كشفت دراسة علمية حديثة عن أن ممارسة التمارين
الرياضية بانتظام تُعدّ وسيلة فعّالة لتحسين الصحة النفسية لدى الأطفال، خصوصاً أولئك الذين يعانون من
اضطرابات المزاج مثل
القلق والاكتئاب، ما يفتح الباب أمام بدائل غير دوائية للعلاج النفسي في مراحل الطفولة.
الدراسة التي أجراها فريق بحثي مشترك من جامعتي جنوب أستراليا ومانشستر البريطانية، خلصت إلى أن الانخراط في برامج رياضية منتظمة يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في أعراض
الاكتئاب والقلق لدى الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عاماً.
واستندت النتائج إلى تحليل شامل لـ375 دراسة سابقة، شملت بيانات أكثر من 38 ألف طفل، نُشرت نتائجها في المجلة العلمية المرموقة "
Journal of the American Academy of Child & Adolescent Psychiatry"، المتخصصة في طب نفس الأطفال والمراهقين.
نوعية التمارين وأثرها التفاضلي
وأظهرت البيانات أن تمارين المقاومة العضلية، مثل رفع الأثقال أو تمارين الضغط، تُسهم في تقليل مستويات القلق والتوتر، في حين أن تمارين الأيروبكس وتدريبات القوة البدنية كان لها التأثير الأكبر في تخفيف أعراض الاكتئاب.
وأوضح الباحثون أن ممارسة التمارين ما بين مرة إلى ثلاث مرات أسبوعيا كافية لإحداث تحسّن ملموس في الحالة المزاجية للأطفال، وأن هذه الأنشطة يمكن دمجها ضمن الروتين المدرسي أو المجتمعي دون الحاجة إلى موارد كبيرة.
بديل منخفض التكلفة للأدوية النفسية
وفي تصريحات أدلى بها لموقع "هيلث داي" المتخصص في الأبحاث الطبية، قال البروفيسور مايكل روزنباوم، رئيس فريق الدراسة، إن "التدريبات الرياضية تُعدّ نشاطا منخفض التكلفة وسهل التنفيذ، وهي متاحة على نطاق واسع ويمكن أن تُحدث فرقاً حقيقياً في تحسين الصحة النفسية للأطفال والمراهقين".
وأضاف أن "الرياضة قد تكون بديلاً فعالاً أو مكملاً لمضادات الاكتئاب لدى شريحة واسعة من الأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية، خاصة في المراحل المبكرة".
اظهار أخبار متعلقة
توصيات بحثية وطبية
ودعا فريق الباحثين إلى تبنّي مقاربة شاملة للصحة العقلية للأطفال، تدمج بين العلاج النفسي، والدعم الأسري، والنشاط البدني المنتظم، مشيرين إلى ضرورة دمج الرياضة في البرامج المدرسية والرعاية المجتمعية كأداة وقائية وعلاجية على السواء.
كما شدد الخبراء على أهمية إشراك الأهل والمدارس في تشجيع الأطفال على الحركة والنشاط البدني، لا سيما في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بنمط الحياة الخامل والتعلق المفرط بالشاشات.
وتأتي هذه النتائج في وقتٍ تتصاعد فيه معدلات الاضطرابات النفسية لدى الأطفال عالميا، لا سيما في أعقاب جائحة كوفيد-19، التي ضاعفت من مشاعر العزلة والقلق والضغوط الاجتماعية لدى هذه الفئة العمرية.