أفكَار

ما الذي سيتغير مع عودة ترامب؟ مآلات طوفان الأقصى واتجاهات السياسة الأمريكية

إن الأسلوب الذي سيفهمه ترامب ويتفاعل معه بشكل إيجابي لصالح القضية الفلسطينية هو أن يتحول طوفان الأقصى إلى طوفان الأمة.. (الأناضول)
إن الأسلوب الذي سيفهمه ترامب ويتفاعل معه بشكل إيجابي لصالح القضية الفلسطينية هو أن يتحول طوفان الأقصى إلى طوفان الأمة.. (الأناضول)
إن اختيار الأمريكيين بين كامالا هاريس ودونالد ترامب هو خيار بين مقاربتين مختلفين في إدارة الشأن العام الداخلي وتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية، مع اجتماعهما في الثوابت الأمريكية في المجالات الاقتصادية والثقافية الحضارية وفي الفلسفة الحاكمة للمنظومة  الاقتصادية الرأسمالية، ونفوذ اللوبيات الكبرى وعلى رأسها اللوبي الصهيوني.

فكاميلا هاريس هي فرد في منظومة مؤسسية قوية، لم تختر نفسها ولكن اختارتها المؤسسية الراسخة، التي تصرفت في سلوكها وأفكارها وخطابها وقرارتها بعد ترشيحها، وهي المؤسسية التي تحكمها الفلسفة الحضارية الأمريكية الغربية الرأسمالية المهيمنة، بحزبيها الديمقراطي والجمهوري اللذين لم يكن بينهما فروق جوهرية قبل ترامب.

أما دونالد ترامب فقد جاء كنتيجة لمرض هذه المؤسسية الرأسمالية ضمن صعود موجة اليمين المتطرف في الدول الرأسمالية في أوروبا وأمريكا.

كان اليسار سابقا هو المعبر عن الآثار الاجتماعية السلبية للتوجهات الرأسمالية الليبيرالية والنيوليبيرالية، ولكن الجزء الأكبر من اليسار اتجه إلى الوسط منذ منتصف ونهاية التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، واقترب من اليمين بفعل إكراهات السياسة وتحكم اللوبيات المالية وأرباب الشركات العابرة للقارات في قادته الجدد الذين لم يكن لهم رصيد ثوري ونضالي في اليسار التقليدي، وكان توني بلير أبرز قائد يساري دفع إلى تغيير أيديولوجية هذا التيار، ولم تبق إلا أقليات في أقصى اليسار تكافح ضد عقيدة السوق واستغلال الشعوب، تحافظ على توجهاتها التحررية في الجانب الشخصي والعائلي ولكن تكافح كذلك لصالح حركات التحرر من الاحتلال، وقد وجدت في العدوان الاسرائيلي على غزة فضاء واسعا عبرت فيه بقوة مدهشة عن وقوفها مع القضية الفلسطينية ومناهضة الصهيونية فجلبت إليها أصوات العرب والمسلمين رغم الخلافات الأيديولوجية والسلوكية  الكبيرة، وقد برز ذلك بشكل أكثر في فرنسا مع حزب فرنسا الأبية.

عن القضية الفلسطينية سيحاول ترامب أن يضغط على الجميع لإنهاء الحرب ومنع توسعها. وسيكون الأكثر صبرا وقدرة على الصمود، بين الفلسطينين والإسرائيليين، هو الأكثر استفادة من الواقع الجديد، وبلا شك لن يكون الحكام العرب داعمين للفلسطينيين في هذا الشأن.
حينما سيطرت اللوبيات المالية على الساحة الحزبية في أوروبا وأمريكا، وترك اليسار أيديولوجيته العمالية الاجتماعية، أفرزت الرأسمالية المتوحشة تيار اليمين المتطرف الذي لجأت إليه الفئات الشعبية المحبطة من تدهور ظروف المعيشة، غير أن هذا التيار اليميني الصاعد لم يشكك في التوجهات الرأسمالية، ولم يتعب نفسه في  البحث عن بدائل تعالج ديكتاتورية المتحكمين في الثروة وإنما حملوا اللاجئين المسؤولية واتهموهم بسرقة مناصب الشغل من السكان، وتهديد ثقافة البلدان التي أقاموا فيها، وأنهم البيئة التي ينشأ فيها الإرهاب.

حاولت كاميلا هاريس مواجهة خطاب ترامب الذي ركز على طرد المهاجرين غير الشرعيين، باستمالة الأقليات بوعود انتخابية تشبه خطاب اليسار الأوروبي فاقد المصداقية، كمسألة الرعاية الصحية والتحفيزات في مجال السكن، وتعزيز الفرص الاقتصادية للطبقة الوسطى من خلال تخفيف التكاليف الضريبية عن الطبقة الوسطى والدنيا وزيادة الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى  إلى 28% وفق ما ورد في تقرير وكالة بلومبيرغ. غير أن الناخبين في الطبقات المستهدفة لم يصدقوها، كما لم يصبحوا يصدقون يسار أوربا، وعدُّوها خادمة للوبيات المالية وأن وضعهم ازداد سوء في فترة حكم الديمقراطيين.

 لن يستطيع ترامب هو الآخر إصلاح الوضع الاقتصادي في أمريكا أثناء عهدته، سيكتفي بالخطاب الشعبوي والإجراءات التسكينية، وتحميل المهاجرين المسؤولية، وابتزاز الأمم الغنية الضعيفة لأخذ خيراتها وأموالها مقابل المال، وسيطلق العِنان لنفسه في مسألة الاستغلال المفرط للطاقة الأحفورية التقليدية وغير التقليدية دون مراعاة المخاطر البيئية واضطراب الأسعار في السوق الدولية،  فهو ذاته صورة من صور الأزمة الاقتصادية العالمية.

لن يستطيع حل مشكل الاقتصاد الأمريكي لأن المنظومة الرأسمالية نفسها في أزمة مستدامة، يقول عنها العديد من علماء الاقتصاد والاجتماع الغربيين، منهم عالم الاجتماع الأمريكي إيمانويل فالرشتاين، بأنها نهاية منظومة وليست أزمة اعتيادية للمنظومة، وحتى الفلسفة الليبيرالية التي وراء النظام الرأسمالي انتقلت من فلسفة حرية في المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها إلى نمط تفكير لاهوتي، السوق هو بمثابة الإله القوي، وله أنبياء وتوصيات لا يمكن تخطيها، على حد استطلاع رأي العديد من الباحثين في مختلف التخصصات قام به الكاتب الفرنسي ستيفان فوكار، وعبارة إله السوق وعبادة الاستهلاك والشهوات صارت دارجة عند كثير من الفلاسفة في العالم، وما ترامب إلا واحد من أنبياء المنظومة، فهو ذاته ملاحق في قضايا أخلاقية كثيرة كانت ستدخله السجن، ربما، لو لا نجاحه في الانتخابات، كما أنه سياسي تاجر يسوس الشأن العام بالصفقات والابتزاز والاحتيال، وليس له من مبادئ سوى الربح وتعظيم الفائدة.

إن المرجح أن تكون ولاية ترامب الثانية ذات أثر كبير على الوضع الداخلي في أمريكا من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهو يملك الأغلبية في المجلسين ولن تكون له، على الأقل في مدى عامين، كوابح تمنعه من تنفيذ مخططاته.

إن مخططات ترامب تستجيب في الأساس لتيار شعبي عام تشكل على يمين الحزب الجمهوري  يعتبر أصحابه أنهم يمثلون أمريكا الحقيقية، البيضاء  ذات الجذور الأوروبية البروتستانتيّة، على نحو الوصف الذي ذكره صامويل هنتنتن في كتابه "من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأمريكية" الذي صدر عام 2005، وقد تصاعد هذا التيار كرد فعل للتيار التقدمي الذي نشأ على يسار الحزب الديمقراطي والذي مثل صعود باراك أوباما الصورة الأبرز له.

لم يتماسك التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي بعد أن خفت الحلم الأمريكي الذي "يدمج كل الأعراق والديانات والشرائح" منذ أن اتضح بأن باراك أوباما ذاته هو (أو صار) جزء من المؤسسة الأمريكية التقليدية التي تحسن استغلال التنوع لاستمرار بقائها فحسب، كما تعمق التشتت حينما اعتقد الديمقراطيون بأن المؤسسية وما تملكه من أدوات جبارة تعفيهم من الحاجة إلى قائد كارزمي جامع و مقتدر يحافظ على الحلم ويعطي الأمان للجميع والهيبة أمام الآخرين، فكان اختيارهم لجو بايدن مدمرا لهم ثم كان استخلافه بكمالا هاريس أكثر إحباطًا، غير أن ثمة سببين رئيسين آخرين وراء خيبة أمل التقدميين في الحزب وهما الأوضاع المعيشية وجرائم قادة الحزب في غزة، والفوضى الحاصلة في العالم، وتلك هي المعطيات التي استغلها ترامب كما أشرنا إليه سابقا.

ولئن تزعزع تماسك التيار التقدمي الذي نشأ على يسار الحزب الديمقراطي فإن التيار اليميني الشعبوي الذي تشكل على يمين الجمهوريين [والذي كان بروزه الأول مع حركة "حزب شاي" الذي تأسس عام 2008 ] قد وجد شخصا قويا استطاع أن  يجمعه ويحوله إلى ظاهرة فرضت نفسها من خارج المؤسسية الأمريكية وهو دونالد ترامب أو ما يسمى بالظاهرة الترامبية.

ثمة تفاعلات كثيرة غير واضحة العواقب ستحدث في الداخل الأمريكي  في العهدة الثانية لترامب تتداخل فيها طموحات البيض اليمينيين للسيطرة على المؤسسات والقرار في كل المستويات، وطموحات الملونين السود واللاتينيين الذين تتصاعد جرأتهم أكثر فأكثر و الذين سيصبح عددهم الإجمالي قريبا اكثر من عدد البيض، وتفاعلات القضية الفلسطينية وتصاعد فاعلية العرب والمسلمين والأمريكيين الآخرين المتعاطفين معها، والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والمشاكل المعيشية التي لا يظهر لها أفق للحل ضمن هيمنة الرأسمالية المتوحشة التي ستطغى أكثر، والاختلافات القيمية والثقافية التي تتعمق بشكل أبين، والتطورات الدولية التي ستفرض نفسها على أمريكا وتقلص من أثرها وهيمنتها في العالم.

أما عن التطورات الدولية فإن صعود ترامب يجسد موجة متصاعدة في العالم يسميها الفلاسفة ومفكرو العلوم السياسية " الأوليغارشية ـ الديمقراطية" وهي الديمقراطيات المرتكزة على حزب أو شخصية قوية مهيمنة تصعد إلى الحكم بالانتخابات الديمقراطية ولكن تكون متحكمة في القرار دون إشراك فعلي للمواطنين وممثليهم في ذلك، ويعدّون أنظمة القوى الصاعدة من هذا النوع في روسيا والصين والهند وتركيا وإيران على سبيل المثال.

يتحدث  المؤرخ والعالم الأنثروبولوجي الفرنسي إيمانويل تود عن تحلل الديمقراطية الأمريكية، و"نهاية نظام الاستحقاق والانتقال إلى نوع من الأوليغارشية المغلقة التي سدت آفاق الحراك الاجتماعي والارتقاء المهني"، وكما تنبأ هذا الفيلسوف بنهاية الاتحاد السوفياتي فقد تنبأ مجددا بقرب أفول أمريكا،  التي لم يعد فيها، حسبه، فرق بين التسلطية النخبوية الليبيرالية والاستبداد الروسي، وأن ذلك التسلط المتصاعد، لدى الجمهوريين والديمقراطيين، هو الذي سيعمق الأزمات الاقتصادية والفروق الاجتماعية والثقافية مستقبلا في الولايات الأمريكية المتحدة بما يسرع أفولها، وما الجديد الذي يمثله ترامب في هذا الشأن إلا أنه يُظهر حقيقة هذه الأوليغارشية الانتخابية الأمريكية التي يحاول الديمقراطيون إخفاءها.

إن أكبر المتضررين من رجوع ترامب هي دول الاتحاد الأوروبي، وبالذات الأحزاب التقليدية في اليمين واليسار، الذين يرون في ذلك تشجيعا لأحزاب اليمين المتطرف، كما أنه سيتَكشّف لهم بفزع كبير الآن حجم الورطة التي أدخلهم فيها الديمقراطيون الأمريكانيون بشأن الحرب في أوكرانيا. يمثل ترامب توجها مختلفا عن الديمقراطيين في السياسة الخارجية، فهو لا يؤمن بالتحالفات الدولية المستقرة وهو ينتمي إلى حد ما إلى " النزعة الانعزالية" الأمريكية  والتي يمثلها في خطابه شعار "أمريكا أولا". وبالرغم من أن له شركاء في البنتاغون والكونغرس من لا يرون ذلك سيعمل على جعل علاقة أمريكا بالأوروبيين على أساس المساهمات المالية في الحلف الأطلسي  وتقليص ميزانية الدعم الأمريكي بالسلاح لأوكرانيا، وعدم التدخل المباشر في الحروب، وعدم الالتزام بالدفاع المبدئي عن الحلفاء .

بإمكان الدول العربية والإسلامية، لو تعي وترشد، أن تعرف أن العالم سيتجه إلى شكل من التعددية القطبية التي ستزداد فرصها مع الوضع الجديد في أمريكا، وأن تلك مصلحتها وفرصتها، ولكن دون ذلك رؤية وخطط وعزائم ووحدة على تحقيق المصالح المشتركة غير متوفرة للأسف الشديد.
لقد مثل انسحاب أمريكا من أفغانستان في عهد بايدن دون تنسيق مع الأوروبيين مخاوف كثيرة لدى هؤلاء فقرروا الاعتماد على أنفسهم بوضع سياسة  دفاع أوربي مشترك في لقاء بين مؤسساتهم العسكرية في الأسبوع الموالي للانسحاب، ولكن أمريكا أفهمتهم بأن خلفية الانسحاب هو تمتين تحالفات المعسكر الغربي، في مواجهة الصين وروسيا. ولقطع الطريق عليهم ورطتهم في الحرب مع روسيا (ضد مصالحهم)  ليبقوا تحت المظلة الدفاعية الأمريكية.

أما ترامب فإنه سيمثل تهديدا أكبر لهم بسياسته الانعزالية المحمية جغرافيا والتي لا تخضع للتحالفات الإستراتيجية بعيدة المدى كما هو شأن المؤسسية الأمريكية. تحالفاته غير متوقعة التحولات وتقوم في جوهرها على الصفقات الموضعية، غير أن الورطة في أوكرانيا كبيرة وقد يبدأ الأوروبيون بتغيير مقارباتهم في العلاقة مع روسيا وربما في العلاقة بينهم على مستوى الاتحاد الأوروبي.

أما عن الدول الصاعدة دوليا وإقليميا فإنها ستكون بالمجمل سعيدة برجوع ترامب، وذلك بسبب سياسته الانعزالية التي لا تكترث بالأوضاع الداخلية للدول، ولا يهمها الحديث عن الديمقراطية ووضع الأقليات، ولو نفاقا كما هو حال الديمقراطيين، وعليه سيكون الحوار مع ترامب أسهل للبحث عن مصالح مشتركة قريبة الأمد.

ستكون روسيا هي الأكثر سرورا بسبب المشاكل التي سيسببها ترامب في علاقته  بالناتو، واحتمال إنهاء الحرب في أوكرانيا بما يكون أكثر كسبا لبوتين. وبعد بوتين سينظر أردوغان إلى عودة ترامب بالنظر للعلاقة السيئة بينه وبين الديمقراطيين، ولسهولة تواصله معه وعقد صفقات لصالح الطرفين، خصوصا إذا استطاع أن يبعده عن دعم الأكراد كما كان الحال مع المؤسسية الأمريكية في عهد بايدن.

أما بالنسبة لإيران فإن الأمر ملتبس، يصعب لمن يعتمد على المعلوم عن العقلية الترامبية أن يصدق بأن أمريكا ستتورط في الحرب مع إيران كما يأمل نتنياهو، ولكن إن لم يستطع ترامب كبح جماح المجرم نتنياهو ووقف الحرب فإن الاحتمالات تصبح واردة بحسب تطورات الأزمة، وقد تكون عهدة ترامب الثانية هي سبب ميلاد القنبلة النووية الإيرانية، بسبب إمكانية تعثر المفاوضات .

أما الدولة التي ستعتبر أن صعود ترامب يمثل تهديدا لها فهي الصين، من جهة أنه ثمة إجماع عند الخبراء والاستراتيجيين وأصحاب القرار في أمريكا أن الصين هي الخطر الأول والأكبر على الهيمنة الأمريكية، في مجال التجارة والتطور التكنولوجي حاليا وفي مجال الجيوستراتيجي والعسكري لاحقا، ولذلك كل الإجراءات الكبرى التي اتخذت في امريكا هو باتفاق الديمقراطيين والجمهوريين، مثل "قانون الصين" لتمويل الأبحاث العلمية، واتفاقية أوكوس مع المملكة المتحدة البريطانية وأستراليا، واتفاقيات الدفاع المشترك مع اليابان وكوريا الجنوبية وغير ذلك.

ومن جهة أخرى هناك البعد التجاري لشخصية ترامب التي جعلته يشتبك في هذا المجال عدة مرات مع الصينيين في عهدته السابقة، غير أن الصينيين يمكنهم الاطمئنان بعدم تفضيل الساكن الجديد للبيت الأبيض لخيار الحرب بخصوص قضية تايوان، وعليه سيلعب القرب الجغرافي لصالح الصين في هذه القضية، والقادة الصينيون لهم القدرة على المناورة في القضايا التجارية .

أما بخصوص الدول العربية، فإن الأكثر ابتهاجا بصعود ترامب هي المملكة العربية السعودية التي وجدت صعوبات كبيرة في ضبط العلاقة مع الديمقراطيين إلى درجة أنها اتجهت شرقا تجاه روسيا والصين وكادت تقيم ثكنة عسكرية صينية على أرضها، وهي لا تخشى الرئيس الأمريكي الجديد لأنها ستكون مستعدة لتدفع له، ولن يكون عندها مشكل للانضمام إلى قطار التطبيع بحسب مآلات طوفان الأقصى، وستجد الإمارات فرصة لها بعودة ترامب لقيادة المنطقة نحو اتفاقيات أبراهام، وهو لن يحاسبها على علاقاتها المتميزة مع بوتين واعتماد هذا الأخير على الإمارات في الاستيراد واعادة تصدير البضائع الروسية، للتحايل على الحصار  الغربي الأمريكي. أما باقي الدول العربية والإسلامية فستبقى تحت السقف الأمريكي كائنا من كان الذي يحكمها.

غير أنه بإمكان الدول العربية والإسلامية، لو تعي وترشد، أن تعرف أن العالم سيتجه إلى شكل من التعددية القطبية التي ستزداد فرصها مع الوضع الجديد في أمريكا، وأن تلك مصلحتها وفرصتها، ولكن دون ذلك رؤية وخطط وعزائم ووحدة على تحقيق المصالح المشتركة غير متوفرة للأسف الشديد.

وعن القضية الفلسطينية سيحاول ترامب أن يضغط على الجميع لإنهاء الحرب ومنع توسعها. وسيكون الأكثر صبرا وقدرة على الصمود، بين الفلسطينين والإسرائيليين، هو الأكثر استفادة من الواقع الجديد، وبلا شك لن يكون الحكام العرب داعمين للفلسطينيين في هذا الشأن.

وبما أنه لا يمكن أن يطلب من أهل غزة والضفة الغربية أن يقدموا أكثر مما قدموه ولا يمكن أن تتحمل إيران وحلفاؤها في محور المقاومة العبء كله نيابة عن الأمة لدعم فلسطين ولبنان، فإن الأسلوب الذي سيفهمه ترامب ويتفاعل معه بشكل إيجابي لصالح القضية الفلسطينية هو أن يتحول طوفان الأقصى إلى طوفان الأمة، وتنخرط كل القوى الحية في المعركة في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي ومعهم الأحرار في كل القارات للضغط على الحكام المتخاذلين، خصوصا في دول الطوق، ولتعبئة الجماهير في كل مكان ضد الصهيونية وحلفائها، حتى يَفهم ترامب وغيره بأن الكيان الصهيونى صار عبئا على العالم يجب التخلص منه.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم