارزة.

وبين وايدن في بيان لصحيفة الغارديان: أن "إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) تنتهك بالفعل الإجراءات القانونية وتدمر حياة الناس في سعيها الحثيث لاحتجاز الأطفال والعائلات الذين لا يشكلون أي تهديد لأحد. أشعر بقلق بالغ بشأن كيفية استخدام إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية لبرامج التجسس والتعرف على الوجه والتقنيات الأخرى لزيادة انتهاك حقوق الأمريكيين وأي شخص يصنفه دونالد ترامب كعدو".
التعليقات (0)