قضايا وآراء

دور طوفان الأقصى بالهزيمة المنكرة لكامالا هاريس ومعاقبة الحزب الديمقراطي من خلفها!

طه الشريف
"لم تعد تجدي تلك التصريحات الخادعة"- جيتي
"لم تعد تجدي تلك التصريحات الخادعة"- جيتي
لم تكن عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر طوفانا في المنطقة العربية وحدها، بل كانت كذلك في كثير من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حتى رأينا أثرها على الانتخابات الرئاسية وعلى تفكك الكتلة الصلبة للحزب الديمقراطي الذي اعتمد طيلة العقود السابقة على تبني مجموعة من الثوابت والمسلّمات التي راقت لجمهور الحزب وقاعدته الانتخابية، في التعامل مع الملفات الداخلية كقضايا الحريات الشخصية مثل حق الإجهاض والاعتراف بالحقوق الكاملة لمجتمع الميم من المثليين.. إلخ، ولقد اعتمد الحزب كذلك عددا من الثوابت والمسلّمات في التعاطي مع ملفات السياسة الخارجية، وأهمها التأكيد على عدم المساس بالديمقراطية وعلى حق الشعوب في احترام إرادتها!..

وقد ظهرت صهيونية الإدارة الأمريكية برئاسة "جو بايدن" كما لم تظهر من مثيلتها من الإدارات السابقة، ولِمَ لا؟! وقد كانت الإدارة الحالية وهي السادسة والأربعون في تاريخ الولايات المتحدة مَطِيّة لرغبات رئيس وزراء الكيان "بنيامين نتنياهو" ورهنا لإشارته وعونا لمطامعه، بجميع موظفيها على كافة مستوياتهم؛ من الرئيس مرورا بوزراء الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومي ومسؤول دائرة الاتصال بالأمن القومي خدمة لمجموعة المتطرفين من أعضاء حكومة الكابينت الإسرائيلي..

منع الطوفان تلك المنطقة الرمادية التي حاولت الإدارة الأمريكية أن تخدع بها الرأي العام الأمريكي -كعادة الديمقراطيين!- بالوقوف داخلها، ولربما ساعدت شخصية الرئيس الحالي وضعفه أمام ابتزاز اللوبيات الصهيونية في التواطؤ والمساعدة لدولة الاحتلال على ارتكاب تلك المذابح بل وإمداده بكل ما يحلم به وما لا يحلم به من أحدث الأسلحة والذخائر

وظهر واضحا جليا تحول المزاج العام للناخبين من ذوي الأصول العربية والإسلامية واللاتين والسود الأفارقة، بالإضافة إلى عموم المؤمنين بحق الشعب الفلسطيني في الحياة ممن أزعجتهم ضراوة المشاهد وقسوة الأفعال الإجرامية التي تمت، لا أقول بمساعدة ودعم بل بشراكة أمريكية كاملة! تلك المذابح التي نقلتها الكاميرات رغم محاولات التعتيم والتكبيل التي مورست -رئيسة جامعة كولومبيا مع الطلاب نموذجا- بالمخالفة لكل المبادئ التي لطالما تغنّى بها الحزب الديمقراطي..

ولقد حملت تلك الحوادث والأفعال التي تبنّتها الإدارة على ضرورة معاقبة الحزب ومرشحيه -أيّا من كانوا!- بسبب فجاجة التواطؤ وبجاحة الدعم الكاملين من الإدارة الديمقراطية للاحتلال الصهيوني، وذهاب الكثير من تلك الأصوات إلى مرشحة حزب الخضر أو إلى مرشح الحزب الجمهوري الرئيس "دونالد ترامب"..

وقد استمعنا لحديث أحد قادة الجاليات العربية والإسلامية وهو يتكلم عن تجاهل حملة المرشحة الرئاسية "كامالا هاريس" طلبهم الاجتماع بهم لعرض طلباتهم ورؤاهم! في الوقت الذي تفاجأوا فيه بطلب حملة المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" بالجلوس معهم والتفاهم حول مطالبهم، وقد تمت المقابلة ونقلت المحطات الفضائية جلوس قادة ورموز الجاليات العربية والإسلامية بجوار المرشح الجمهوري "ترامب" فوق خشبة مسرح المؤتمر الانتخابي..

منع الطوفان تلك المنطقة الرمادية التي حاولت الإدارة الأمريكية أن تخدع بها الرأي العام الأمريكي -كعادة الديمقراطيين!- بالوقوف داخلها، ولربما ساعدت شخصية الرئيس الحالي وضعفه أمام ابتزاز اللوبيات الصهيونية في التواطؤ والمساعدة لدولة الاحتلال على ارتكاب تلك المذابح بل وإمداده بكل ما يحلم به وما لا يحلم به من أحدث الأسلحة والذخائر، وآخرها قاذفات بي 52 الجبارة، ولم تعد تجدي تلك التصريحات الخادعة من قبيل "نَحُث الحكومة الإسرائيلية على تجنب المزيد من إراقة الدماء" أو "على ضرورة السماح بإدخال المساعدات للفلسطينيين المحاصرين!"..

ولم تكن شخصية "جو بايدن" وحدها محل سخط الناخبين الأمريكيين، بل كانت نائبته "كامالا هاريس" التي لم تبد أي معارضة تُذكر ولم يُسجل لها موقف ترفعه في حملتها الانتخابية من أجل استقطاب الناخبين! بل وقفت خلف رئيسها كتفا بكتف! وهو ما حمل المعارضين لسياسة الإدارة التي تخطت المنطقة الرمادية -كما ذكرنا- على عقاب الحزب ومرشحته بسبب عدم وضوح التوجه الواجب للإدارة إزاء الإبادة الجماعية لأهل غزة، وتجاوز ذلك إلى حد الدعم والمساعدة الكاملة للاحتلال، فأين كانت النائبة "هاريس" ساعتها من تلك المواقف؟!..

كان العقاب لمواقف الإدارة والحزب واجبا، وهو أحد أهم الأسباب التي دفعت الناخبين بالتحول عن التصويت لمرشحة الحزب كائنة من كانت شخصيته! وثمّة أسباب أخرى لتحول الناخبين وهزيمة "كامالا هاريس" وهي كالتالي:

كان العقاب لمواقف الإدارة والحزب واجبا، وهو أحد أهم الأسباب التي دفعت الناخبين بالتحول عن التصويت لمرشحة الحزب كائنة من كانت شخصيته!

تأخر الانسحاب الواجب للرئيس "جو بايدن" وتشبثه بالترشح لولاية ثانية، في مشهد طفولي غاية في الغرابة! رغم ظهوره بالحالة الصحية والذهنية السيئة والتي أحسن المرشح الجمهوري استغلالها في حملاته الانتخابية وفي المناظرة التي جرت بينهما، وكان لها الفضل في ارتفاع مؤشرات عدم الرضى عن بايدن، ونتيجة لذلك فلم تحظ "هاريس" بالوقت الذي تحتاجه في إدارة المعركة الانتخابية..

وتبقى بعض الأسباب الأخرى التي زادت من رجحان كفة "ترامب" وأهمها ملف الاقتصاد والهجرة عبر الحدود؛ تلك التي تهم الناخب الأمريكي نتيجة للأعباء الملقاة على كتف دافعي الضرائب والتي تُضخمُها الآلة الإعلامية للصحافة المملوكة للحزب الجمهوري! بالإضافة إلى فشل الإدارة في التعامل مع كارثة طبيعية بحجم إعصار فلوريدا حتى زادت موجة الغضب والاستياء من ارتخاء الإدارة وتهاونها في التعاطي مع كارثة الإعصار المدمرة، بعكس همَّتها وتفانيها في الحشد والتعبئة من أجل تقديم كافة صور الدعم للاحتلال الصهيوني منذ عام مضى وحتى ساعته وتاريخه..
التعليقات (0)