حقوق وحريات

"تفتيش عارٍ في السجون الأردنية".. شهادات صادمة ونائب يحرك الملف في البرلمان

كسر النائب مشوقة الصمت الذي يغلق قضية "التفتيش العاري" في السجون
كسر النائب مشوقة الصمت الذي يغلق قضية "التفتيش العاري" في السجون
"طلبوا مني أن أخلع بنطالي، حتى ملابسي الداخلية.. ثم أجبروني على القرفصاء قياماً وقعوداً، شعرت بكل ما للإهانة من معنى"، بهذه الكلمات يصف سجين سابق في أحد السجون الأردنية ما يقول إنه إجراء "تفتيش عارٍ" خضع له خلال فترة توقيفه، معتبراً أن ما جرى "لا يمت للعدالة أو الأمن بصلة، بل هو إذلال ممنهج".

ولا تختلف كثيراً شهادة "عارف" (اسم مستعار) الذي قال لـ"عربي21" إنه أوقف على خلفية "قضية رأي" خلال مراجعة لقسم الجرائم الإلكترونية، وأضاف: "كوني أعمل في الصحافة، كنت أعلم أني لم أرتكب جُرماً.. لكنهم طلبوا مني خلع بنطالي، شعرت بشعور قهر لا يمكن وصفه، إذ ماذا يمكن أن أخفيه؟! وقد تم توقيفي دون سابق إنذار، وفي قضية رأي فقط".

وتابع: "التفتيش العاري لم يكن سوى حلقة من سلسلة إجراءات مرهقة بدأت بالتقييد، ثم الانتظار لساعات في كل خطوة دون مبرر، ثم تقييدي للخلف داخل سيارة الترحيلات بطريقة مذلّة ومؤذية".

اظهار أخبار متعلقة


"قصص تتكرر"
لم تكن هاتان الشهادتان استثناءً، فالكثير من السجناء السابقين تحدّثوا عن تعرضهم لإجراءات وصفوها بـ"المهينة" أثناء التحقيق أو التوقيف، خاصة أولئك الذين أوقفوا على خلفية مشاركتهم في احتجاجات أو منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويرى حقوقيون أن "التفتيش العاري" ليس ممارسة جديدة داخل مراكز التوقيف والإصلاح، بل هو "إجراء غير منصوص عليه بوضوح في القانون، لكنه يُمارَس بشكل متكرر"، ما يدفع كثيراً من الضحايا إلى التزام الصمت "إما خشيةً من الملاحقة أو لكون التجربة شديدة الحرج والإذلال".

سؤال نيابي يكسر الصمت تحت القبة
وفي خطوة نادرة من نوعها، وجّه النائب في البرلمان الأردني عدنان مشوقة، سؤالاً نيابياً إلى رئيس الوزراء جعفر حسان بشأن ملف "التفتيش العاري" في السجون الأردنية، متسائلًا عن ما إذا كان يُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان أم إجراءً أمنيًا مشروعًا.

وجاء في سؤال مشوقة، الذي اطلعت "عربي21" على نسخة منه: "ألا يعتبر التفتيش العاري في السجون انتهاكًا للكرامة الإنسانية والخصوصية؟ وما هي الآثار النفسية والاجتماعية المترتبة عليه؟ وهل هناك بدائل تقنية أو إجرائية تغني عنه؟".

وطالب النائب بتوضيح ما إذا كان التفتيش العاري جزءًا من سياسة إعادة تأهيل السجناء، أو أنه إجراء تأديبي أو عقابي، مؤكدًا ضرورة إخضاع هذه الممارسات للرقابة القضائية والإدارية لمنع أي تجاوزات.

في المقابل، لم تصدر حتى الآن توضيحات رسمية مباشرة من الحكومة حول التساؤلات المطروحة، إلا أن مصادر أمنية كانت قد بررت في تصريحات سابقة أن "التفتيش الدقيق يتم وفق إجراءات تحفظ الأمن داخل المراكز، وتراعي الضوابط القانونية والحقوقية".

لكن ناشطين يرون أن هذه التبريرات "لا تصمد أمام تصاعد الشهادات، وغياب الشفافية، واستمرار توقيف النشطاء والصحفيين على خلفية قضايا رأي".

ويأتي فتح هذا الملف في ظل تصاعد حملة الاعتقالات التي طالت ناشطين وصحفيين على خلفية قانون الجرائم الإلكترونية والحراك المناصر لغزة.

اظهار أخبار متعلقة


ويرى مراقبون أن مجرد طرح هذا الملف تحت قبة البرلمان "يمثل اختراقاً لحاجز الصمت"، لكنهم يشككون في قدرة المجلس على فرض مساءلة حقيقية أو إحداث تغيير في هذه السياسة الأمنية.

ويترك التفتيش العاري أثراً نفسياً عميقاً على المعتقل، يتمثل في الشعور بالإهانة والمهانة، وفقدان الكرامة والخصوصية، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق، والانطواء، واضطراب ما بعد الصدمة، وحتى فقدان الثقة بمؤسسات الدولة.
التعليقات (0)

خبر عاجل