هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
إن التحركات الأمريكية السياسية والقانونية والاقتصادية ليست بهدف إسقاط النظام بالقوة الناعمة، بقدر ما هي تهدف إلى تغيير سلوكه، ولعل قانون "سيزر" الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد شهرين يؤكد ذلك، فقد منح القانون الرئيس الأمريكي التخفيف من وطأته إذا ما وجد تغيرا في سلوك النظام السوري..
بالرغم من أنّ الأرقام عادة ما تكون الطريق الأقصر والأكثر وضوحاً في التوصل إلى استنتاجات إلاّ أنّها في حالة كوفيد-19 بالتحديد لم تكن كذلك..
الموجة الثانية المتوقعة لتفشي فايروس كوفيد 19 تزيد جهود مكافحة الوباء ارتباكا وتفاقم الضغوط على خطط التعافي الاقتصادية؛ فمحاولات إنعاش الاقتصاد الأمريكي تواجه المزيد من النكسات آخرها تهاوي أسعار النفط إلى ما دون الصفر رغم البرامج والخطط التحفيزية العملاقة..
من المرجّح أن تقتصر موائد الإفطار على أفراد الأسرة الصغيرة، من دون اختلاط بالأقارب والزوار، إن استمرّت الإجراءات الوقائية على حدتها خلال الفترة القادمة، كما أنّ موائد الرحمن الشائعة في العديد من البلدان العربية لإطعام الفقراء والمعوزين قد تواجه المصير ذاته..
تونس بمحدوديّة إمكانياتها وبحكم ما تعانيه من ضغوط الاختلالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، حصاد هشيم سياسات الإصلاح الهيكلي (1986)، وخفض إنفاق الدّولة على مرافق الحماية الاجتماعيّة، على وجه الخصوص بقطاع الصحّة، لم تجد من سبيل غير خفض جناحها لجمعيات المجتمع المدني وقواه الحيّة الناشئة..
إن الانصراف إلى فبركة النكات والطرائف في ظروف شديدة القتامة سلاح معنوي ضروري يخفف من حدة الهلع والجزع التي سادت في جميع البلدان بعد أن تأكد أن الكورونا ساحقة ماحقة، دون أن يعني ذلك الاستخفاف بمخاطرها..
العالم على أبواب كساد بعد أن تبدلت تقديرات صندوق النقد والبنك الدولي بالتحذير من ركود مؤقت نحو الحديث عن أزمة عالمية تشابه أزمة الرهن العقاري 2008 إلى إقرار باحتمال كساد عالمي يشابه ما حدث في العام 1930 أو يفوقه..
إن محاولة الاستبشار بنهاية الرأسمالية بسبب أزمات عابرة في ظل غياب بديل عنها أو محاولة الطعن بها بمثالب جزئية، كالربا المضاعف واستغلال العمال مثلاً، لا يضيرها كثيراً، بل قد تستفيد النظم الرأسمالية من بعض البدائل المعروضة وتتبناه مرحلياً..
إن انهيار النظام الصحي في كثير من الدول وخاصة العظمى والغنية يؤكد مرة أخرى وبصورة فاضحة على هشاشة البعد الأخلاقي في النظام الدولي، وأن ما كان يتشدق به كثير من الزعماء تبين أنه محض افتراء..
لقد سمعنا كثيرا من الأفكار العنصرية الغريبة بدءا بإيطاليا واستنكار أحد ساستها اليمينيين كون الفيروس لا يصيب المهاجرين حتى صارت قوافل الموتى وأعداد المصابين بأعداد لم يعد معها التصنيف العرقي مجديا، مرورا بأمريكا وفرنسا والصين..
بالنسبة للشعب الفلسطيني والوطن العربي أعتقد أن مبادرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القدس وفلسطين والصراع العربي الإسرائيلي المعروفة بـ" صفقة القرن" سقطت نهائيا .. وسيغلق ملفها نهائيا بعد كورونا..
نجاح الصّين في تطويق صدمة كورونا المفاجئة صحّيا واقتصاديّا ومبادرتها إلى مدّ يد العون إلى معظم الدّول المنكوبة، بما فيها أوروبا الجريحة ذات النهج الليبرالي، أسال كثيرا من الحبر حول قرب نهاية النموذج "النيوليبرالي"، مقابل احتفاء البعض بنموذج رأسماليّة الدّولة..
"ظهر فجأة هذا الفيروس الذي يبلغ حجمه 150 نانومتر ليهدد الكرة أرضية، الذي شل حركة العالم، وأكدَّ بما لا يدع مجالا للشك عدم جدوى الأقمار الاصطناعية، والصواريخ، والأسلحة النووية، والطائرات النفاثة، والبنوك والبورصات، والشركات العابرة للقارات".
اليوم ونحن في أواسط نيسان (أبريل) 2020 تتداولون هذه الحقائق العجيبة على وسائل التواصل الاجتماعي وتتقاسمونها وكأنكم مثلي أنا تشمتون في نظام عالمي جائر ينهار بعد أن قيل أنه عالمي، وهو ليس عالميا ولا يحزنون، بل نظام فرضه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية على أعدائهم ..
يمارس بنو البشر التنكيت وصوغ الطرف في لحظات الخوف، كسلاح للتغلب والانتصار عليه، والدعابة وإن بدت هزلا وهذرا وعبثا، هي وسيلة الإنسان للهرب من المخاوف، والهرب هنا غير النكران والإنكار، وهو الخيار الأفضل مقابل الاستسلام للأفكار السوداء واليأس..
السؤال المطروح في النهاية: ماذا سيغلّب الإنسان: الحرص على النفوس أم استمرار عجلة الإنتاج؟ تقديري أنه سيغلب المصالح الاقتصادية. لكن نرجو أن يتم تطوير أمصال ولقاحات سريعا ليرتاح العالم من شرين وهما: شر كورونا وشر الرأسمالية الليبرالية..