وتعد البئر، الواقعة في منطقة أمهرة شمال غرب إثيوبيا، وجهة دينية بارزة في الكنيسة الأرثوذكسية، ويعتقد كثيرون أن مياهها تملك "قدرات علاجية وطاردة للأرواح الشريرة".
وبحسب وكالة الأمن الصحي البريطانية، تم تسجيل أربع حالات إصابة بالكوليرا في المملكة المتحدة بين كانون الثاني/ يناير، ومنتصف شباط/ فبراير 2025، واحتاج ثلاثة منهم إلى دخول المستشفى، بينما نُقل أحدهم إلى العناية المركزة بسبب تدهور حالته.
ووفق التحقيقات، فإن اثنين من المصابين كانا قد زارا إثيوبيا وشربا من المياه مباشرة، بينما تناول الثالث مياهًا جلبها أحد المصابين، وهو الشخص الرابع الذي تأكدت إصابته كذلك في بريطانيا.
وفي ألمانيا، كشفت السلطات الصحية عن ثلاث إصابات مشابهة بنفس سلالة الكوليرا. اثنان من المرضى سافرا إلى إثيوبيا في كانون الثاني/ يناير الماضي، وجلبا زجاجات بلاستيكية من مياه البئر، وعند عودتهما تناولا تلك المياه، والشخص الثالث لم يشرب من الماء، لكنه تعرض لرشات منه على وجهه وشفتيه، ويُعتقد أنه ابتلع كمية صغيرة تسببت في إصابته، وقد احتاج أحد المصابين في ألمانيا أيضًا إلى الرعاية المركزة.
وكشفت التحاليل التي أُجريت في المختبرات البريطانية والألمانية عن وجود بكتيريا الكوليرا من نوع "Vibrio cholerae O1"، وهي سلالة مقاومة للعديد من المضادات الحيوية، سبق ربطها بتفشيات في كينيا وشرق ووسط أفريقيا.
وقال الباحثون في مجلة "Eurosurveillance" إن المياه كانت "ملوثة بشدة" وإن البكتيريا ظلت حية وقابلة للعدوى حتى بعد نقل المياه إلى أوروبا.
ومن ناحية أخرى تكافح إثيوبيا، تفشيا مستمرا للكوليرا منذ عام 2022، حيث تم الإبلاغ حتى الآن عن أكثر من 58 ألف إصابة و726 وفاة، وتشير تقارير محلية إلى أن منطقة قوارا، التي تقع فيها البئر، سجلت وحدها 270 إصابة وخمس وفيات منذ بداية العام الجاري، وسط تحذيرات من توسع نطاق العدوى بسبب الحج الديني إلى البئر.
وسارعت منظمة الصحة العالمية إلى إنشاء 17 مركزًا لعلاج الكوليرا في المناطق المتضررة بإثيوبيا، إضافة إلى حملة تطعيم ضخمة شملت أكثر من 10 ملايين شخص في محاولة للسيطرة على انتشار المرض.
في بريطانيا وألمانيا، شددت السلطات الصحية على ضرورة توخي الحذر عند تناول أي نوع من المياه غير المعالجة، حتى وإن كانت ذات طابع ديني، خاصة في البلدان التي تشهد تفشيات للأوبئة. كما نصحت المسافرين باتباع إجراءات النظافة الشخصية، وتجنب الأطعمة والمياه غير المأمونة، والتطعيم ضد الكوليرا قبل السفر إلى مناطق موبوءة.
هذه الحوادث تعكس خطورة انتقال الأمراض المعدية عبر الممارسات الثقافية والدينية العابرة للحدود، وتؤكد أهمية المراقبة الصحية العالمية في ظل تصاعد حركة السفر والسياحة الدينية.