ملفات وتقارير

"عذاب الوقت الإضافي".. كيف ينتظر أهالي غزة بدء وقف إطلاق النار؟

يترقب أهالي قطاع غزة بقلق شديد الفترة المتبقة لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ- جيتي
يترقب أهالي قطاع غزة بقلق شديد الفترة المتبقة لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ- جيتي
يترقب أهالي قطاع غزة دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التفيذ بشكل رسمي، ظهر الأحد المقبل، لوقف جرائم الإبادة المستمرة منذ أكثر من 15 شهرا، وهو ما سيتيح لهم أخيرا العودة إلى بيوتهم أو حتى أراضيهم التي نزحوا منها أخيرا؛ نظرا للدمار الواسع وعمليات النسف الممنهجة لمختلف التجمعات السكنية.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عمل الاحتلال على تهجير سكان بلدات بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا ومدينة غزة إلى الجزء الجنوبي من القطاع، لما بعد منطقة تعرف باسم "وادي غزة"، ومن بعدها عمل على إنشاء منطقة عسكرية وممر يفصله لجزأين شمالي وجنوبي، أطلق عليه اسم "نيتسريم"، وهو واسم تجمع استيطاني سابق كان يوجد في غزة حتى عام 2005.

ولم يكتف الاحتلال بغزة، بل لاحق النازحين في محافظتي خان يونس ورفح جنوب القطاع وبعض المناطق في محافظات الوسطى، وطالبهم بإخلاء المنطقة لتنفيذ عمليات عسكرية، تزامنا مع استمرار جرائم الإبادة والتجويع والتنكيل بمن تبقى في شمال القطاع.

فرحة مسروقة 
يقول محمد (35 عاما)؛ إنه عمل على تجهيز "تحلاية" لأهله، وهو مصطلح يطلقه الفلسطينيون في قطاع غزة ضمن طقس الاحتفال بمناسبة معينة، ويكون بتناول صنف ما من الحلوى، وذلك في الصباح التالي من يوم إعلان التوصل إلى اتفاق وصفقة.

ويؤكد محمد لـ"عربي21"، إن لم يتنكر أو أنه لا يشعر بتضحيات الناس وحزنهم وألمهم الشديد، قائلا: "أنا نفسي فقدت العديد من أفراد عائلتي وأصدقائي.. تدمر بيتي وخسرت مصدر رزقي ومتجري في مدينة غزة".

ويضيف أن كل هذا لم يمنعه من الشعور بلحظة سعادة وفرحة مؤجلة ومنتظرة تعلن عن انتهاء هذه الإبادة، قائلا: "نحتفل بفشل كسر الشعب الفلسطيني، وبفشل مخطط التهجير الدائم وخطة الجنرالات وغيرها من المصطلحات التي سمعناها كثيرا، وخشينا منها خلال شهور الحرب".

ويكشف أنه لم يجد مكونات تسمح بإعداد صنف "تحلاية" لذيذ، فقرر شراء دجاجتين مجمدتين بعد توفر لحوم الدجاج في الأسواق بسعر معقول، وهذا عقب شهور من غيابها وندرة دخول البضائع والمساعدات بفعل الاحتلال الإسرائيلي.

ويوضح: "صنعنا منها وجبة مشويات، طبعا كل هذا كلّف الكثير من المال، لكن لا مشكلة، وصراحة قررنا سرقة لحظات من الفرحة التي قد لا تدوم ولا تنتهي بحسب ما نتوقع؛ لأن القصف حاليا جنوني ويشبه ما كان يحصل في بداية الحرب، وكل شخص في غزة عاش على الأقل أربع حروب سابقة يتوقع ذلك، ويعرف أن القصف يكون على أشده في اللحظات الأخيرة".

"الوقت بدل الضائع"
أما كامل (29 عاما) فيقول؛ إنه يخشى من اللحظات الأخيرة للحرب، وفي هذه الحالة هي ليست لحظات إنما أيام، موضحا "حتى فرحة الحصول على وقف إطلاق نار فوري حرمونا منها، والآن الكل خايف على نفسه وأهله من هذه الفترة الأخيرة".

ويكشف كامل لـ"عربي21" أنه "يخشى اللحظات الآخيرة عموما، سواء في مجال عمله الرياضي، حيث دائما ما يكون الوقت بدل الضائع مثيرا للقلق"، مشيرا إلى أن "الوقت بدل الضائع حاليا يمثل الأيام القليلة قبل تنفيذ الاتفاق، الخسارة تعني موت أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، أو حتى هدم ما تبقى من البيت، هذه الخسائر في آخر الوقت سيكون ألمها أكبر بعد صبر 15 شهرا".

ويوضح أنه عاش جميع فترات تصاعد العدوان على غزة منذ عام 2008، وأن اللحظات الأخيرة ربما يخاف منها بسبب ذلك، بعدما استشهد عمه في الساعات الأخيرة من تصاعد العدوان على غزة عام 2014، الذي استمر 51 يوما، وجرى استئناف القتال لأيام قليلة سبقها تقريبا أسبوعان من الهدنة قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

"لا أحد يدري عنا"
تقول ديمة (34 عاما)، وهي فلسطينية من غزة تعيش في الخارج؛ إنها كانت رفقة أولادها في مكان للعب الأطفال بإحدى الدولة العربية لحظة الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مضيفة: "كنت أعلم أنه سيتم الإعلان عن مصير الصفقة خلال ساعات ورفضت الخروج، لكن من التوتر الشديد وضجة الأولاد قررت أخذهم إلى الخارج".

وتضيف ديمة لـ"عربي21"، أنها تابعت الإعلان عبر شاشة الهاتف بينما كانت المتاجر والمقاهي من حولها تعرض مباريات كرة القدم، قائلة: "جرى النطق بكلمات: وقف إطلاق النار في قطاع غزة، دون أن يؤثر ذلك بمن حولي، أو حتى ربما أنهم لم يعرفوا أصلا".

وتكشف: "وقتها اتصلت بأفراد عائلتي الذين في غزة.. باركت لهم وتمنيت رؤيتهم على خير قريبا بعد الحرب، ولم أتمالك نفسي وقلت لهم: والله ما حد داري عنا ولا حد تأثر ولا حتى عرف إنه الاتفاق صار".
وتوضح "كل ما أتمناه أن يبقوا بخير، وأنا أنام وأنا غير خائفة من الاستيقاظ على خبر مفجع. الإعلان عن الصفقة وانتظار تطبيقها بعد أيام، عذاب إضافي لكل فلسطيني".

من ناحيتها، تقول عبير عبر صفحتها على منصة فيسبوك"؛ إنها خائفة من الأخبار بشكل عام سواء من حدوث الهدنة أو فشلها، مؤكدة أنها ستبكي إذا فشلت، وستبكي أكثر إذا تحققت، وذلك قبل ساعات من الإعلان القطري بالنجاح في التوصل إلى اتفاق.



وتضيف عبير في منشور آخر: "في حال تمت الهدنة بإذن الله، فليبق فرحنا على خجل، ويجب أن يُفتح أكبر بيت عزاء في العالم، وأقترح أن يكون على امتداد شارع صلاح الدين لكل الشهداء، ولنعلن الحداد العام، ونبكي بكاءنا المؤجل".
التعليقات (0)

خبر عاجل