صحافة دولية

"الجنون النووي": ما هي التهديدات التي تشكلها مناورات الناتو على روسيا؟

القوات الجوفضائية الروسية ستراقب عن كثب مناورات "الظهيرة الصامدة" لحلف الناتو- جيتي
القوات الجوفضائية الروسية ستراقب عن كثب مناورات "الظهيرة الصامدة" لحلف الناتو- جيتي
نشرت صحيفة "إزفستيا" الروسية تقريرًا عن مناورات "الظهيرة الصامدة" التي يُجريها الناتو منذ 14 تشرين الأول/ أكتوبر، وتشمل تنفيذ مهام باستخدام الطيران التابع للحلف لحمل رؤوس نووية أمريكية.

ونقلت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، عن خبراء قولهم إن الكرملين يعتبر هذه التدريبات تصعيدًا للتوتر، رغم أن موقع تنفيذ المناورات قد اختير بحيث لا يمس بشكل مباشر المصالح الاستراتيجية لروسيا. ولكن في الوقت نفسه، يُظهر للحكومة الروسية قوة الناتو المتزايدة في الجناح الشمالي، خاصة بعد انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف.

كم عدد الدول التي ستشارك في التدريبات النووية؟
وأشار المكتب الإعلامي لحلف الناتو إلى أن المناورات النووية السنوية الواسعة النطاق "الظهيرة الصامدة" قد انطلقت في 14 تشرين الأول/ أكتوبر، بمشاركة 2000 عسكري من 13 دولة في الحلف، وأكثر من 60 طائرة.

وأكد الأمين العام للحلف، مارك روته، في تصريح له: "في عالم غير مستقر، من الضروري اختبار دفاعاتنا وتعزيزها حتى يعلم أعداؤنا أن الناتو مستعد وقادر على الرد على أي تهديد". وستستمر المناورات لمدة أسبوعين، وتتضمن التدريبات استخدام الطيران التابع للحلف للترسانة النووية، دون استخدام أسلحة قتالية خلال التدريبات.

وأضاف المكتب الإعلامي أن المناورات الجوية لهذا العام ستكون متركزة بشكل رئيسي فوق الدول المستضيفة، وهي بلجيكا وهولندا، إضافة إلى المجال الجوي فوق الدنمارك والمملكة المتحدة وبحر الشمال. تُجرى هذه التدريبات النووية سنوياً في شهر أكتوبر، ووفقاً للإعلان الصادر في 4 تشرين الأول/ أكتوبر، ستشارك فنلندا للمرة الأولى في هذه المناورات.

وأكد المكتب الإعلامي أن الناتو يتخذ باستمرار خطوات "لضمان مصداقية وفعالية قوات الردع النووي"، مشيرًا إلى اعتماد مقاتلات "إف-35 أ" الجديدة في عام 2024 لتكون صالحة للاستخدام في مهام الردع النووي.

اظهار أخبار متعلقة


تصاعد التوتر بسبب مناورات الناتو
أوضح النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع وعضو مجلس الدوما الروسي، أليكسي جورافليف، في تصريح لصحيفة "إزفيستيا"، أن حلف الناتو يزيد من حدة التوتر دون شك من خلال إجراء تدريبات نووية بالقرب من الحدود الروسية.

وأضاف جورافليف: "من بين المشاركين هذه المرة، ولأول مرة، فنلندا التي حافظت على حيادها لأكثر من نصف قرن. هذا يعني أن الأسلحة النووية الأمريكية سيتم نقلها إلى أراضي هذه الدولة، حيث لم يكن هناك مثل هذه الأسلحة من قبل. نحن نعلم ما الذي حدث سابقاً في إيطاليا وألمانيا وبلجيكا وتركيا، القنابل الجوية الأمريكية التي قيل إنها جُلبت للتخزين المؤقت، ما زالت موجودة هناك حتى الآن. وبالمناسبة، هذه ذخائر مجهزة بوحدات تخطيط يمكن إطلاقها من طائرات الناتو باتجاه روسيا دون الحاجة إلى اختراق حدودنا، مما يزيد من تهديد الهجوم من الجانب الفنلندي بشكل كبير".

وأكد الخبير العسكري دميتري كورنيف أن اختيار منطقة إجراء التدريبات كان له هدف استعراض قدرات الناتو بشكل واضح على الجناح الشمالي. وأوضح قائلاً: "البحر الشمالي يحد المملكة المتحدة، هولندا، الدنمارك، والنرويج، ولا يتعلق بالمصالح الاستراتيجية لروسيا. لكن الناتو قد عزز تواجده الآن في الشمال. أصبحت فنلندا والسويد جزءاً من الحلف، بينما كانت النرويج فقط هي العضو الوحيد سابقاً. لم يتم التحليق فوق منطقة البلطيق، ربما لتجنب إثارة المشاكل".

وأضاف: "بلا شك سنراقب هذه التدريبات. علينا أن نعرف خصمنا، نرى إمكانياته وأخطاءه. من المرجح أن يستخدموا طائرات إف 35 في المناورات، حيث إنها الطائرة الموحدة في الناتو، وبإمكانها حمل القنابل النووية التكتيكية.. على وجه الخصوص، يمكنهم من خلال طائرات إف 35 التدريب على تنفيذ ضربات عبر المياه ضد أهداف برية".

وأضاف كورنيف أنه في نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، ستجري روسيا تدريبات للقوات النووية الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن التحذيرات الملاحية المنشورة تتوقع إطلاقات من بليسيتسك وبحر بارنتس، بالإضافة إلى بعض النشاطات في بحر أوخوتسك.

كما أشار اللواء إيغور كوجين، القائد السابق لسلاح الجو في البحرية الروسية، إلى أن القوات الجوفضائية الروسية ستراقب عن كثب مناورات "الظهيرة الصامدة".

من جانبه، أكد الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين لصحيفة "إزفيستيا" أن هذه التدريبات تشكل خرقاً فادحاً لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، حيث ينص البند الأول منها على أن الدول التي تمتلك أسلحة نووية لا يجوز لها، بشكل مباشر أو غير مباشر، أن تدرب الدول غير النووية على طرق تخزين أو إنتاج أو تشغيل أو استخدام هذه الأسلحة.

وأوضح ليتوفكين قائلاً: "في أوروبا، يوجد حوالي 150 إلى 200 قنبلة نووية أمريكية من طراز بي 61. هذه القنابل موجودة في إيطاليا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، وتركيا. وقد تم تكييف طائرات هذه الدول لتكون قادرة على استخدام هذه الرؤوس الحربية. لكن، بطبيعة الحال، تحتاج هذه الطائرات إلى تدريبات عملية. وبما أن الطائرات ستستخدم نماذج بدلاً من الذخيرة النووية الحقيقية، فستكون هناك عمليات إطلاق صواريخ وقنابل إلكترونية".

وأشار إلى أنه "في ليتوانيا ولاتفيا، هناك قواعد جوية تتمركز فيها هذه الطائرات بشكل دائم وتكون في حالة تأهب. المسافة المباشرة إلى سانت بطرسبورغ هي 200 كيلومتر، وبالنسبة للطائرات المقاتلة متعددة المهام، هذه المسافة تُقطع في خمس دقائق فقط. ويمكن الوصول بسهولة من هناك أيضاً إلى كالينينغراد. لذلك، تشكل هذه التدريبات تهديداً خطيراً لنا".

اظهار أخبار متعلقة


كيف ردت روسيا على التدريبات النووية للناتو؟
أكد الناتو في جميع تصريحاته أن مناورات "الظهيره الصامدة" لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بتغيير العقيدة النووية في روسيا والحديث عن احتمال استخدام الأسلحة النووية. وقال مساعد الأمين العام للناتو، أنغوس لابسلي: "نحن لا نتكيف مع ما يُقال أو لا يُقال. نحن نسعى لردع أي خصوم، وفي المقام الأول روسيا، بوسائل مختلفة، بما في ذلك الردع التقليدي".

وأوضح الناتو أن هذه التدريبات لا ينبغي اعتبارها رد فعل مباشر على العمليات العسكرية الروسية، لكنه أضاف أنها تهدف إلى إرسال إشارة إلى موسكو بأن الحلف مستعد لاستخدام الأسلحة النووية في أسوأ السيناريوهات.

وأشار المتحدث باسم الرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، إلى أن تدريبات الناتو تؤدي إلى تصعيد التوتر، مؤكدًا أن الكرملين يرى ضرورة إجراء محادثات حول الأسلحة النووية، ولكن مع مراعاة الوضع الحالي.

ومن جانبه، صرح رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، ليونيد سلوتسكي، بأن محاولة الناتو تخويف روسيا من خلال استعراض قوته النووية لن تؤدي إلى نتيجة، وقال: "ستكون هناك ردة فعل فورية من روسيا على أي خطوة من الغرب تهدد أمننا القومي".

وأكد الباحث البارز في مركز مشكلات الأمن التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، كونستانتين بلوخين "أن تدريبات الناتو يجب أن تُفهم في سياق استعراض الحلف لقوته النووية أمام روسيا".

وأضاف: "من الواضح أن الغرب يحاول على الأقل خلق انطباع بأنه يرفع الرهانات ويتجه نحو التصعيد، وربما يريد أن يوضح أنه في سبيل الدفاع عن أوكرانيا قد يذهب إلى أبعد ما يمكن، حتى لو كان ذلك يعني حرباً عالمية ثالثة".

ويرى بلوخين أن تدريبات الناتو، وخاصة الولايات المتحدة، قد تكون محاولة لإجبار موسكو على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وقبول الشروط التي يفرضها الغرب بشأن الاستقرار الاستراتيجي، مشيرا إلى محاولات الرئيس الأمريكي جو بايدن للترويج لمحادثات مع موسكو للحد من انتشار الأسلحة النووية أو التوصل إلى اتفاقية جديدة لتعزيز الحد من الأسلحة النووية.

وأوضح أن المحادثات حول اتفاقية جديدة لتعزيز الحد من الأسلحة النووية تواجه عدة قيود: "الأول هو أنه إذا عاد دونالد ترامب إلى السلطة، فإن إمكانية توقيع اتفاقية جديدة من هذا النوع ستكون مستحيلة، حيث يعتبر الجمهوريون مثل هذه المحادثات مع موسكو ضعفًا. هم من انسحبوا من معاهدة الدفاع الصاروخي، وترامب نفسه انسحب من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى".

وأضاف بلوخين: "العامل الثاني مرتبط بالصين. الأمريكيون يرغبون في إشراك بكين في هذه الاتفاقية الثنائية مع روسيا. ولكن الصينيين يقولون إن 90 % من القدرات النووية تتركز لدى الولايات المتحدة وروسيا، وأن الصين قد تنضم إلى مثل هذه الاتفاقية فقط عندما تصبح قدراتها النووية قابلة للمقارنة".

وأوضح بلوخين أن "العامل الثالث يتعلق بروسيا. الولايات المتحدة ترغب في تقييد الأسلحة الروسية الفرط صوتية".
التعليقات (0)