قضايا وآراء

من لبنان إلى غزة.. كيف تبرر إسرائيل استمرار اعتداءاتها؟

مأمون أبو عامر
"استهداف عناصر من حزب الله بتهمة التدريب والتصنيع والتخزين الأسلحة"- الأناضول
"استهداف عناصر من حزب الله بتهمة التدريب والتصنيع والتخزين الأسلحة"- الأناضول
جاء الهجوم الإسرائيلي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ليخلق حالة من القلق والتوتر لدى كثيرين من سكان قطاع غزة خشية العودة إلى حالة الحرب، أو على الأقل الدخول في حالة تشابه الحالة اللبنانية من استمرار لاستهداف عناصر حزب الله في كل الساحة اللبنانية، مما يعني استحالة تحسن الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، وأن على سكان قطاع غزة الذين عانوا الويلات خلال حرب الإبادة؛ الانتظار طويلا حتى تستقر الأوضاع.

هذا الحادث الذي تم خلاله استهداف عنصرا قياديا من الجهاد الإسلامي، بالادعاء أنه كان يخطط لعملية ضد جيش الاحتلال، ما أدى إلى استشهاد القيادي وشقيقه، وإصابة 3 أشخاص آخرين بجراح. حركة الجهاد الإسلامي من جهتها رفضت الادعاءات الإسرائيلية جملة وتفصيلا، وأكدت على الالتزام التام بمتطلبات وقف لإطلاق النار، ورفض تقديم أي ذرائع للاحتلال للعودة لعدوانها على قطاع غزة، واعتبرت الهجوم محاولة إسرائيلية لتبرير التهرب من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار حسب مبادرة الرئيس الأمريكي ترامب.

ما هي دوافع نتنياهو؟
التبرير الإسرائيلي للهجمات في لبنان واستهداف عناصر من حزب الله؛ بتهمة التدريب والتصنيع والتخزين الأسلحة، أي الاستعدادات البعيدة، وهو ما يشير إلى أن العمليات في لبنان مستمرة ولن تتوقف. لكن في غزة تم ربط الهجوم بتهمة الاستعداد اللحظي والتخطيط للهجوم على القوات الإسرائيلية واختراق التهدئة

شكلت جملة من القضايا عوامل ضغط سياسي تحرج نتنياهو أمام الجمهور الإسرائيلي:

أولا: قضية جثث الأسرى الإسرائيليين، ولذلك نتنياهو يحاول أن يمارس ضغط نفسيا بخلق حالة الارتباك في الشارع الفلسطيني عبر القيام بهذا الاستهداف، للضغط على حماس للإسراع بتسليم الجثث التي بحوزتها، وكذلك إرضاء للشارع الإسرائيلي الذي عمل نتنياهو وماكينته الإعلامية على إثارته باعتبار ذلك التزاما أخلاقيا من الدولة تجاه مواطنيها، بالرغم من أن سلوك نتنياهو وجيشه خلال الحرب يثبت عكس ذلك.

ثانيا: الموقف السياسي العام وصورة نتنياهو بعد الحديث عن الدور الأمريكي، خاصة تشكيل مركز المراقبة والتوجيه في كريات جات بالقرب من قطاع غزة، والذي أدى إلى حملة هجومية من المعارضة الإسرائيلية عبّر عنها الكاتب الإسرائيلي "بن كسبيت" بشكل واضح في تغريده له على موقع إكس؛ اختصر فيها المشهد السياسي في إسرائيل، مع تحميل نتنياهو جملة من الاتهامات مع كل مناورة سياسية يقدم عليها من خلال ربطها بالوضع في قطاع غزة لما بعد وقف إطلاق النار، باعتبارها تأتي ضمن سياسة "صرف الانتباه عن غزة، عن تعافي حماس، عن توافد العالم أجمع على كريات غات لإدارة شؤوننا، عن تحويلنا إلى محمية، عن حقيقة أن حكومة يمينية شاملة ستُنهي ولايتها دون ضمّ شبرٍ واحد، لا في يهودا والسامرة، ولا في غور الأردن، ولا في معاليه أدوميم، ولا في غزة. دون تجديد الاستيطان في غزة، دون الحدود الشمالية أو الجنوبية، دون الهجرة الطوعية، ودون تجنيد الحريديم، بدون حكم، بدون أمن شخصي، مع مذبحة جنونية لـ2000 إسرائيلي، وإخوان مسلمين (قطر وتركيا) في فنائنا الخلفي."

وهذا المشهد رد عليه نتنياهو سياسيا في اجتماع مجلس الوزراء؛ بالقول إن "إسرائيل مستقلة وسياستنا والأمنية بيدنا، ونحن من سيحدد أي القوات غير مقبولة لنا بشأن القوات الدولية". أما الرد العملي فكان عبر عملية الهجوم على عنصر من المقاومة في النصيرات بذريعة التخطيط للقيام بعملية.

السؤال الآن: هل سيستمر نتنياهو بإعطاء الضوء الأخضر للجيش بتكرار هذه الهجمات؟

الجواب يمكن أن يكون من شقين أو جانبين، الأول سياسي مرتبط بشخص نتنياهو، وهذا يعني أن نتنياهو لن يمل من البحث عن مبررات لاختراق التهدئة، لكنه سيكون محاصرا بالموقف الأمريكي الرافض لانهيار وقف إطلاق النار؛ لأن مسألة الوضع في غزة أصبحت مسألة شخصية للرئيس ترامب، ونتنياهو لا يمكنه أن يدخل في مواجهة مع الرئيس ترامب، لكن لا يُستبعد أن يعطي ترامب لنتنياهو متنفسا ولو محدودا باختراق التهدئة لمواجهة الضغوطات الداخلية أمام المعارضة الإسرائيلية.

الجانب الآخر هو التبرير الإسرائيلي للهجمات في لبنان واستهداف عناصر من حزب الله؛ بتهمة التدريب والتصنيع والتخزين الأسلحة، أي الاستعدادات البعيدة، وهو ما يشير إلى أن العمليات في لبنان مستمرة ولن تتوقف. لكن في غزة تم ربط الهجوم بتهمة الاستعداد اللحظي والتخطيط للهجوم على القوات الإسرائيلية واختراق التهدئة، وعليه يمكن اعتبار الحدث في ظل عدم وجود أدلة تثبت الرواية الإسرائيلية بأنه يأتي في سياق التبرير السياسي، وليس ضمن خطة عملياتية مستمرة للجيش في المنطقة الخضراء داخل قطاع غزة.
التعليقات (0)

خبر عاجل