تقارير

"بيت ثول".. هوية قرية فلسطينية مهجرة ترقد على تلال القدس

بقايا قرية ثول الفلسطينية ويبدو المشهد الساحر الذي كانت تطل عليه القرية
بقايا قرية ثول الفلسطينية ويبدو المشهد الساحر الذي كانت تطل عليه القرية
تعد بيت ثول من قرى قضاء القدس الشمالية حيث قامت ونهضت على قمة سلسلة جبال تمتد على محور شرقي غربي من مدينة القدس، وعلى بعد 17 كم منها، وتبعد عن طريق يافا-القدس نحو 4 كم، فيما ترتفع أعلى نقطة فيها عن سطح البحر ما يقارب الـ772 مترا في منطقة باطن العرش التي تطل على البحر الأبيض المتوسط.

بلغت مساحة القرية 4629 دونما منها 30 دونما للطرقات، وتحيط بها قرى: نطاف وقطنة وأبو غوش والعنب وساريس ويالو ضمن، منطقة باب الواد.

بلغ عدد سكان بيت ثول في عام 1922نحو 233 نسمة. ارتفع في عام 1932 إلى 282 نسمة. وفي عام 1948 حين هجروا بلغ عددهم 360 نسمة. وكان معظم سكان القرية يعتمدون على الزراعة بكافة أشكالها، وخاصة الزيتون، كما أنهم اشتهروا بزراعة الحبوب والخضراوات بكافة أنواعها والأشجار المثمرة والبناء.


                                             موقع قرية بيت ثول قبل التهجير القسري

وحول تسميتها بهذا الاسم تقول روايات متفق عليها بأن اسمها مشتق من كلمة تولا الآرامية، وتعني التل أو الظل ومنه اشتق اسم بيت ثول. وفي سجلات ضرائب العثمانيين التي تعود إلى عام  1596 كانت بيت ثول تعرف باسم بيت تون.

وتتمتع قرية بيت ثول بتاريخ عريق يمتد إلى عصور قديمة وتشهد على ذلك العديد من المواقع التاريخية والدينية والأثرية وبعض الأعمدة والآبار وعيون الماء والخرب والمقاومات التي تدل على أهمية القرية. من بينها:

ـ خربة مسمار أو مسمر، وهي خربة أثرية وتحتوي على أشجار أثرية وفسيفساء، وعلى حظائر أثرية كان الرومان الذين قطنوا فيها يستعملونها لأمور كثيرة.

ـ خربة زبود، تحتوي على بقايا أعمدة وأبنية أثرية قديمة من العهد الروماني، وكان الرومان يسكنون بها، ولعل اسمها مشتق من كلمة زبوديا السريانية وهي تعني عطيه أو هبة.

ـ خربة جرابة، والبعض يسميها خربة ذويقة تحتوي على أساس وأكوام وصخرات ضخمة مبنية ومدقوقة في الصخر من العهد الروماني وتحتوي على صهريج ضخم، وذكرها الفرنجة في تاريخهم لاحقا باسم جيرابيج، وكانت مشهورة بأشجارها المثمرة أهمها الزيتون واللوزيات والتين والعنب والصنوبر والخروب.

ـ خربة القصر، وبها أساس صهريج منقور في الصخر ومعقود على مستوى سطح الأرض.

ـ خربة حرشة، يوجد بها مغارات وآبار ارتوازية قديمة يقال إنها كفرية رومانية، ويوجد بها مجمع من الماء ولها من السطح مدخل عام ولها 7 أبواب أخرى، ويوجد بها أكثر من عشر سراديب ويبلغ حجم الحجر فيها 3 أمتار.

ـ علية النمر، توجد في هذه العلية غرفتان ويوجد لهذه العلية طريق درج ويقال إنها مليئة بالآثار الرومانية القديمة.

ـ بير المراح، وهو من الآثار الرومانية القديمة ويوجد به بئر ماء كبير وقديم محفور على الطريقة الرومانية القديمة وكان هذا البئر يستعمل للشرب والزراعة.

ـ  عين شومال، وكانت مياهها أيضا تستعمل للشرب والزراعة وخاصة ري البساتين التي تقع جنوب القرية.

هجرت قرية بيت ثول  في إطار عملية نحشون التي نفذتها منظمة الهاغاناه في صباح يوم 15 تموز/ يوليو عام 1948، وقامت كتيبة ومشاة وسرية الدبابات بالهجوم على القرية وحاصرتها من الجهات الأربع ودارت معارك قوية بين أبناء القرية الذين استبسلوا بالدفاع عن أراضيهم، مع قلة وجود المجاهدين والثوار والسلاح.


                                            مدخل القرية المدمرة والمطهرة عرقيا

وكان الهدف في حينه من احتلال القرية والسيطرة عليها، محاصرة القرى المحيطة بها وخاصة قرى يالو، وعمواس، ودير أيوب، والقضاء على بؤرة الثورة حينئذ حيث كان الشهيد عبد القادر الحسيني يتخذ من القرية مركزا لشن الهجمات على القوافل والإمدادات الصهيونية في باب الواد بالتعاون مع شباب القرية.

وتذكر بعض الروايات أن أحد ثوار القرية ويدعى صالح سليمان محمد علي قد أسقط طائرة بريطانية ببندقيته المتواضعة. وكانت نساء القرية يخبئن الأسلحة الخفيفة حين تداهم القوات البريطانية القرية بحثا عن القائد عبد القادر الحسيني والثوار الذين يقاومون معه.

وقد سقط العديد من الشهداء على أرضها وأرض دير أيوب. وكان أهالي بيت ثول يمجدون بطولات الحاج أمين الحسيني وينادونه بكنيته "أبي صلاح"، وبعد التهجير غنوا له وقالوا "يا أبو صلاح لشو هالعيشة، من بعد الرز أكلنا جريشة".

وفيما بعد قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية وتشريـد أهلها، وأقيمت على أراضي القرية لاحقا مستعمرة "نتاف".

محيت قرية بيت ثول عن الوجود إذ تنتشر اليوم أكوام من الأنقاض على مساحة واسعة من التل وتظهر بقايا حيطان نبتت الأعشاب البرية الكثيفة بينها. ويغطي شجر الخروب ونبات الصبار وأشجار الزيتون واللوز المصاطب التي تحف بجانبي الموقع الغربي والشمالي.


                                                     أنقاض قرية بيت ثول المدمرة

أما الجانب الشرقي ففيه بقايا منزل كبير يحيط به حائط متداع. ولا يزال من بقي من الفلسطينيين في المنطقة يتزودون بالمياه من بئرين منقورتين في الصخر. وتغطي الأعشاب البرية القبور في الطرف الجنوبي للقرية. وقد أقيم في موقع القرية نصب تذكاري لطيارين إسرائيليين تحطمت طائرتهما في هذا المكان، وأقيمت غابة صغيرة في الموقع تكريما لداعمين غربيين للحركة الصهيونية، كما أقيمت غابة أخرى في الموقع .

وغالبية سكان القرية حاليا لاجئون في الضفة الغربية وفي الشتات.

المصادر:
 ـ هبة أصلان، "كيف هجرت قرية بيت ثول قضاء القدس؟"، الجزيرة نت، 15 /5/2017
 ـ  مصطفى مراد الدباغ، "بلادنا فلسطين" ج8، بيروت، 1974.
ـ  موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ  موقع قرية بيت ثول.
ـ  د.وليد الخالدي، "كي لا ننسى"..
التعليقات (0)

خبر عاجل