سياسة تركية

من الانتصارات بانتخابات البلديات إلى تهم بالفساد.. تعرف على مسيرة إمام أوغلو

إمام أوغلو يطمح للمنافسة على الرئاسة بتركيا- جيتي
إمام أوغلو يطمح للمنافسة على الرئاسة بتركيا- جيتي
تسلط حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات التركية، وشملت رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، الضوء على شخصيته وتاريخه، خاصة أن واحدا من أبرز الاتهامات الموجهة له التعاون مع جماعة إرهابية، فضلا عن إبطال شهادته الجامعية وهو ما يعني الكثير بالنسبة لكل المواقع التي شغلها بالاعتماد عليها.

وينحدر إمام أوغلو (53 عاما)، من قرية جيفيزلي، في طرابزون الواقعة على البحر الأسود شمال تركيا، وولد فيها عام 1971، فوالده حسن إمام أوغلو تاجر وصاحب شركة إنشاءات لاحقا، ووالدته تعمل بالفلاحة في منطقة تغلب عليها الزراعة وخاصة الشاي.

نشأ إمام أوغلو في قريته حتى الرابعة من عمره، قبل الانتقال إلى قرية أخرى، ويلتحق بالمدرسة الابتدائية فيها، ويواصل تعليمه الأساسي والثانوي في طرابزون، قبل أن يحصل على مقعد في قسم الهندسة المدنية في جامعة شرق البحر المتوسط في قبرص، لكنه لم يواصل وقام بتحويل تسجيله إلى كلية الإعلام في جامعة قبرص الأمريكية، والتي تسببت له بالمشكلة حاليا بسبب عدم الاعتراف بها من جامعة إسطنبول التي انتقل إليها بصورة غير قانونية كما تقول الجهات التعليمية وهو ما يعني بطلان الشهادة.

انتقلت أسرة إمام أوغلو إلى إسطنبول، كحال الكثير من الأسر التركية التي تهاجر من الريف إلى المدن الكبرى، عام 1987، وتخرج من جامعة إسطنبول عام 1994.

في فترة دراسته مارس رياضة كرة اليد، وكان حارس مرمى لفريق الكرة في ثانوية طرابزون، وانضم إلى حراس المرمى لاحقا في نادي ترك أوغلو خلال وجوده في قبرص.

استقرت عائلة إمام أوغلو، في حي باغلارباسي بمنطقة أوسكودار الواقعة على ساحل الطرف الآسيوي من إسطنبول، ثم إلى كاديكوي في الطرف ذاته، قبل أن يشتري والده قطعة أرض في منطقة بيليك دوزو في الجانب الأوروبي من إسطنبول، ويبدأ بالعمل في قطاع البناء فضلا عن افتتاح مطعم دام عدة سنوات قبل إغلاقه.

الحياة السياسية

لم تكن السياسة بعيدة عن عائلة إمام أوغلو، فوالده كان رئيسا مؤسسا لمركز محافظة حزب الوطن الأم "أنا وطن بارتيسي"، الذي أسسه الرئيس التركي الراحل تورغوت أوزال، وكان بعيدا في فكره عن حزب الشعب الجمهوري، وهو ما انسحب على أكرم الابن الذي انخرط في صفوف الحزب في بداية التسعينيات.

لكن مع بداية الألفية، تغير فكر إمام أوغلو، نحو حزب الشعب الجمهوري، وجرت محاولة لترشيحه لرئاسة بلدية بيليك دوزو، عام 2004، لكنه اعتذر بسبب منصبه الإداري في نادي طرابزون سبور، أحد أبرز الأندية التركية لكرة القدم، لكن في عام 2008، انضم إلى حزب الشعب الجمهوري رسميا، وشارك في انتخابات البلدية عام 2009، لكن باسمه الشخصي، ولم يحقق الفوز.

اظهار أخبار متعلقة


وصعد في المستويات الحزبية سريعا، وفي عام 2009، انتخب رئيسا لحزب الشعب الجمهوري في منطقة بيليك دوزو، وفاز في انتخابات المؤتمر المحلي للحزب كذلك.

وقام الحزب بتجديد انتخابه في رئاسة حزب الشعب بمنطقة بيليك دوزو عام 2012 من خلال المؤتمر الثاني للحزب في المنطقة.

وفي عام 2013، استقال إمام أوغلو من منصبه برئاسة الحزب في منطقة بيليك دوزو، استعدادا للترشح لرئاسة بلدية المنطقة، وهو ما حدث بعدها بعام واحد، وحصد حينها 50.8 بالمئة من الأصوات وفاز برئاستها.

رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى

عقب إعلان رئيس بلدية إسطنبول الكبرى الراحل قدير طوباش، استقالته من المنصب عام 2017، جرى ترشيح إمام أوغلو من قبل حزبه، لشغل المنصب في الفترة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات، وخاض المنافسة في مجلس البلدية أمام مولود إويصال من حزب العدالة والتنمية، لكن إمام أوغلو أخفق في الفوز بالمنصب.

وفي عام 2019، وبعد إجراء الانتخابات البلدية في عموم تركيا، أعلن فوز إمام أوغلو رئيسا لبلدية إسطنبول الكبرى، وانتزاعها من حزب العدالة والتنمية الذي احتفظ بها أكثر من 15 عاما، متفوقا على رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم.

لكن حزب العدالة والتنمية، تقدم بشكوى للجنة العليا للانتخابات، بعد تشكيكه بعد الأصوات غير الصالحة وأخطاء في محاضر الصناديق، ورغم قبول الشكوى وإجراء عمليات العد للأصوات، فقد خرجت اللجنة بقرار إلغاء محضر فوز إمام أوغلو، وقررت إعادة الانتخابات في إسطنبول وحدها، وتسلم والي إسطنبول في حينه علي يرلي كايا، رئاسة البلدية لحين الانتهاء من الانتخابات.

وجرت إعادة الانتخابات بعد نحو شهرين، وتمكن إمام أوغلو من الحصول على أغلبية الأصوات، بفارق أكثر من 800 ألف صوت عن أقرب منافسيه، وبات رسميا رئيسا لبلدية إسطنبول الكبرى، وتسلم منصبه على الفور.

عين على الرئاسة

تصاعدت التقارير التركية حول شخصية إمام أوغلو، وطموحاته في منافسة أردوغان، لكن قوة رئيس حزبه السابق كمال كليتشدار أوغلو، كانت تصعب عليه تجاوزه، لذلك فإنه أعلن عام 2023، وقبل الانتخابات الرئاسية في البلاد، أن إمام أوغلو سيكون مرشحا لمنصب نائب الرئيس، وحينها أشارت تقارير إلى أنها محاولة من حزبه من أجل التمهيد له لمنصب الرئاسة مستقبلا.

لكن الإخفاق في الانتخابات وخسارة كليتشدار أوغلو المنافسة أمام أردوغان، رغم الحملة الانتخابية الكبيرة والجهود التي بذلها إمام أوغلو، دفعت الأخير لشن حملة على رئيس الشعب الجمهوري، والضغط من أجل استقالته من منصبه، وذهب إلى حد إطلاق موقع إلكتروني طالب فيه بتغيير رئيس الحزب.

بلدية إسطنبول مجددا

ورغم أن العديد من الأزمات والإخفاقات الواضحة رافقت الولاية الأولى لإمام أوغلو في بلدية إسطنبول، مثل تأخر الكثير من المشاريع الاستراتيجية خاصة الميترو، والدخول في مناكفات مع الحكومة بتنصل البلدية من المساهمة في مشاريعها، إضافة إلى للأزمة التي حصلت في المنخفض الثلجي العنيف الذي ضرب المدينة، وإخفاق البلدية الكبرى في التصدي له والتخفيف من الآثار بعد محاصرة الثلوج لآلاف المواطنين بسياراتهم في الطرقات العامة والسريعة، إلا أنه حصل على رئاسة البلدية مجددا في الانتخابات التي أجريت عام 2024.

اظهار أخبار متعلقة


وبالنظر إلى التقدم الكبير الذي حققه حزب الشعب الجمهوري، في الانتخابات البلدية، والتراجع الحاد لحزب العدالة والتنمية، بدأت أوساط الشعب الجمهوري تروج لتقديم إمام أوغلو مرشحا محتملا للانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم وجود أسماء أخرى مثل منصور ياواش، ورغم أن رئيس الحزب أوزغور أوزيل، قال إن مرشح الحزب سيتم تحديده، من خلال الانتخابات التمهيدية في آذار/ مارس الجاري، إلا أن إمام أوغلو تقدم بطلب رسمي للترشح في الانتخابات التمهيدية، وحصل على توقيعات من 116 من أعضاء كتلة الحزب البرلمانية.

شهادة جامعية باطلة

لكن ومع تصاعد الحديث عن منافسة إمام أوغلو في الشعب الجمهوري على الترشيح للرئاسة المقبلة لتركيا، فقد ثار موضوع شهادته الجامعية مجددا بعد الحديث عنه منذ سنوات، لكن هذه المرة خرج مجلس إدارة جامعة إسطنبول بقرار، أعلن فيه مراجعة شهادات جامعية في فترة التسعينيات، وإبطالها بحق 28 شخصا، كان من بينهم إمام أوغلو، بسبب ما قالت الجامعة إنه "خطأ واضح"، وعدم تطابق، بسبب انتقال غير قانوني عام 1990 في برنامج اللغة الإنجليزية بكلية إدارة الأعمال.

توقيف واتهامات

وفي 19 آذار/ مارس من العام الحالي، أوقفت السلطات التركية إمام أوغلو من منزله، بتهمة جرائم منظمة والتعامل مع جماعة إرهابية، فضلا عن قضايا فساد في البلدية، وهو ما أثار غضب حزبه وخرجت تظاهرات تطالب بالإفراج عنه، مع تأكيد السلطات أن القضاء هو الذي ينظر في القضية ولا توجد دوافع سياسية وراءه.
التعليقات (0)

خبر عاجل