كشفت
الأمم المتحدة، الجمعة، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفضت تجديد
تأشيرة دخول رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جوناثان
ويتال، في خطوة وصفت بأنها تصعيد خطير في إطار التضييق المتزايد على عمل الوكالات الدولية، في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع
غزة.
وقالت المتحدثة باسم المكتب الأممي إيري كانيكو، إن السلطات الإسرائيلية أبلغت المنظمة بأنها لن تمدد تأشيرة ويتال بعد شهر آب/ أغسطس المقبل، موضحة أن القرار جاء مباشرة عقب تصريحات أدلى بها المسؤول الأممي انتقد فيها قتل مدنيين فلسطينيين كانوا يحاولون الوصول إلى الغذاء.
وأكدت كانيكو أن الفترة الماضية شهدت تقليصاً ملحوظاً في مدة تأشيرات دخول موظفي الأمم المتحدة، فضلاً عن رفض السلطات الإسرائيلية طلبات دخول العديد من الوكالات الدولية إلى غزة، وحجب التصاريح الممنوحة لموظفين فلسطينيين لدخول القدس الشرقية.
ما يجري في غزة "مذبحة لمحو حياة الفلسطينيين"
في إحاطة إعلامية حازمة، أعادت وكالة "الأونروا" نشرها الثلاثاء الماضي، ندد ويتال بما وصفه بـ"مجزرة الجوع" في قطاع غزة، قائلاً: "ما نشهده هو مذبحة، إنه جوع يُستخدم كما لو كان سلاحاً. إنه تهجير قسري، وهو حكم بالإعدام بحق أناس لا يسعون إلا للبقاء على قيد الحياة".
وأضاف: "تبدو هذه العوامل مجتمعة كعملية ممنهجة لمحو حياة الفلسطينيين من قطاع غزة"، محذراً من أن القيود المتصاعدة على عمل الأمم المتحدة تهدد بشكل مباشر إمكانية الوصول إلى ملايين المدنيين الذين يعانون.
من جهتها، أطلقت وزارة الصحة في غزة تحذيرات جديدة من تدهور الأوضاع الإنسانية، مؤكدة أن أعداداً غير مسبوقة من المواطنين، بينهم أطفال وكبار سن، يتوافدون إلى أقسام الطوارئ في حالات من الإجهاد والإعياء الشديدين بسبب الجوع.
وأشارت الوزارة إلى أن مئات الحالات مهددة بالموت المحتم، نظراً لتدهور الحالة الصحية وفقدان القدرة الجسدية على الصمود، ما يهدد بكارثة صحية مروّعة.
بدورها، قالت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إن قطاع غزة يعيش "أسوأ مراحل الكارثة الإنسانية"، مؤكدة أن سياسة
التجويع الإسرائيلية تدفع الأوضاع إلى حافة الانفجار.
وأضافت الشبكة أن نقص الغذاء بلغ حد الانعدام، لا سيما نفاد الطحين من الأسواق بالكامل، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تسجيل وفيات بالجملة نتيجة الجوع، مطالبة بإدخال المساعدات الإغاثية فوراً ورفع الحصار الإسرائيلي.
اظهار أخبار متعلقة
حرب إبادة ومجازر جماعية
منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يشن الاحتلال الإسرائيلي حرباً شعواء على قطاع غزة، تصفها تقارير أممية ومنظمات دولية بأنها إبادة جماعية، تشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، وسط تجاهل متعمد لقرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف العمليات العسكرية والمجاعة.
وأفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد الضحايا تجاوز 58 ألف شهيد وأكثر من 140 ألف جريح، بينما تشير تقارير ميدانية إلى وجود أكثر من 10 آلاف مفقود تحت الأنقاض، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي.
كما أكد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تسجيل نحو 900 حالة قتل خلال الأسابيع الستة الأخيرة، وقعت في محيط مراكز توزيع المساعدات الإنسانية وقوافل الإغاثة، ما يعكس استهدافاً مباشراً للمدنيين الباحثين عن الطعام.
تُنفذ هذه الحرب بدعم سياسي وعسكري مفتوح من الولايات المتحدة، التي لم تكتفِ بتوفير الغطاء الدبلوماسي للاحتلال الإسرائيلي في المحافل الدولية، بل استمرت في تقديم الأسلحة والذخائر رغم تصاعد اتهامات المحكمة الجنائية الدولية للاحتلال بارتكاب جرائم حرب.
قرار منع دخول ويتال يأتي في سياق سياسة أوسع تهدف إلى تحييد المؤسسات الأممية والشهود الدوليين الذين يوثقون جرائم الحرب والانتهاكات المتواصلة بحق السكان المدنيين، وسط تحذيرات من تفريغ غزة من الوجود الأممي، ما يُعقد جهود الإغاثة ويُضعف المراقبة الدولية.
ورغم خطورة القرار، لم تصدر البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة أي تعليق حتى اللحظة، مكتفية في السابق بوصف انتقادات الأمم المتحدة بأنها "منحازة"، في تجاهل صريح للمواثيق الدولية والضغوط الحقوقية المتزايدة.