هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يمثّل العنف موضوعا محفّزا للتفكير الفلسفي والسياسي والاجتماعي لما فيه من المفارقات العديدة، كأن يخلّف أذى عميقا في حياة الأفراد والمجتمعات ويمثّل في الآن نفسه أداة لا بدّ منها لضمان حياة اجتماعية مستقرّة أو كأن يكون مولّدا المفاهيم المختلفة، فتكون ذات غطاء إيديولوجي يبرّر مشروعيته شأن المناداة بـ"العنف الثوري أو "الفوضى الخلاقة" أو تصحب بنيرة تهجين وإدانة كالحديث عن "الوضع العنيف" أو الإفراط في استعمال العنف.
ليست المقاصد ترفًا فقهيًا ولا اجتهادًا فكريًا مستحدثًا، بل هي في الأصل تجلٍّ لعقل الوحي حين يتحوّل إلى نظام حياة، وتعبير عن روح الشريعة حين تتنزّل في سياق العمران البشري وتدبير الاجتماع. من هذا المنطلق، يقدّم الدكتور مصطفى العرفاوي في كتابه "الاستراتيجية المقاصدية الشاملة في العهدين النبوي والراشدي" رؤية تجديدية تحفر في أعماق التجربة الإسلامية التأسيسية لاستخراج عقلها التدبيري، لا من باب الاستذكار التاريخي، بل من زاوية استئناف الوظيفة الحضارية للمقاصد.
يعد كتاب "ثقافة التصلب" محاولة مهمة وجادة لإعادة قراءة المجتمع العراقي، وترتيب المفاهيم التي تعلقت به من جديد وفق آلية رقمية دقيقة. ونحاول هنا في هذه المساحة الموجزة أن نقدم مراجعة مركزة لأبرز ما تضمنه الكتاب، مع تقديم ملاحظات تقييمية شكلية ومنهجية وموضوعية.
يتناول هذا الكتاب موضوعاً مهماً ظل لسنوات طويلة بعيداً عن دائرة الضوء: دور الإسلام والمسلمين في تاريخ العبودية والتمرد في الأمريكيتين. من خلال بحث دقيق وسرد مدعوم بالأدلة، يستعرض الباحث داود عبد الله كيف أسهم العبيد المسلمون القادمون من غرب إفريقيا في إشعال حركات تمرد وثورات ضد نظام العبودية القاسي، مستلهمين في ذلك تراث الجهاد والمقاومة الذي حملوه معهم عبر الأطلسي. ويكشف الكتاب أن الإسلام لم يكن مجرد معتقد شخصي، بل كان قوة ثقافية وسياسية فعالة حافظت على الهوية، وأشعلت جذوة التمرد، وأسهمت في صياغة معالم النضال من أجل الحرية في العالم الجديد.
في مقالة له نشرت في مجلة "فورين بوليسي" حذر أرباتوف الأميركيين من عواقب الإصلاحات الاقتصادية "الكارثية" التي أملتها الولايات المتحدة على روسيا، مع حلفائها في مجموعة السبع وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وسياسة واشنطن تجاه روسيا بشأن "جوارها القريب" أي بلدان أوروبا الشرقية، وما عرف سابقا بالجمهوريات السوفييتية.
النموذج الحديث للقومية العربية ـ وبخاصة بعد عصر النهضة ـ تأثر بنماذج كانت موجودة في أوروبا بوجه خاص؛ من حيث تطور الفكر القومي والوطني في القرن التاسع عشر، وهو نشوء لغات قومية محددة، كانت قد بدأت بالنشوء أو النمو بالقرن الثامن عشر وقبله في السابع عشر، ولكن تطورت في الثامن عشر والتاسع عشر وأصبحت مركز فكر قومي معين.
في تعريف الأمة: كل جماعة يجمعهم أمرًا ما-إمَّا دينٌ واحدُ، أو مكانٌ واحدٌ، أو زمانٌ واحدٌ.وليس يلزم في الأمة أن تكون الجماعة جماعة بشريةٌ، فقد تكون من الطير، ومن الحيوان. جاء في القرآن الكريم: "وما من دابةٍ في الأرض، ولا طائر يطير بجناحيه، إلاَّ أمم أمثالكم..".
يأتي هذا الإصدار في وقت تشتد فيه الحاجة إلى محتوى معرفي موثوق يواجه سيل الروايات المضللة ويغذي وعي الأجيال بالقضية الفلسطينية من منظور موضوعي، عميق، ومبني على أساس تاريخي وميداني موثّق. وقد تم إعداد هذا الكتاب استجابة لطلب من الشيخ الدكتور همّام سعيد، ليكون بمثابة مادة تعليمية مكثفة تصلح للتدريس والتثقيف العام في المؤسسات الأكاديمية والحركية.
أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ترجمة تحليلية مكثفة لدراسة إسرائيلية شاملة تسلّط الضوء على التبعات العميقة التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة داخل دولة الاحتلال، في مجالات قلّما تناولتها التحليلات السابقة، مثل الاقتصاد، وسوق العمل، والرعاية الصحية، والتعليم، والطفولة المبكرة، والديموغرافيا.
في عالم تتداخل فيه الإعلانات بالإيديولوجيا، والتربية بالتوجيه الخفي، والسياسة بالخوف الجماعي، يفتح دانيال بيك، في كتابه "غسيل الأدمغة: تاريخ التحكم في العقول"، نافذة عميقة على التاريخ السري والمؤثر لعمليات التلاعب بالعقول، محذرًا من أن القمع لم يعد بالضرورة يأتي في صورة عنف مباشر، بل عبر التحكم بالتفكير نفسه. من خلال سرد محكم وتحليل نفسي وسياسي دقيق، يكشف المؤلف كيف تتسلل أدوات السيطرة إلى حياتنا اليومية، حتى في المجتمعات التي تدّعي الحرية، ويطرح أسئلة شائكة حول قدرتنا على التمييز بين الحقيقة والخيال، وبين الاختيار الحر والتأثر اللاواعي.
منذ لحظة اندلاع انتفاضة 17 فبراير 2011، وجدت ليبيا نفسها عالقة في دوامة عنف سياسي واجتماعي لم تهدأ، حيث تعثرت آمال التحول الديمقراطي وسرعان ما انقلب الحراك الشعبي إلى صراع دموي متعدد الأطراف. في كتابه "ثلاث سنوات انتقالية دامية"، يرصد الدكتور يوسف شاكير المسار الليبي بعد سقوط نظام العقيد القذافي، متوقفاً عند التحولات العنيفة التي عصفت بالبلاد، وانقسام النخب، وتصاعد التدخلات الخارجية، خصوصاً الأطلسية منها، وما نجم عنها من فوضى أمنية وتفكك اجتماعي. وبين سطور هذا العمل التحليلي، تُطرح الأسئلة الكبرى حول حقيقة "الثورة"، وحدود التغيير، ودور الإسلام السياسي، ومصير بلد تاه بين مطامح الديمقراطية وأشباح التقسيم الأهلي.
لطالما انبنت الأنظمة الاستبدادية على اغتصاب العقل وتشويه عمله. ويكون غسل الدماغ هذا بالوسائل الناعمة عبر الدعاية المباشرة أو المقنعة التي توظف الإعلام والفن والرياضة أو العنيفة التي تسرف أيما إسراف في عنفها. وهذا ما توسعت فيه أعمال فنية عربية كثيرة شأن فيلم "الكرنك" المقتبس عن رواية نجيب محفوظ بالعنوان نفسه.
في كتابه "العقل المحاصر: أنماط التفكير المعيقة لنهضة المجتمع العربي"، يقدم مروان دويري قراءة جريئة ومتعمقة في البنية الفكرية والثقافية السائدة في المجتمعات العربية، محاولاً تفكيك الأنماط الذهنية المتجذرة التي تُكبل إرادة التغيير وتعيق التقدم. يستعرض دويري، من خلال عدسة التحليل النفسي والنظرية المنظومية، كيف تُعيد العقلية العربية إنتاج الانهزام والتبعية، عبر نماذج تفكير تقليدية، مغلقة، تبريرية، وقدرية، تحوّل الإنسان العربي إلى ضحية ساكنة في وجه الظلم والتخلف. هذا الكتاب ليس فقط تشخيصًا نقديًا، بل دعوة حافزة لتحريك المياه الراكدة، وفتح بوابة التفكير الحر في سبيل استنهاض مجتمع ما زال عالقًا بين أمجاد ماضية وأزمات حاضرة.
استأثرت الثورات السياسية باهتمامات بحثية مكثفة من حقول متعددة، لاسيما التاريخ، وعلم الاجتماع، وعلم السياسة. فعلم التاريخ، على سبيل المثال، يعنى بتقديم مادة كثيفة عن وقائع الفعل الثوري، وتجلياته الظاهرة عبر العصور، كما يعنى ببحث تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية في الفعل الثوري، بينما يحاول كل من علم الاجتماع وعلم السياسة التنظير للثورات السياسية، وتفسير بواعثها وشروطها الموضوعية، وذلك بالإفادة مما يقدمه علم التاريخ من معطيات تخص وقائع الفعل الثوري.
ترصد الدراسة اتجاهاً متنامياً بين الدول نحو الاستقلالية الاستراتيجية، عدم الانحياز، والتعاون الانتقائي، في مواجهة الضغوط الجيوسياسية المتزايدة، وتراجع الثقة في المؤسسات الدولية التقليدية.
في زمن اختلطت فيه الشعارات التحررية بالمطامع الإمبريالية، يكشف كتاب "تونس في محك الدعاية النازية الألمانية (1939–1945)" للباحث مراد المولاهي وجهاً آخر من وجوه الصراع الدولي خلال الحرب العالمية الثانية، حيث لم تكن تونس مجرد مستعمرة خاضعة للسيطرة الفرنسية، بل كانت أيضاً هدفاً لدعاية نازية كثيفة حاولت استمالة وجدان المسلمين والعرب تحت لافتة نصرة الإسلام ومناهضة الاستعمار والصهيونية. يعيد هذا العمل، عبر وثائق أرشيفية وشهادات نادرة، قراءة المواقف الوطنية والإقليمية التي تباينت بين الولاء للمحور أو الحلفاء، مسلطاً الضوء على تناقضات الخطاب السياسي التونسي آنذاك، ومُذكّراً بأن التاريخ يُكتب أحياناً بأدوات الدعاية بقدر ما يُكتب بدماء المقاومين.