ليست
قناة
السويس مجرد شريط مائي، بل هي حكاية إنسانية طوعت المفاهيم القديمة للمسافات
والحدود. هناك، حيث يلتقي التاريخ والجغرافيا والاقتصاد في رقصة كونية، يتحول
الماء إلى جسر للرؤى يعيد تشكيل خريطة العالم منذ قرن ونصف. لكن ما يعتمل تحت سطح
هذه الرقصة الهادئة؛ أصابع خفية تلعب من خلف الستار، وأجندات مشبوهة تنفذها
تحالفات الخيانة، وصراعات جيوسياسية على قيادة الشرق الأوسط.
فهل أصبحت
مصر الحضارة والتاريخ كلأ مستباحا لقطاع الطرق؟
التمدد
الإماراتي في الموانئ المصرية
تسعى
الإمارات -بحرص لافت- إلى توسيع نفوذها في الموانئ والمناطق الحيوية حول القناة،
وكأنها تنسج خيوطا خفية تربط مصيرها بالكيان الصهيوني، محولة الممر الاستراتيجي
إلى جسر لتمرير النفوذ، لا البضائع فحسب. في هذه اللعبة الكبرى، حيث تخفي المصالح
الاقتصادية أوراقا سياسية ملطخة، تطرح أسئلة حرجة: هل تُختطف قناة السويس من
جذورها التاريخية لتصير أداة في يد من يريد إعادة رسم الخرائط؟ وكيف لشق بحري أن
يظل قصيدة اقتصادية إن تحول إلى ساحة لصراع تُسرق فيه السيادة تحت غطاء الاستثمار؟
في هذه اللعبة الكبرى، حيث تخفي المصالح الاقتصادية أوراقا سياسية ملطخة، تطرح أسئلة حرجة: هل تُختطف قناة السويس من جذورها التاريخية لتصير أداة في يد من يريد إعادة رسم الخرائط؟ وكيف لشق بحري أن يظل قصيدة اقتصادية إن تحول إلى ساحة لصراع تُسرق فيه السيادة تحت غطاء الاستثمار؟
التمويل
الإماراتي والسيادة المصرية
لم يكن
الدعم الإماراتي للتغيير السياسي عام 2013م مجرد حقيبة مالية تُلقى على عتبة
النظام الجديد، بل كان مفتاحا لاقتحام المشاهد الاقتصادية المصرية. بحسب تسريبات،
قُدمت مساعدات اقتصادية قيمتها 5 مليارات دولار، مع وعود بمنح إضافية قد تصل إلى
20 مليارا. هكذا تحولت أبو ظبي إلى مندوب سامٍ يتحكم في إدارة موارد مصر، وهو ما
أثار تساؤلات عن التكاليف السياسية لهذه الشراكة.
المنافسة
بين ميناء جبل علي والموانئ المصرية
وبينما
كانت مصر تناضل لإنعاش موانئها، كانت الإمارات تُحكم قبضتها على ميناء جبل علي،
الذي يستقبل 18 مليون حاوية سنويا. وفقا لوثائق مسربة، فإن تكلفة الشحن عبر جبل
علي تقل بنسبة 35 في المئة عن الموانئ المصرية، بسبب الدعم الحكومي الإماراتي. أما
في الجانب المصري، فقد أُلغيت صفقة صينية قيمتها مليارا دولار لتطوير منطقة
القناة، لصالح شركة إماراتية بعروض متواضعة، وهو ما أدى إلى خسائر تُقدر بـ4.1
مليار دولار سنويا.
مستقبل
القناة في ظل تحالفات الخيانة
تحت ستار
التعاون الاقتصادي، يحيك التحالف الإماراتي-الصهيوني خطوطا لشبكة طرق بحرية جديدة؛
من أبرزها مشروع "ممر حيفا-جبل علي" الذي يهدف إلى تجاوز قناة السويس،
وهو ما قد يؤثر على عائداتها بنسبة 15 في المئة إلى 40 في المئة، في حال تم تنفيذه.
ولكن وراء هذه الأرقام، تختبئ أبعاد أمنية تتعلق بالسيطرة على حركة الملاحة
الدولية.
السيادة
والتحديات
تحولت
قناة السويس -التي كانت يوما شريان حياة لمصر- إلى وهم يتراجع أمام تزايد الدين
الخارجي الذي بلغ المعلن منه 165 مليار دولار. ليس السؤال اليوم عن "كيف
خسرنا السيطرة؟"، بل عن "كيف نستعيد السيادة؟". الإجابة تحتاج إلى
مراجعة اتفاقيات، وإلى وضع استراتيجيات تقطع خيوط التبعية، وتعيد لمصر زمام
مقدراتها قبل أن تتحول ممراتها المائية إلى أوراق في أيدي الكيان الصهيوني.