في تمام الساعة التاسعة وسبع وثلاثين دقيقة
بالتوقيت المحلي لمدينة واشنطن، غرد دونالد
ترامب عبر حسابه الرسمي على منصته
الخاصة تروث سوشيال بهذه الكلمات: إنه وقت عظيم للشراء.
ترامب أضاف ثلاثة أحرف باللغة الإنجليزية في
نهاية تغريدته المثيرة للجدل وهي DJT ، في إشارة إلى مجموعة
ترامب للإعلام والتكنولوجيا التي يمتلكها الرئيس الأمريكي.
تغريدة ترامب المثيرة للجدل، جاءت في وقت
كانت بورصات الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من تراجع كبير وانهيار في الأسهم
وقيمة الشركات الكبرى، بعد قراره قبلها بأيام بفرض تعريفات جمركية على أكثر من 150
دولة في العالم بحد أدنى 10% على صادراتهم إلى أمريكا.
بعدها بساعتين فقط، صدم الرئيس الأمريكي
العالم أجمع وفي القلب منه بورصة وول ستريت وعمالقة الاقتصاد الأمريكي بقرار مفاجئ
بالتراجع عن التعريفات الجمركية، وتعليقها لمدة تسعين يوما ما عدا الصين.
قرار ترامب أنعش بورصات العالم في أمريكا
ولندن واليابان وغيرها، وارتفعت أسهم الشركات بشكل لافت، وهو ما سجله مؤشر ستاندر
أند بورز 500 الذي أشار إلى مكاسب تجاوزت أربعة تريليون دولار في ساعات قليلة
بنسبة ارتفاع 9%، وهو ما عوض خسائر كبرى الشركات في الأيام التي سبقت قرار ترامب.
ما بين تغريدة ترامب وقراره بالتراجع، حدثت
أمور كثيرة يمكن أن نطلق عليها باختصار: ترامب جيت.
الأحرف الثلاثة التي أرفقها ترامب في
تغريدته ترمز إلى مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، وهي الجهة المالكة لمنصة تروث
سوشيال التي يفضلها ترامب، والتي يملك ما يوازي 53% من قيمة الأسهم فيها.
ارتفعت أسهم الشركة بعد قراره بالتراجع عن
التعريفات الجمركية بنسبة 22%، وهي نسبة ارتفاع كبيرة للغاية ومن بين الأعلى في
بورصات أمريكا في يوم واحد ، واللافت أن تلك الشركة قد حققت خسائر كبيرة في العام
الماضي بلغت 400 مليون دولار، ولكنها في يوم واحد فقط استطاعت أن تتجاوز خسائر عام
كامل، ونجح ترامب نفسه أن تدخل حساباته ما يقارب نصف مليار دولار.
إنها عملية تلاعب داخلية، هذا ما قالته
اليزابيث وارن النائبة الديموقراطية عن ما فعله دونالد ترامب، وارن اتهمت ترامب
بشكل واضح أنه تلاعب بالبورصة والاقتصاد الأمريكي لمصالحه الشخصية ومصالح شركاته
الخاصة.
السيناتور الديمقراطي آدم شيف وزميله في
الحزب الديمقراطي كريس ميرفي كلاهما اتهما إدارة ترامب بالتلاعب بالاقتصاد، وتورطه
في شبهات فساد مالي وعملية نصب واحتيال، وطالبا بالتحرك الفوري لفتح تحقيق حول أمر
واحد، متى قرر ترامب التراجع عن التعريفات الجمركية يوم التاسع من نيسان/ إبريل، وهل كان
قراره قبل نشر تغريده أم بعدها.
نحن أمام تاجر ورجل أعمال يمتلك إمبراطورية ضخمة من الشركات له ولأفراد عائلته على مستوى الأبناء أو أصهاره أيضا، وعلى رأسهم جاريد كوشنر، كم شركة تابعة لترامب استفادت من تغريدته وكانت على علم مسبق بقرار تراجعه عن التعريفات الجمركية.
مراسل قناة فوكس نيوز الأمريكية طرح هذا
السؤال على الرئيس ترامب، فكانت إجابته كعادته غير واضحة ومراوغة، حيث قال: يجب
التحلي بالمرونة في التعامل مع قضايا كهذه، عندما ترى حائطا كبيرا وتريد أن تعبر
من خلاله ولا تستطيع عندها، يجب أن تفكر في طرق أخرى لتجاوزه.
لكن، هل اتخذ ترامب قراره بالتراجع عن
التعريفات الجمركية بالفعل قبل كتابة تلك التغريدة؟
الرئيس الأمريكي قال؛ إنه كان يفكر في
التراجع عن التعريفات الجمركية منذ أيام، ولكنه اتخذ قراره في وقت مبكر من صباح
الأربعاء الماضي، التاسع من نيسان/ إبريل، ولكنه لم يحدد أبدا هل كان هذا الأمر قبل نشر
التغريدة أم بعدها.
في مقطع فيديو انتشر انتشار النار في الهشيم
على مواقع التواصل الاجتماعي في أمريكا، وقف ترامب داخل المكتب البيضاوي في البيت
الأبيض، محدثا أحد أصدقائه من مليارديرات وول ستريت ممازحا إياه: لقد حققت مليارين
ونصف المليار دولار في يوم واحد.
هذا هو بيت القصيد، نحن أمام تاجر ورجل
أعمال يمتلك امبراطورية ضخمة من الشركات له ولأفراد عائلته على مستوى الأبناء أو
أصهاره أيضا وعلى رأسهم جاريد كوشنر، كم شركة تابعة لترامب استفادت من تغريدته، وكانت على علم مسبق بقرار تراجعه عن التعريفات الجمركية.
كم شركة مقربة من ترامب استجابت لنصيحته
بشراء الأسهم، وقت أن كان الانهيار والانخفاض الكبير هو العنوان العريض، ثم إذا ما
قرر ترامب التراجع ارتفعت الأسهم بشده فحصل هؤلاء الترامبيون على ثروة هائلة.
قانون تداول الأوراق المالية في أمريكا يحظر
على أي شخص داخل الإدارة أن يسرب معلومات لشركات أو أفراد يتعاملون داخل سوق
التداول، وإن ثبت هذا الأمر فهي جريمة قانونية في الولايات المتحدة الأمريكية.
رجال ترامب الأوفياء مثل كارولين ليفيت
المتحدثة باسم البيت الأبيض وسكوت بيسينت وزير الخزانة الأمريكية، خففوا من أهمية
تلك الاتهامات، وادعوا أن ترامب استخدم فن الصفقة في إشارة إلى كتابه الشهير عام
1987.
ولكن يبدو أن الكونغرس الأمريكي ووسائل
الإعلام الأمريكية قد وجدت ما تبحث عنه منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، فقررت إعلان الحرب والضغط لفتح تحقيق حقيقي حول أكبر قضية نصب واحتيال وفساد مالي، تورط فيها الرئيس الأمريكي فيما سيعرف إعلاميا باسم ترامب جيت.