هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمديرة التنفيذية لمنظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" التي أنشأها جمال خاشقجي، سارة لي ويتسون، طالبت فيه إدارة بايدن بكشف ما تعرفه عن جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقالت ويتسن إن هناك كشفين حديثين عن مقتل خاشقجي بما في ذلك أن أربعة أعضاء من فريق الاغتيالات
التابع لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والمعروف باسم "فرقة النمر"، تلقوا
تدريبات شبه عسكرية في أمريكا، وأن مصر متهمة بتقديم السم القاتل الذي استخدم لقتل
خاشقجي، هما مجرد قمة جبل الجليد من المعلومات التي لا تزال مخفية.
وتساءلت: من أيضا من خارج السعودية متورط في هذه الجريمة؟ ماذا
يعرف المسؤولون الأمريكيون، ومتى، عن خطط قتله؟ ماذا تعرف إدارة بايدن أيضا ولا تخبرنا؟
هل سيستجوبون الأمير خالد بن سلمان، السفير السعودي السابق لدى أمريكا ونائب وزير دفاعها
الحالي، خلال لقاءاتهم معه عندما يأتي إلى واشنطن هذا الأسبوع، حول دوره في جريمة القتل،
بما في ذلك السجلات الهاتفية لاتصالاته مع خاشقجي؟
وكان تقرير الأمم المتحدة الذي أعدته المقررة الخاصة المعنية بعمليات
القتل خارج نطاق القانون، أغنيس كالامارد، قد كشف في وقت سابق أن الطائرة التي استخدمها
عدد من أعضاء فريق الاغتيال السعودي توقفت في القاهرة في طريق عودتهم من إسطنبول بعد
مقتل خاشقجي. لكن الدليل على أن الفريق توقف في القاهرة في طريقه إلى جريمة القتل لأخذ
السم لم يظهر إلا هذا الشهر.
وكشف تحقيق أجرته "ياهو نيوز" أن الطائرة توقفت في القاهرة
في طريقها إلى جريمة القتل في إسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، بناء على معلومات
من تطبيق Plane Finder،
وهو تطبيق يتتبع مسار الرحلات من خلال أرقام ذيلها. وكشفت "ياهو نيوز" أيضا
عن بيان المدعي العام السعودي، المسجل في ملاحظات مسؤول تركي من محاكمة الرياض السرية
لأعضاء فريق الاغتيال من المستوى الأدنى، أنهم توقفوا في القاهرة من أجل أخذ السم.
الطائرة نفسها كانت مملوكة لشركة Sky Prime Aviation،
وهي شركة استولى عليها ولي العهد السعودي في عام 2017 وهي مملوكة الآن لصندوق الثروة
السيادي للمملكة، الذي يرأسه. ومن المؤكد أن التوقف في القاهرة يدعم كميات الأدلة على
أن السعوديين خططوا لقتل خاشقجي منذ البداية، على الرغم من أن الجهة التي نسقت تسليم
السم في الحكومة المصرية لا تزال غير معروفة.
نعلم الآن أيضا، بسبب التقارير التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"،
أن مجموعة (تاير1)، وهي شركة مقاولات أمنية أمريكية (يعمل بها مسؤولون عسكريون أمريكيون
سابقون) ومملوكة لشركة الأسهم الخاصة "سيربيروس كابيتال مانجمنت" (التي يعمل
بها حاليا بعض الحلفاء والمسؤولين البارزين في إدارة ترامب) قدموا تدريبات عسكرية،
بموافقة الحكومة الأمريكية، لأربعة من أفراد من فرقة النمر قبل عام واحد فقط من القتل.
قال لويس بريمر، أحد كبار التنفيذيين في شركة "سيربيروس"
والذي كان عضوا في مجلس إدارة "تاير1"، لمجلس الشيوخ العام الماضي خلال جلسة
الاستماع الفاشلة لتأكيد وظيفة في البنتاغون إنه "لم يكن على علم" بأن شركته
دربت أعضاء فرقة الاغتيال، على الرغم من أن أسماءهم كانت معلنة في ذلك الوقت. لكنه
أكد فيما بعد تدريبهم في شهادة مكتوبة أخفتها إدارة ترامب عن الكونغرس، في محاولة واضحة
للتستر أكثر على محمد بن سلمان. كما أن الرئيس التنفيذي لشركة "سيربيروس"،
ستيفن فينبرغ، الذي حاول ترامب أيضا تعيينه في وظيفة استخباراتية رفيعة العام الماضي،
قدم أكثر من 3.2 ملايين دولار إلى لجان العمل السياسي المؤيدة لترامب، وقام مؤخرا بتعيين
المسؤول السابق في إدارة ترامب والمدافع عن السعودية، برايان هوك، نائبا لرئيس شركة
"سيربيروس".
تحدث الرئيس بايدن بشكل مقنع حول محاسبة قتلة خاشقجي، حتى أنه وعد خلال
حملته بإنهاء مبيعات الأسلحة إلى السعودية. ولكن لم ترفض إدارته فقط معاقبة محمد بن
سلمان -المهندس الرئيسي لعملية القتل- واستمرت في بيع الأسلحة تحت اسم "الأسلحة
الدفاعية"، بل يبدو الآن أنها تحجب المعلومات الهامة عن مقتل خاشقجي.
بينما كانت الإدارة تتبجح بالشفافية عندما أصدرت أخيرا ملخصا من صفحتين
لمكتب مدير المخابرات الوطنية يخلص إلى أن محمد بن سلمان أمر بارتكاب الجريمة، إلا
أنها لا تزال ترفض، في دعوى قضائية معلقة ضد مجتمع الاستخبارات، الإفراج عن سجلات وكالة
المخابرات المركزية المتعلقة بالقتل. ويشمل ذلك هويات المسؤولين والتسجيلات الصوتية
للجريمة في القنصلية السعودية في إسطنبول والتي قدمتها لهم المخابرات التركية.
ورفضت الإدارة، في دعوى ثانية، الإفراج عن الوثائق التي طلبتها وكالات
المخابرات الأمريكية بشأن من كان في الحكومة الأمريكية قد يكون على علم بخطط قتل خاشقجي،
وما الذي عرفوه، وما إذا كانوا فكروا في تحذيره. هذا مطلوب بموجب القانون، لأنه كان
مقيما في أمريكا.
من الصعب للغاية تصديق أن المسؤولين الأمريكيين لم يكونوا يراقبون عن
كثب القتلة السعوديين الذين دربتهم أمريكا. كانوا بالتأكيد يراقبون القيادة السعودية
العليا: اعترضت وكالة المخابرات المركزية 11 رسالة عبر واتساب من محمد بن سلمان إلى
كبير مساعديه، سعود القحطاني، الذي دبر مقتل خاشقجي، في الساعات التي سبقت القتل وبعده،
بالإضافة إلى المكالمات التي أجراها أخ ولي العهد، خالد بن سلمان مع خاشقجي ليطلب
منه الذهاب إلى إسطنبول.
ولن تخبرنا إدارة بايدن أيضا بما قد تعرفه وكالة المخابرات المركزية
عن دور مصر، بما في ذلك من قام في الحكومة المصرية بتزويد السعوديين بالمخدرات غير
المشروعة، على الرغم من أنه من الصعب تخيل أن عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية ذات
القبضة الحديدية، لم يعرف ذلك.
من الواضح أن إدارة بايدن ليست مهتمة حقا بتغيير علاقتها بشكل جذري
مع الحكومتين السعودية والمصرية اللتين لا تخضعان للمساءلة، ناهيك عن إنهاء دعمها العسكري
والسياسي لكليهما.
وبغض النظر عن التصريحات العارضة التي تصدر عن وزارة الخارجية حول حقوق
الإنسان والقيم والديمقراطية، فإن الرسالة التي فهمها الطغاة الذين يحكمون هذين البلدين
من واشنطن هي أنهم لا يحتاجون إلى القلق من أن أي شيء سيتغير جذريا. لا تزال أمريكا
تساندهم، بغض النظر عن مدى فظاعة استمرارهم في ترويع مواطنيهم.
لكن إدارة بايدن عليها واجب مطلق لحماية الناس في أمريكا من الهجمات
المستهدفة في الخارج، مثل المؤامرة السعودية لاستدراج خاشقجي من واشنطن إلى إسطنبول
لقتله، ومحاولات أخرى لا حصر لها للتجسس على منتقدي السعودية في أمريكا واختطافهم منذ
ذلك الحين.
نحتاج إلى معرفة ما يعرفه المسؤولون الأمريكيون عن مؤامرة قتل خاشقجي،
ومن هم هؤلاء المسؤولون ولماذا فشلوا في تحذيره. الكثير من هذه المعلومات بالغة الأهمية
بالنسبة للدعوى المدنية التي رفعتها منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي"
ضد محمد بن سلمان والمتآمرين معه على مقتل خاشقجي، وهي إحدى الفرص الأخيرة للمساءلة
القضائية.
نحتاج أيضا إلى معرفة ما تفعله إدارة بايدن لحماية الناس في أمريكا
في الوقت الحالي من الهجمات السعودية والمصرية المستمرة على منتقديهم في الخارج. وهل
ستنهي الإدارة فعليا التدريب المتهور لقوات الأمن للحكومات المسيئة من قبل الجيش الأمريكي
والمتعاقدين الأمريكيين الخاصين؟ ففي بعض الحالات، أدى هذا التدريب إلى مقتل أمريكيين،
مثل هجوم ضابط سلاح الجو السعودي عام 2019 على قاعدة عسكرية أمريكية في فلوريدا والذي
أسفر عن مقتل ثلاثة وإصابة ثمانية. إن الإصرار على حماية أسوأ طغاة الشرق الأوسط ودعمهم
سيعود دائما لإيذاء الأمريكيين أيضا.