حتى لو لم تعلن قوات
الاحتلال ذلك علناً، فإنها شنّت أكبر عدوان لها في
الضفة الغربية منذ عملية السور الواقي في 2002، وانتقلت أنماط العدوان التي
اتبعتها في
غزة الآن إلى ثلاثة مواقع في الضفة الغربية، بما فيها هدم المنازل
واستخدام القوة الجوية، مع أن الفارق الرئيسي بين المنطقتين أنه في نهاية العملية
الحالية، سيكون هناك من يستلم المسؤولية على الأرض.
أمير بار شالوم، المراسل العسكري لموقع زمن إسرائيل، ذكر أن جيش
الاحتلال الذي أعلن عن توسيع عملية "
الجدار الحديدي" في الضفة الغربية
لتشمل بلدتي طمون وطوباس ومحيطهما، الواقعتين على المنحدرات الشرقية، وداخل غور
الأردن، يعني انتقاله إلى المنطقة الثالثة التي يعمل فيها خلال الشهر الماضي على
نطاق لواء موسع، بعد جنين وطولكرم، مع أن هذا العدوان يجري في نفس الوقت، وفي كل
هذه المناطق، وبدأ حجم القوة العاملة حالياً في الضفة يقترب من حجم تلك التي نشرت
في عملية الدرع الواقي في 2002، عندما عملت فرقة موسعة هناك.
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "توسيع هذه العمليات
يثبت أن الوضع في الضفة متفجر، لأن حجم القوات العاملة هناك يقول كل شيء، فقد نشر
الجيش توثيقاً لانفجار أكثر من عشرة مبان في مدينة جنين في وقت واحد، ويذكّرنا
التصوير الجوي بمشاهد الانفجارات التي شهدها قطاع غزة العام الماضي، وهذا ليس من
قبيل المصادفة، فالجيش ينسخ نمط عملياته من غزة إلى الضفة من حيث القوة، وتشكيل
وعي الفلسطينيين، وفيما بدأ سكان غزة الذين عادوا لشمال القطاع يدركون حجم الدمار
الهائل الذي لحق بهم، فإن الثمن الذي يدفعه أشقاؤهم في الضفة يبدو باهظاً".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن "الزجّ بكل هذه القوات في الضفة يأتي للتغلب على إجراءات
اعتمدتها المقاومة جعلت بعض المناطق لا يستطيع جيش الاحتلال دخولها، من حيث نشر
عشرات الكاميرات، وبناء مقار لجمع المعلومات الاستخبارية عند كل مداخلها ومخارجها،
ووضع عبوات ناسفة تحت الطرق لمنع دخول الجيش، وتركيب أنظمة إنذار في مختلف الأنحاء
تطلق صافرات الإنذار كلما تم اكتشاف دخول قوة منه، وإنشاء مختبرات تطوير
المتفجرات، ومحاولات أولية لتطوير القدرة الصاروخية".
وأوضح أن "الاحتلال أدرك أن هذه الظاهرة المتنامية، اكتسبت زخماً بين
الفلسطينيين، وقد تؤدي في وقت لاحق لمحاولات لتقليد هجوم حماس في السابع من
أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة، مما وجّه أنظار جهاز الأمن الداخلي- الشاباك، لهذه
المناطق، وإحباط خلية من عشرة مسلحين بطولكرم خططت لمثل هذا على مستوطنة تقع على
خط التماس".
ونقل عن مسؤول عسكري كبير في جيش الاحتلال أن "توقيت إطلاق العملية
الواسعة النطاق هو "استغلال نافذة زمنية" حيث لا تحتاج القطاعات الأخرى
لقوات برية في غزة ولبنان اللتين تشهدان وقفا لإطلاق النار، كما كثّف الجيش من
استخدام القوة الجوية، وتنفيذ الاغتيالات عبرها، في جنين وطولكرم وطمّون".
وأوضح أنه "بينما تجلس السلطة الفلسطينية على "السياج"،
تلتزم الصمت، فإنها على النقيض من غزة، عندما تنتهي عملية "الجدار
الحديدي" بعد بضعة أشهر، سيكون هناك من ينقل المسؤولية على الأرض، على الأقل
المدنية، حتى لو كانت السلطة ضعيفة؛ وهناك شكوك إسرائيلية أساسية تجاهها؛ ولو لم
يُرض ذلك الجناح اليميني في الائتلاف، فإن اتفاقات أوسلو ما زالت قائمة وسارية،
رغم محاولة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الإطاحة بها من خلال تجفيف مصادر
تمويلها".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف المسؤول العسكري أن "الجيش لا ينوي إنهاء هذه العملية بالضفة في
أي وقت قريب، بعبارة أخرى، حتى لو لم يعلن ذلك علناً، فقد شرع في أكبر عملية له
بالضفة منذ عملية الدرع الواقي 2002، ولعل اختيار اسم العملية "الجدار
الحديدي"، لم يكن عبثاً، بل مزيج من "السيوف الحديدية" في غزة
2023-2024، و"السور الواقي" 2002-2003، حين سعى الاحتلال لتغيير الوضع
الأمني بشكل جذري، وسحق البنية التحتية للمقاومة التي نشأت في الضفة عقب اندلاع
انتفاضة الأقصى".
وختم بالقول إن "هذه المرة، صحيح أننا أمام خلايا محلية مناطقية،
لكنها تشكل تهديداً كبيراً للمستوطنين في الضفة وخط التماس، والهدف اليوم لعام
2025 هو استعادة قدرة الجيش على العمل بحرية في المدن الفلسطينية، وبعد أن عملت في
السابق ضد السلطة الفلسطينية، فإنها اليوم إلى جانبها".