تعيد
المفاوضات المباشرة التي عقدت مؤخرا بين حركة
حماس، والإدارة الأمريكية، تسليط الضوء مجددا على قضية معتقلي مؤسسة الأرض المقدسة في أمريكا، والذين يقضون أحكاما "جائرة" وطويلة بالسجن.
وتحيي هذه المفاوضات الأمل بأن تطرح قضية المعتقلين على الطاولة، خصوصا بعد تعرضهم لمحاكمات وصفتها منظمات حقوقية بالظالمة، وكان الهدف منها استهداف منظومة العمل الخيري الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأثارت هذه القضية جدلًا واسعًا وتركت تأثيرًا كبيرًا على الجالية المسلمة في أمريكا وعلى العمل الخيري الإسلامي.
وعُقدت مفاوضات مباشرة للمرة الأولى بين آدم بوهلر مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الأسرى وقادة في "حماس"، لبحث إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة وبينهم 5 أمريكيين.
اظهار أخبار متعلقة
مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية
منظمة خيرية إسلامية أُسست في عام 1988 في الولايات المتحدة، كانت تقدّم المساعدات الإنسانية، مثل الغذاء والدواء والإغاثة، للفلسطينيين في الأراضي المحتلة وللأشخاص المحتاجين في دول أخرى.
بحلول أواخر التسعينيات، أصبحت المؤسسة واحدة من أكبر الجمعيات الخيرية الإسلامية في الولايات المتحدة.
في ديسمبر 2001، أغلقت الحكومة الأمريكية مؤسسة الأرض المقدسة متهمةً إياها بتمويل حركة حماس، التي تُصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.
وألقي القبض على خمسة من الرجال الأمريكيين من أصول
فلسطينية في عام 2004 بتهم ومزاعم دعم المؤسسة لحركة حماس، وهم، شكري أبو بكر، غسان العشي، مفيد عبد القادر، محمد مزين، وعبد الرحمن عودة.
بدأت المحاكمات في عام 2007 بعد سنوات من التحقيقات، وفي عام 2008، أُدين المسؤولين الخمسة في المؤسسة بتهم تتعلق بتمويل "الإرهاب".
"أحكام ظالمة"
صدرت أحكام بالسجن لفترات طويلة على المتهمين، تراوحت بين 15 عامًا و65 عامًا، حيث تلقى كل من شكري أبو بكر، وغسان العشي، حكما بالسجن لخمسة وستين عاما، وتلقى مفيد عبد القادر حكما بالسجن لعشرين عاما، أما محمد مزين، وعبد الرحمن عودة، فكان نصيب كل منهما خمسة عشر عاما. وأطلق سراح الثلاثة، عبد القادر، ومزين، وعودة، بعد قضاء محكوميتهم. أما العشي وأبو بكر، لا يزالا في السجن.
كانت القضية مبنية على ادعاءات بأن الأموال التي أُرسلت إلى الجمعيات الخيرية الفلسطينية المرتبطة بحماس ساهمت بشكل غير مباشر في دعم نشاطاتها.
انتقدت العديد من الدول والمنظمات الإنسانية القضية، معتبرةً أن المساعدات التي كانت تقدمها المؤسسة كانت شرعية وتهدف لدعم المدنيين الفلسطينيين.
كما انتقد بعض المحللين القانونيين والجماعات الحقوقية استخدام الحكومة لشهادات سرية وأدلة غير مباشرة، وتقديم وثائق تعود إلى التسعينيات كمستندات إثبات، رغم أنها لم تُثبت بشكل قاطع تورط المؤسسة في تمويل حماس بشكل مباشر.
اظهار أخبار متعلقة
هل تدرج حماس معتقلي المؤسسة في صفقة؟
تواصلت "عربي21" مع حركة حماس للتعليق على موضوع معتقلي الأرض المقدسة، وإمكانية إدراجهم ضمن صفقة شاملة مع واشنطن، ولم تتلق ردا حتى الآن.
وتقول مجموعات الدفاع عن الحريات المدنية؛ إن القضية كانت جزءا من الاستهداف للجمعيات الخيرية المسلمة، خاصة أن التهم كانت تتعلق بتقديم المساعدات للفقراء الفلسطينيين عبر لجان الزكاة.
ويقول الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية؛ إن قضية "مؤسسة الأرض المقدسة" كانت جزءا من نمط انتهجته الحكومة في الولايات المتحدة لاستهداف الجمعيات الخيرية القائمة على الانتماء الديني، "بناء على تهم غير مثبتة وبدون الحماية التي توفرها عادة الإجراءات القانونية السليمة".
وفي تصريح سابق لـ"
موقع ميدل إيست آي"، قال ميكو بيليد، الناشط الحقوقي ومؤلف كتاب "الجور: حكاية خمسة الأرض المقدسة": "لا يقتصر الأمر على أنهم لم يقوموا بأي فعل خاطئ، بل نحن نتكلم عن ثلة من أطيب الناس لن تقابل في حياتك أكرم منهم".
وأضاف؛ "إنه إخفاق مريع للعدالة، لا يمكن للمرء أن يصدق ذلك. يجب أن يخلى سبيل هؤلاء الناس، بل ويجب أن تدفع لهم تعويضات على ما ارتكب بحقهم من جور رهيب".
تأثير هذه المحاكمة
تسببت هذه القضية في خوف وشكوك كبيرة لدى الجمعيات الخيرية الإسلامية في الولايات المتحدة، فالكثير منها أصبحت تحت الرقابة الشديدة، مما أثر على قدرتها على جمع التبرعات وتقديم المساعدات.
كما أثرت على الجالية المسلمة التي اعتبرت أن القضية كانت جزءًا من حملة أكبر استهدفت المسلمين في أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.