سياسة عربية

من "الفيتكونغ" إلى "حماس".. كم مرة تفاوضت واشنطن مع من لا تعترف بهم؟

أمريكا لجأت في كافة الحالات إلى التفاوض بعد انسداد الحلول أمامها- ذكاء اصطناعي جروك
أمريكا لجأت في كافة الحالات إلى التفاوض بعد انسداد الحلول أمامها- ذكاء اصطناعي جروك
على الرغم من أن السياسة الأمريكية المعلنة، درجت على مبدأ عدم التفاوض مع الحكومات والجماعات التي تعتبرها معادية أو تضعها ضمن تصنيف "الإرهاب"، فإن العديد من الحالات تاريخيا، قامت فيها واشنطن، باللجوء إلى التفاوض من أجل الوصول إلى أهدافها، وكانت في أغلبها بسبب عدم القدرة على إحداث اختراقات بوسائل أخرى.

ويسلط لقاء المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن آدم بوهلر، مع قيادات رفيعة من حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، لبحث مسألة أسرى من جنود الاحتلال يحملون الجنسية الأمريكية بالإضافة إلى ملف العدوان على القطاع بشكل عام، الضوء على تاريخ الولايات المتحدة في التفاوض مع من تراهم أعداء لها.

وكانت تقارير كشفت أن اللقاءات بين الأمريكان وحركة حماس، تجري منذ كانون ثاني/ يناير الماضي، وطرحت فيها العديد من الأفكار، وأجريت في الغالب دون علم حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو، وهو ما أثار غضب الأخيرة، والذي عبرت عنه مكالمة حادة بين مستشار نتنياهو رون ديرمر وبوهلر.

اظهار أخبار متعلقة


ومثلت هذه المفاوضات بين أمريكا ومن لا تقيم علاقات معهم أو تصنفهم بخانة العداء، نقاط تحول في أغلبها، والوصول إلى نتائج مهمة سواء لصالح إنهاء حروب، أو لتبادل محتجزين.

ونستعرض في التقرير الآتي جانبا من أهم تلك المحطات التاريخية:


المفاوضات مع الفيتكونغ:

على إثر الاستعصاء والخسائر الكبيرة للولايات المتحدة، في حربها على فيتنام، وصمود جبهة التحرير الوطنية "الفيتكونغ"، وشنها هجمات قاتلة مثل هجوم تيت الشهير، لم تجد واشنطن سبيلا للخروج من المأزق هناك سوى بالتفاوض مباشرة معها.

وبدأت المفاوضات الأمريكية المباشرة مع الفيتكونغ، في عام 1968 وحدثت العديد من الجولات رغم العداوة الشديدة والحرب المستمرة، وبعدها بسنوات توجت تلك المفاوضات باتفاقية باريس للسلام.

وأنهت تلك الاتفاقية الحرب المدمرة على فيتنام، والتي في الوقت ذاته كانت كارثية للأمريكان من ناحية عدد القتلى والخسائر، والضغط الداخلي في أمريكا، ونظمت عملية الانسحاب من هناك، والتي أدت بالتزامن مع ذلك إلى بسط جبهة التحرير الوطنية سيطرتها على العاصمة سايغون.

مفاوضات الرهائن مع إيران:
على إثر الثورة التي حدثت في إيران عام 1979 وأطاحت بالشاه رضا بهلوي، تمكن الإيرانيون من احتجاز 52 أمريكيا من بينهم عناصر في المارينز، بعد اقتحامهم مقر السفارة الأمريكية في طهران.

ورغم محاولة الولايات المتحدة، شن عمليات عسكرية لتحريرهم أبرزها مخلب النسر والتي انتهت بكارثة على الجيش الأمريكي، بمقتل القوة التي توجهت لتحريرهم، إلا أنها في النهاية، رضخت للتفاوض المباشر مع الإيرانيين، وكان الوسيط جزائريا.

وبعد مفاوضات سرية، أجريت بين رفيعي المستوى من الأمريكان والإيرانيين، بفيلا مونفيلد بالعاصمة الجزائر، والتي كانت مقر إقامة سفير الولايات المتحدة، تم التوصل إلى اتفاق.

ووفقا للاتفاق، فقد وافقت إيران على إطلاق سراح المحتجزين الأمريكيين، من طاقم السفارة، مقابل رفع واشنطن عقوبات فرضتها على طهران عقب سقوط الشاه، وجرى نقل المحتجزين على متن طائرة إلى الجزائر وتسلمتهم بلادهم من هناك.

المفاوضات مع طالبان:

في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الولايات المتحدة، في أفغانستان، بعد غزو دام 14 عاما، ووقوعها في مصيدة حرب عصابات مريرة، لجأت واشنطن إلى التفاوض مع الطرف الذي أثبت وجوده بقوة في البلاد وهو حركة طالبان.

وبدأت المفاوضات بين أمريكا وطالبان عدوها اللدود في أفغانستان، عام 2018، وتمكنت بعد العديد من الجولات للوصول إلى اتفاق في العاصمة القطرية أطلق عليه اتفاق الدوحة، وكان المفاوض الأمريكي فيه الدبلوماسي السابق زلماي خليل زاد.

وقضى الاتفاق بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، مقابل التزامات أمنية معينة، وبالفعل خرجت القوات الأمريكية بشكل سلس دون استهدافها، في المقابل انهار الجيش والحكومة اللذين ساهمت الولايات المتحدة في تشكيلهما خلال السنوات الماضية، مع خروج آخر جندي أمريكي وسيطرة طالبان على الحكم.

المفاوضات مع كوريا الشمالية

اتسمت العلاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، العدو النووي اللدود لجارتها الجنوبية، بحالة عداء منذ عقود، لكن ذلك، لم يمنع أن يجلس الطرفان على طاولة المفاوضات.

وجرت العديد من جلسات التفاوض بين الأمريكان ونظرائهم الكوريين الشماليين، على مدار العقود الماضية، لحل الكثير من المسائل وتوفير الأمن للجارة الجنوبية، التي قدمت لها واشنطن مظلة نووية وحلفا استراتيجيا وقوات على حدود بيونغيانغ.

وكان أبرز تلك المفاوضات، ما أفضى إلى قمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بين عامين 2018 و2019، واللقاء الشهير على حدود الكوريتين وتخطي ترامب الحد الفاصل ووقوفه داخل الأراضي الكورية الشمالية رسميا رغم العدوان بين الطرفين.

ورغم تلك اللقاء إلى أن المفاوضات لم تصل إلى نتيجة حاسمة وبقيت العلاقات على حالها دون تحقيق تقدم.

المفاوضات مع الحوثيين:

في ظل تصنيف الولايات المتحدة لجماعة "أنصار الله" الحوثيين في اليمن، منظمة إرهابية، أقدمت الولايات المتحدة، بعد سنوات من الحرب بين الحوثيين والسعودية، إلى اللقاء بمسؤولين عنها والتفاوض بشأن وقف لإطلاق النار.

اظهار أخبار متعلقة


وفي عام 2019، أجربت لقاءات بين دبلوماسيين أمريكيين بشكل مباشر مع ممثلين رفيعي المستوى عن جماعة الحوثي، للتوصل إلى تسوية سياسية وإنهاء الحرب في اليمن.

ورغم الوصول إلى هدنة إلا أن المفاوضات لاحقا لم تستكمل، وبقيت الهدنة مستمرة، لكن واشنطن التي رفعت الجماعة من قوائم الإرهاب، أعادتها مرة أخرى، بسبب موقفها المناصر لقطاع غزة وضربها الاحتلال بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
التعليقات (0)