قضايا وآراء

العقاد.. وحلمه المجهض

هشام عبد الحميد
- عربي21
- عربي21
اختلف كثيرون على الأهمية السينمائية للمخرج السوري الأمريكي مصطفى العقاد، الذي أخرج فيلمه الكبير الرسالة وتبعه بفيلمه المهم عمر المختار أسد الصحراء، فلقد ذهب فريق بأنه مجرد مخرج أفلام دعائية ساذجة، يتم تمويلها بأموال الأنظمة العربية كمنتج منفذ من خلال شركته الأمريكية التي أوجدها لإنتاج أفلام رعب من الدرجة الثالثة، وقد لاقت رواجا لحسن حظه، ولكن هذا لم يغير رأى الفريق الأول فيه.

أما الفريق الثاني فيراه مخرجا حاذقا يعرف من أين تؤكل الكتف، فهو رجل عصامي استطاع تكوين اسم في بلد السينما الولايات المتحدة الأمريكية، وبرغم كل الصعوبات والمحبطات والمنغصات التي واجهته كعربي، لكنه استطاع أن ينجز أول أفلامه، الرسالة، الذي تعرض لمعوقات جمة في تمويله، إلى درجة كادت تهدد بوقف العمل، ولكنه بإرادته وقوة عزمه استطاع أن يخرج بفيلمه الرسالة إلى النور، وبالرغم أن الفيلم لم يحقق الإيرادات المرجوة عالميا، كما كان يحلم العقاد، وبالرغم من أن عددا غير قليل من البلاد العربية منعت عرض الفيلم، إلا أنه أصبح علامة لا تخطئها العين في سيرة المخرج الطموح.

ولم ييأس العقاد واستطاع أن يجد التمويل المناسب من النظام الليبي لتمويل فيلمه عمر المختار أسد الصحراء، وكما قدم في فيلم الرسالة العالمي أنتوني كوين في دور حمزة عم الرسول بالنسخة العالمية، والفنان المصري عبد الله غيث في النسخة العربية، استطاع بكل طموحه أن يتعاون مرة أخرى مع أنتوني كوين لدور عمر المختار، كما استعان بالممثل الفذ أوليفر ريد ليقدم فيلما نضاليا قد لا يحوز الإعجاب العالمي، ولكنه حظي بتقدير عربي على أية حال.

وبالرغم من حالة الفوران الفني والسينمائي الذي مر بها العقاد، لكنه لم يستسلم للخمول الفني في تنفيذ حلم عمره، وهو تقديم سيرة القائد صلاح الدين الأيوبي، فاتفق بالفعل مع السير شون كونري لأداء هذه الشخصية التاريخية وبدأ في رحلة البحث عن التمويل.

وقد جاب العقاد طول البلاد وعرضها، ولم يجد تمويل لحلم عمره، وقد لمس كاتب هذه السطور في مقابلة طويلة مع العقاد في أحد مقاهي لوس أنجلوس حرصه وسعيه المحموم لخروج هذا المشروع للنور.

ولكن كما كان الحال مع الكبير شادي عبد السلام الذي حلم أن يخرج فيلما عن إخناتون بأموال مصرية خالصة، رافضا جميع محاولات الشركات الأجنبية لإنقاذ مشروعه، وللأسف ودع الحياة دون أن يرى مشروعه النور.. وكما رحل المخرج المغربي الكبير عبد الله مصباحي مودعا الحياة حسرة وكمدا على عدم استكمال فيلمه الكبير والمهم "أفغانستان لماذا" الذي حشد له كثير من نجوم العرب والعالم، فكانت نجمتنا الكبيرة المصرية سعاد حسني وكان شون كونري النجم العالمي الإنجليزي وآخرون وفريق عمل وراء الكاميرا على أعلى مستوى، ولكن مع شديد الأسف والأسى لم يستكمل الفيلم لأسباب معلنة ولأسباب خافية أيضا، وظل المخرج متمسكا بأن ينتهي منه برغم مرور سنوات وسنوات، ولكن رحيل المخرج كتب نهاية حزينة لمشروع مهم لم يكتمل..

كذلك ظل العقاد يعاني ويجاهد لإيجاد التمويل، ولكن مع الأسف كانت نهايته المأسوية في انفجار أودي بحياته في أحد الفنادق في الأردن، وقد اختلفت الآراء حول هذا الحادث الأليم الذي أودى بحياة مخرجنا، ولكن كالعادة اختلفت الأسباب والموت واحد.. كما اختلفت الآراء حول قيمته كمخرج، اختلفت الآراء حول ملابسات موته؟

وهكذا يموت الفنان العربي متمسكا بحلمه الذي أتمنى أن يجد من يخرجه للنور.. أطمح وأتمنى.
التعليقات (0)