الغارديان: لماذا يتدفق المرتزقة السودانيون إلى ليبيا؟

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لكل من جيسون بيرك وزينب محمد صالح، يتحدثان فيه حول وصول المزيد من المرتزقة السودانيين إلى ليبيا، ما يثير مخاوف من حرب طويلة هناك.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المئات من المرتزقة السودانيين انضموا إلى القوات المعارضة للحكومة في طرابلس، ودعما لما يطلق عليه الجيش الوطني الليبي بزعامة أمير الحرب خليفة حفتر، لافتا إلى أن تدفق أعداد كبيرة من المرتزقة السودانيين أثار المخاوف من تحولها لحرب مستعصية في هذا البلد الذي يعيش حربا أهلية منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. 

وينقل الكاتبان عن قادة سودانيين لمجموعات مسلحة ناشطة في ليبيا، قولهم إنهم استقبلوا أعدادا جديدة من المقاتلين لدعم قوات حفتر، التي تشن حملة ضد قوات الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، مشيرين إلى قول زعيم جماعة مسلحة يتمركز في الجنوب الليبي: "وصل عدد كبير من الشباب، وليست لدينا القدرات لاستيعاب مثل هذه الأعداد". 

وتورد الصحيفة نقلا عن القادة، قولهم إن هناك 3 آلاف من المرتزقة السودانيين يقاتلون الآن في ليبيا، وهو عدد أكبر مما تم تقديره في الماضي.

ويلفت التقرير إلى أن لجنة من خبراء الأمم المتحدة أصدرت في بداية الشهر الحالي تقريرا تقول فيه إن التدخل الخارجي يعد تهديدا لاستقرار البلد الذي مزقته الحرب، مشيرا إلى أن التقرير الدولي المكون من 376 صفحة، قال إن وجود الجماعات المسلحة السودانية بات واضحا في عام 2019، وقد يقود إلى حالة واسعة من عدم الاستقرار. 

ويذكر الكاتبان أن ليبيا تعيش وسط نزاع بين حكومة معترف بها دوليا وأخرى في الشرق، وتحظى كل واحدة منهما بدعم أطراف خارجية، مشيرين إلى أن حفتر شن حربا خاطفة على العاصمة طرابلس في نيسان/ أبريل؛ أملا في السيطرة عليها، إلا أنه علق في رمالها، وتحولت الحملة إلى حالة من الاستنزاف، فيقوم كل طرف بقصف الطرف الآخر، وقد أعلن حفتر في بداية هذا الشهر عن التحضير لساعة الصفر والمعركة الحاسمة للدخول إلى العاصمة.

وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي تحظى به جماعة حفتر بدعم فرنسي وروسي وأردني وإماراتي ودول عربية رئيسية أخرى، مثل مصر والسعودية، فإن حكومة الوفاق الوطني تدعمها تركيا وقطر وإيطاليا فقط.
 
وينقل التقرير عن تقرير الأمم المتحدة، قوله إن تركيا والأردن والإمارات قامت وبشكل منظم بخرق الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا، ولم تقم بإخفاء هذا الدعم، لكن "ليس لدى أي من الطرفين القدرات الكافية لحسم نتيجة المعركة لصالحه".

ويقول الكاتبان إن قوات حفتر تعززت قوتها أيضا بوصول مرتزقة من روسيا، مشيرين إلى أن عددا من الجماعات السودانية التي تعمل من داخل ليبيا قاتلت في دارفور في عدد من الحروب ضد حكومة الخرطوم، فقال قائد مجموعة مرتزقة إن عددا من المقاتلين الذين وصلوا إلى ليبيا لديهم خبرة في القتال ضد نظام عمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في نيسان/ أبريل، وقال قائد آخر إن عددا منهم تم تجنيده في السودان، فيما سافر آخرون بأنفسهم للتجنيد. 

وعبر القادة الذين تحدثت معهم الصحيفة عن أملهم بالعودة إلى السودان، لقتال الحكومة الانتقالية التي تم تنصيبها بعد رحيل البشير، وعلق أحدهم قائلا: "أعلم أننا مرتزقة، ولا نقاتل بكرامة وشرف، لكن هذا أمر مؤقت وسنعود بعد نهاية المهمة"، وقال آخر إن المشاركة في الحرب الليبية هي الطريقة الوحيدة للحصول على المصادر الضرورية لمواصلة القتال في السودان، وأضاف أنه لم يتوقع سقوط الديكتاتور العجوز إلا أن نهايته "غيرت المعادلة السياسية"، مشيرا إلى أن الحكومة الانتقالية في الخرطوم لا تختلف عن النظام السابق، و"لا نعتقد أن البشير قد انتهى، ونحن الآن في ليبيا، لكن هناك معارك أخرى تنتظرنا في السودان". 

ويورد التقرير نقلا عن مسؤول بارز في المرتزقة، يقيم في طرابلس، قوله إنه ليس هناك جدول زمني لمغادرة ليبيا، إلا أن أي إقامة فيها تظل مؤقتة، "فنحن هنا من أجل الحصول على قاعدة آمنة والسلاح والمعدات العسكرية اللوجستية الأخرى والعودة إلى السودان".

وينقل الكاتبان عن الخبير في الشؤون الليبية من معهد "كلينغندال" في لاهاي في هولندا، جليل الحرشاوي، قوله إن تدفق المرتزقة قد يكون عاملا مهما لزعزعة الاستقرار على المدى البعيد، وأضاف: "جاء الشباب للحصول على المال، وقد يستغرق الأمر عاما أو عامين أو أكثر، وفي النهاية سيتوقف القتال وسيبدأون في العودة إلى السودان". 

وبحسب الصحيفة، فإن هناك تقارير تتحدث عن نشر عناصر من قوات الدعم السريع للقتال مع حفتر، مشيرة إلى تقرير صدر عن الأمم المتحدة قريبا، تحدث عن قوات تابعة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، تم نشرها في ليبيا في 25 تموز/ يوليو 2019، حيث يعمل المرتزقة السودانيون في التهريب ونشاطات أخرى، وقال قائد إنه ساهم في تهريب المهاجرين الراغبين في الهجرة إلى أوروبا عبر الحدود بين السودان وليبيا.

وينقل التقرير عن الخبير في الشؤون الليبية في معهد "تشاتام هاوس" في لندن، تيم إيتون، قوله إنه من المعروف عن المرتزقة ابتزازهم المال من المهربين والمهاجرين، و"هذه وسائل لرفع (الضريبة) من خلال تسهيل أو إعاقة" التهريب. 

وينوه الكاتبان إلى أن قائدا سودانيا أشار إلى أن المرتزقة السودانيين ساهموا في السيطرة على حقول النفط لصالح قوات حفتر، لافتين إلى أن هذا الادعاء أكدته تقارير للأمم المتحدة التي وثقت مساعدة المرتزقة السودانيين على تأمين حقول النفط. 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول القائد السوداني: "دون مساعدتنا لم يكونوا قادرين على تحريرها، وساهمنا بنسبة 50% من الجهود العسكرية هناك".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)